زهير السراج

تأليه مجلس السيادة !!


* هل يعقل أن نترك أي شخص او جهاز في الدولة، مهما علا شأنه، بدون رقابة او محاسبة، وكأننا نقول له افعل ما بدا لك وارتكب ما تريد من أخطاء، فلا يحق لنا مراقبتك ومحاسبتك أيها القديس النزيه والملاك الطاهر، والنبي الذى لا ينطق عن الهوى ؟!

* للأسف هذا هو الوضع الذى وهبته الوثيقة الدستورية الانتقالية لمجلس السيادة، إذ لم تنص على أية جهة تتولى الرقابة على اعماله ومحاسبته، وكان من المفترض أن توكل هذه المهمة للمجلس التشريعي (أو من ينوب عنه إلى حين تكوينه)، إلا أن ذلك لم يحدث، ولا أدرى هل كان ذلك عمدا أم سهوا أم تقديسا وتأليها له، أم ماذا. على كل حال ومهما كانت الإجابة، فلن يعفى ذلك الذين وضعوا الوثيقة من مغبة هذا الخطأ الفادح وضرورة تصحيحه قبل التوقيع النهائي عليها، إلا إذا كان المجلس في نظرهم إلها منزها عن ارتكاب الأخطاء، لا تجوز مراقبته ومحاسبته.

* لكى لا أُتهم بالتجني على أحد أو إطلاق الكلام على عواهنه، فلقد أعطت المادة (24 ) من الوثيقة (اختصاصات المجلس التشريعي وسلطاته ومدته)، سلطة مراقبة أداء مجلس الوزراء ومساءلته ومحاسبته وسحب الثقة منه او من أحد اعضائه للمجلس التشريعي الانتقالي، ولكنها لم تشر إلى أية سلطة رقابية أو حسابية له (أو لأية جهة أخرى) على مجلس السيادة أو سحب الثقة منه أو من أحد أعضائه، ولم يرد ذلك في أي مكان آخر في الوثيقة، كما لم تشر لأية علاقة للمجلس التشريعي بمجلس السيادة في هذا الجانب سوى منح الأول (المجلس التشريعي) سلطة ترشيح البديل إذا فقد احد الأعضاء المدنيين في مجلس السيادة عضويته، على أن يعتمده مجلس السيادة (المادة 13)، وحسب هذه المادة فإن فقدان العضوية يحدث بالأسباب المعروفة (الاستقالة، الوفاة، الإدانة القضائية النهائية في جريمة تخل بالشرف ..إلخ) ولكن ليس من بينها إسقاط أو سحب الثقة أو العضوية من المجلس أو أحد أعضائه).

* باختصار شديد .. تركت الوثيقة الدستورية مجلس السيادة بدون سلطة رقابة أو محاسبة، وهو تقصير واضح وخطأ معيب لا بد من تصحيحه قبل التوقيع النهائي، إلا إذا كان القصد تحصين مجلس السيادة من المراقبة والمحاسبة، خاصة مع السلطات الواسعة الممنوحة له على القوات المسلحة، وأخشى ان يكون قد حدث ذلك لإرضاء المجلس العسكري، وأن يؤدى لفتح الباب واسعا للتجاوزات وارتكاب الأخطاء والهروب من الحساب في المستقبل!!

* خطأ آخر: لم يرد في الوثيقة الدستورية أي نص عن الجهة التي لديها سلطة تعديلها والكيفية التي يحدث بها ذلك، ولو سلمنا جدلا بان سلطة الاختصاص هي المجلس التشريعي الانتقالي (أو من ينوب عنه قبل تكوينه)، فلا يجوز الإشارة إليها تعميما ضمن تشريعات اخرى، وكان لا بد من النص عليها بوضوح في بند منفصل .. وأنا أتحدث هنا عن دستور دولة وليس لائحة نادى خيرى أو رياضي، كما أن الوثيقة لم تحتوِ على تعريف واضح لقوى اعلان الحرية والتغيير التي اختصتها ببعض السلطات والمهام، وهو ما يمكن أن يؤدى الى حدوث مشاكل بسبب الطبيعة المؤقتة لهذا التحالف والتغيرات والانسحابات التي تحدث بداخله من حين لآخر.

* لا أفهم كيف وقعت هذه الأخطاء الفادحة في جوانب مهمة جدا، وكيف يُترك شخص أو جهة في الدولة بدون سلطة رقابة او محاسبة، إلا إذا كنا لا نزال في نظام شمولي دكتاتوري، أو أن هذا الشخص أو الجهة (إله) لا يجب أن يخضع لسلطة البشر !!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة


تعليق واحد

  1. والله يا زهير اللي يسمع يقول خبير في القانون الدستوري يا سعادة الباشا … تبا لزمن يتطاول فيه امثالك من الذين يكتبون من اجل الكتابة .. وهل لنا ان نضع كل من يعمل من اجل الوطن تحت مبدا التخوين والعقاب له بمجرد ان يتولى منصب سواء كان دستوريا او دون ذلك … واعلم يا ايها المتفيقة ان الوثيقية قد نصت صراحة انم كل السودانيين امام القانون سواء اي (no one above the law) لذا عندما يخطا اي احد يمكن للمتضرر ان يلجا للقضاء وعندها ترفع الحصانة .