رأي ومقالات

التعايشي: علينا إعمال مبادئ الاعتراف والاعتذار والتسامح في العمل العام فكلنا نحب وطننا


في خطاب بعث به إلى توماس ميرسر، قال الفيلسوف ورجل الدولة الأنجلو أيرلندي إدموند بورك، “إن الشيء الوحيد الضروري لانتصار الشر هو ألا يفعل الأخيار شيئاً.” لقد أستطعنا بفعل النساء والرجال الأخيار الذين قاموا بواجباتهم—ولا يزالون—أن نثبت لأنفسنا قبل العالم بأننا قادرون على أن نخطو نحو المستقبل رغم الظلام السياسي الدامس الذي كنّا فيه لثلاثة عقود.
فالشيء الوحيد الذي كان سيجعل ذلك الظلام مستمراً هو عدم تحركنا.

لقد أتاحت ثورة ديسمبر الظافرة، التي وحدتنا وفجرت طاقاتنا، فرصة عظيمة لهذا الجيل لتحديد أجندة التأسيس لبلادنا واستحقاقاته التي يجب أن ندفعها جميعاً، كما ظللنا نفعل طوال الأشهر الثمانية الماضية. هذه الفرصة المتاحة أمامنا الآن ربما لا تتكرر في جيلنا هذا، لأن الفرص التاريخية العظيمة غالباً ما لا تأتي إلا مرة واحدة في كل جيل. فهل نحن على قدر المسؤولية والتحدي؟

هنالك قضايا عديدة نحن بحاجة للعمل معاً من أجل مخاطبتها إن أردنا تحمل المسؤولية ومواجهة التحدي بذات الروح التي واجهنا بها الظلام السياسي الدامس فانتصرنا.

من أهم هذه القضايا وأولاها قضية السلام واستحقاقاته. إن إيقاف الحروب الدائرة في أطراف السودان هو شرط لازم للتأسيس، لأنه لا توجد أمة تتقدم إلى الأمام وأطرافها تحترق بالحروب.
وثانية هذه القضايا هي قضية وضع أسس قيمية وأخلاقية للوظيفة العامة في بلادنا، لأن القوانين وحدها لا تكفي لصلاح الإنسان والمجتمع.
وثالثة هذه القضايا هي تعزيز الثقة وروح الابتكار عند الأجيال التي صنعت ثورة ديسمبر المجيدة وتهيئة وإتاحة الفرص أمامها لمزيد من العطاء والابتكار.
لقد قامت المرأة السودانية بدور طليعي في قيادة الثورة والمساهمة فيها، وعلى المجتمع الأعتراف بثورتها التي هي في الحقيقة إمتداد لأدوارها التاريخية التي نعرفها جميعاً. إن هذا الدور ينبغي أن نعمل جميعاً من أجل ضمان استمراريته بوجود المرأة في مؤسسات الدولة والمجتمع.

وأخيراً، علينا إعمال مبادئ الاعتراف والاعتذار والتسامح في العمل العام. فكلنا نحب وطننا ونجتهد من أجل ما نرى فيه الخير والصلاح. قد نصيب في ذلك وقد نخطئ، وقد يشتد ويحتد النقاش بيننا. ولكيما يستمر الإخاء والتعاون بيننا علينا الاعتذار اذا تبين لنا أننا أخطأنا، وعلينا المسامحة إذا أخطأ من خالفنا بالرأي أو العمل.

لقد شهدنا في الأيام الخالية جدالاً حاداً كان دائراً حول من هو الأصلح لعضوية المجلس السيادي، أصطفت فيه طائفة بجانبي وحدث تراشقٌ بالكلمات وغلظة في القول. فلمن أصابته من جانبنا كلمات الاعتذار منا، ولهم العتبى حتى يرضوا. فكلنا نحب بلادنا وكلنا ندين لها بالولاء.

بقلم
محمد حسن التعايشي