رأي ومقالات

الترابي من منظور مابعد كلونيالي


الترابي من منظور مابعد كلونيالي
يعانى الترابي السيرة والنص نوعين من القراءة والتأويل

اولا: القراءة الفقهية التى تصر على اختزاله فى بعد واحد من أبعاد شخصيته المتعددة ، وتقدمه كفقيه مجدد فى حقل الاسلاميات ، رغم صحة هذا الوصف للترابى الا إننى أراه الجانب العادى من شخصية الشيخ ، الجانب الذى لا يتطلب الاهتمام الزائد والدراسة المقمعة حيث يستطيع اى شخص من تلامذته تعويضه المجذوب مثلآ ، هذه القراءة للترابي صنعوها تلامذته من الاسلاميين وهى محل احتفاء واسع من السلفيين باعتبار انها قراءة تمكنهم من النيل من الشيخ من داخل تقاليد المنظومة الفقهية.

ثانيآ: المقاربة السياسوية لسيرة الشيخ وهى مقاربة تقدم الترابي كسياسي سودانى مثله مثل الصادق المهدى ورجل دولة مثله مثل المحجوب وقائد حزب انقلابى كما هو حال عبد الخالق محجوب ، هذه المقاربة تفتح الباب واسعآ للعادين من الساسة والصحفيين اصحاب القدرات الاتحادوية للخوض فى سيرة الشيخ من موقع المعرفة بما هو سياسي ، وفى نظرى هذه الصورة السياسوية للشيخ تمت صناعتها بكثافة من قبل مثقفى تيار الوسط ، حتى يتمكنو من تناول سيرته بيسر خصوصآ لايستطيعون تناوله خارج ماهو سياسي يومى.

بالنسبة لى هناك زاوية نظر مهملة فى فحص شخصية الشيخ وهى زاوية النظر مابعد الكلونيالية ، الزاوية التى تمكننا من تناول سيرة الشيخ من موقع موقفه المعرفى والايديولجي والسياسي من الاستعمار مثلآ:

الترابى الافندى المضاد بتعبير استاذنا وصديقنا عمسيب الافندىد خريج أعتى المؤسسات التعليمية الاستعمارية ابتدأ من جامعة الخرطوم وليس انتهاء بجامعة السوربون والمؤسستين من اهم الكنائس المبشرة بلاهوت التهجين الكلونيالي إلا أن الشيخ عليه رضوان الله أعاد توظيف معرفة الاخضاع والتدجين كمعرفة تحرر من الاستعمار ، نجده فى اغلب كتاباته يتناول الفلسفة الغربية ناقدآ لها من منصات تقليد خطابى منفك عن شروطها مثلآ نقد غياب البعد المعنوي فى التفلسف الاوربى وهذا النقد نتلاقى فى نصف الطريق مع المسألة ما بعد الحديثة للاداتية التى انتجتها الحداثة الأوربية والفرق بينهما ان الشيخ يتعاطى مع الأمر منطلقآ من أرضية تفلسف وحجاج مسنودة بترسانة معرفية قوامها 14 قرن من الكتابة والتفكير فى السياق الاسلامي.

اللغة :
الترابي من أوائل المثقفين الشرقيين الذين فهمو أن اللغة ليست مجرد ماعون محائد لنقل وتداول الأفكار بل هى معمل الأفكار الاهم بما تحمله من حمولات انطلوجية وثقافوية وتحيزات ايديولجية ، لذلك فطن الشيخ لهذه المسألة الحساسة فعمل على مقاومة المد اللغوى الاستعماري واحد أهم انجازاته فى هذا المضمار ، تعريب مناهج التعليم في السودان.

التأصيل :
معرفيآ ايضآ عمل الترابى على ايقاف التبعية العمياء للغرب من خلال اعادة التفكير فى،المصطلحات والمفاهيم الغربية التى،أضحت رائجة بدرجة،جعلت منها بديهيات كمصطلح الديمقراطية مثلآ. ، قام الترابي باعادة التفكير في هذه المفهومات من داخل الشرط المحلى وموظفآ لمفهوم التاصيل (التبيئة) مجردآ للمفاهيم من اى حمولة ثقافية.

النسوية البديلة:
بالامس تحدثت عن اشتغال الشيخ على أنتاج نموذج بديل للفلسفة النسوية انطلاقآ من الشرط الاجتماعى والديني المحلى فكان كتابه المهم المرأة بين أصول الدين وتقاليد المجتمع.

الفيدرالية :
فهم الشيخ رضوان عليه ان استمرار الهيمنة الاستعمارية مرتبط وبشكل كبير باستمرار النظام السياسى الذي كان المستعمر يستخدمه في السيطرة على السودانيين وهو نظام الأقاليم والسلطة المركزية ، فعمل رضوان الله عنه على تفكيك هذه التركة عبر تطبيق الفيدرالية كنظام للإدارة للحكم فى السودان.

ضرب القوى الارثية:
أحد أهم إنجازات الشيخ هو ضربه لمراكز القوى الارثية عندما طلب ابناء الريف لمراكز السلطة حكامآ فى بلد محكومة طيلة عصرها الوطنى عبر ورثة الدولة الاستعمارية المتمثلين في عائلات ، ايضآ هناك محاولات الشيخ لتجاوز النموذج التنموي الارثي وذلك عبر مصادرة أملاك القوى الارثية وتمكين الإخوان من اقتصاد الدولة.

بقلم
معمر موسى محمد


‫2 تعليقات

  1. طيب انت وكت منبهر كدا بي شيخك كنت تستبدل كلمة كلونيالي دي بما يقابلها بالعربي
    هذا لو كنت فعلا تلميذا نجيبا مقدرا ومحترما لمعرفة استاذك الذي زعمت انه كان الافندي المضاد
    ولكن اسمح لي بالاختلاف معك في زعمك ان شيخك كان منعتقا من الاستعمار والكلونيالية فشيخك يا استاذي مثالا وانموذجا مثاليا على العقول المدجنة والمعارف المشوهة التي نجح الغرب في تلميعها وتصديرها ودليلي على ذلك كل ما قدمه الرجل في مضمار الفقه بعد ان تسور جداره من غير اهلية