الطاهر ساتي

الحرية المطلقة!!


:: هي فتنة أخرى، وهي من مخلفات مناخ النظام المخلوع، ما بين البني عامر والنوبة.. موتى وجرحى وحرق منازل.. وكالعهد بهم عقب كل مجزرة، وبعد دفن الضحايا، يزعمون سادة الأجهزة الشرطية والأمنية بأن الوضع (تحت السيطرة)، لحين اشتعال آخر، ببورتسودان ذاتها أو بمنطقة أخرى من كل مناطق السودان الموعودة بهذا النوع من الاشتعال، ما لم يتم تأسيس دولة القانون (عاجلا).

 

:: ولكي لا تنسوا، وعلى سبيل المثال، قبل اشتعال الفتنة بين النوبة والبني عامر، كانت قد اشتعلت بين المعاليا والرزيقات.. ثم بين الجموعية والهواوير بالخرطوم، أي تحت سمع وبصر سكان القصر الرئاسي.. وبالقضارف أيضا.. و.. لا جديد حتى في الحيثيات والدوافع.. هي ذات الدوافع الراسخة في عقول كل قبائل السودان منذ الاستقلال.. إن لم تكن الأرض، فهي المرأة، وليس هناك أي دافع آخر للاقتتال.

 

:: فالدول ذات الأنظمة الراشدة هي التي تحتكر العنف بواسطة جيشها (فقط لاغير)، وتستخدمه ضد العدو (فقط لا غير)، لينعم الشعب بالسلام والقانون.. ولكن ظل نهج النظام المخلوع يوزع ثقافة العنف للناس في الطرقات، ولذلك يحدث كل هذا التطاحن القبلي.. فالمناخ العام كان يُغري من يشاء ليفعل ما يشاء.. ويوميا كنا نقترب خطوة إلى الغابة وقانونها.. وحدثتهم – في ذات معركة قبلية – عن تجربة مارينا.

 

:: ومارينا فنانة صربية ذات ثقافة وحياة ثرة بالتجارب الإنسانية.. ومن تجاربها، مغامرة أرادت بها اختبار سلوك البشر في حال منحهم الحرية المطلقة في اتخاذ القرار.. قررت مارينا الوقوف على طاولة في مكان عام بلا حراك، أي كما التمثال.. وكانت قد وضعت على الطاولة بعض السكاكين والأزاهير والعصي والحلوى وأكواب ماء ومسدسا وأشياء أخرى.. عند ساعة الوقوف الأولى، لم تثر وقفتها انتباهة المارة، ولم يسألها أحد عن أسباب وقوفها بلا حراك!!

 

:: ولكن بعد ساعة أخرى، أثارت وفقة مارينا الساكنة انتباهة المارة.. ثم توالت ردود الأفعال.. وضع أحدهم زهرة بين أصابعها، ولم تتحرك.. وجاء آخر ووضع قطعة حلوى بين شفتيها، فلم تمضغها.. هكذا كانت ردود أفعال الناس طوال ثلاث ساعات الوقوف الأولى.. ردود أفعال إيجابية وسلمية وإنسانية راغبة في مساعدتها.. ولكن، لم يستمر هذا الوضع طويلاً.. إذ شرعت الجماهير في إظهار ردود أفعال أخرى.

 

:: أشهر أحدهم المسدس في وجهها.. ثم وضع المسدس على رأسها، ولكن تدخل البعض وأبعدوا المسدس. وجاء آخر بسكين، ومزق ملابسها حتى تعرت، فلم تتحرك.. وبعد التعري، تحرشوا بها باللمس في مناطق حساسة من جسدها ولم تتحرك مارينا.. ولكنها أدمعت.. ولم تمنعهم دموعها عن التمادي في التحرش وإظهار السلوك العدواني.. وعند الساعة السادسة، تحركت مارينا من مكانها، فهرب الجميع.

 

:: (البشر الذين نلتقيهم يوميا، ونتعامل معهم دائما في حياتنا، مهما اختلفت أعراقهم وثقافاتهم وأعمارهم، فلهم القدرة والرغبة في ارتكاب الأخطاء والجرائم وإظهار السلوك العدواني، ولكن فقط في حال أن يجدوا من يتيح لهم الفرصة)، هكذا لخصت مارينا تجربتها المدهشة.. وكما مارينا، تتيح الدول لشعوبها فرص ارتكاب الجرائم.. غياب مؤسسات الدولة وقانونها هو الفرصة الذهبية لارتكاب كل أنواع الجرائم، بما فيها أخذ الحقوق بالأيدي.

 

 

إليكم… الطاهر ساتي

 

 

 

 

السوداني

 

 

 


‫2 تعليقات

  1. لا ترمي أخطاء نفسك في الغير انتم من طلبتم الحريه المطلقه وعملتم حمله شعواء ضد الاجهزه الامنيه و الشرطيه وانتم من سعى لتضعيف صلاحيات جهاز الأمن و تغير مسمياه لجهاز مخابرات يعني بجمع معلومات فقط دون التدخل في الشأن الداخلي..ضربني و بكاء سبقني واشتكى الله المستعان و الجاي أعظم إذا ماتم احترامكم للقوات النظامية و نظرة الدونيه و الاستعلاء من قبلكم وماف أمن ماف تنميه و نهضه

    1. كلامك سليم مائة بالمائة
      وإستغرب لماذا تمت إقالة مدير الأمن بالولاية طالما أن دور الجهاز أصبح لجمع المعلومات فقط