تحقيقات وتقارير

حكومة السودان الجديدة .. لا مجال لالتقاط الأنفاس

ما يزال العالم ينظر بعين فاحصة ودقيقة لتطورات الأوضاع في السودان، بدافع الدهشة والإثارة والانبهار والإعجاب من الانتقال الذي يعيشه السودانيون وهم يعزفون إيقاعات رفضهم للماضي بسلمية راقية، أو تارة أخرى بدافع البحث عن موطئ قدم، فالسودان بات مؤخراً أرض الميعاد..

ليموند الفرنسية
قالت لوموند الفرنسية إن أمام رئيس الوزراء السوداني الجديد ستة أشهر لفرض نفسه على الجنرالات، وإعادة هيكلة الاقتصاد وإقامة السلام مع الجماعات المسلحة.

وأبرزت الصحيفة أن حكومة عبد الله حمدوك لا يمكنها أن تستفيد من فترة سماح تلتقط فيها أنفاسها، في ظل ما ينتظرها من قضايا لا تحتمل التأخير لأنها صمام ضمان استقرار السودان بعد انتهاء دكتاتورية الجنرال عمر البشير.
ولفتت إلى أن حمدوك لم يسم بعد أعضاء حكومته التي ينبغي أن تعقد أول اجتماعاتها يوم 31 أغسطس، كما أنه لم يجد وقتاً للاستمتاع بكونه أول رئيس وزراء مدني للبلاد منذ ثلاثين عاماً.
بل إن عليه -وفق الصحيفة- أن يبدأ فوراً في التصدي لقضايا على عدة جبهات يمكن التنبؤ بها، وأن يكون جاهزاً لمواجهة قضايا على جبهات أخرى غير متوقعة وقد تكون نذير شؤم.

المال المطلوب؟
بحسب الصحيفة الفرنسية فإن أول ما ينبغي لحمدوك أن يعمله أن يجد المال ليخرج السودان من أزمة اقتصادية كانت شدتها عاملاً رئيسياً في سقوط البشير في إبريل الماضي.
لهذا، فإن هذا الخبير الاقتصادي المحترم -حسب لوموند- ما فتئ منذ عدة أيام يكرر أنه لا بد من الحصول على ثمانية مليارات دولار، على أن يصل منها ملياران في غضون ثلاثة أشهر لإنهاء خطر النقص الحاصل في المؤن.
ورأت الصحيفة أن هذا الهدف بصيغته الحالية لا يبدو بعيد المنال، إذ من المحتمل أن تؤدي العودة السريعة بالأمور إلى الهدوء، وكذلك رفع العقوبات الأمريكية المفروضة منذ مدة إلى فتح الباب أمام تطوير خطة إنقاذ دولية لصالح القطاع المالي السوداني.

وبعد ذلك – تقول لوموند- سيكون على رئيس الوزراء الجديد أن يتصدى لثلاثة ملفات أساسية أولها إثبات سلطته بوضوح تجاه مجلس السيادة، وهو الجهاز المدني العسكري المختلط الذي يعد الجهة التنفيذية بالحكم، وثانيها التصدي للقضايا الاقتصادية، في ظل السيطرة الكبيرة لأباطرة النظام السابق، بمن فيهم مسؤولو الأمن والاستخبارات، على مفاصل الاقتصاد وذلك بنسبة تقدر بـ 70% حسب بعض الخبراء المستقلين.
وتختم لوموند: أما الملف الثالث الذي ينبغي لحمدوك أن يتصدى له دون انتظار فهو تحقيق السلام مع الجماعات المسلحة في أجل لا يتعدى ستة أشهر، وإذا ما تحقق كل ذلك فسيتوج بانتخابات ديمقراطية عام 2022م.

واشنطن بوست
وَصَفَت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، الصراع على المناصب الوزارية بحكومة التكنوقراط، بأهم التحديات التي تُواجه حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وقالت الصحيفة، إنّ تعيين “حمدوك” يُعتبر خطوة إيجابية نحو إنقاذ الاقتصاد الهش، إلا أنّ عدة تحديات تُواجه حكومته، وأضافت أن اختلافات المدنيين الذين سيختارون أعضاء الحكومة التكنوقراطية ليتم تشكيلهم بشكلٍ مُستقلٍ عن الجنرالات من أبرز التّحديات، إذ إنّه قد تصبح المصالح والرؤى المختلفة داخل “الحرية والتغيير” أكثر وُضُوحاً، لأنّها تتكوّن من مجموعات مدنية وأحزاب سياسية معارضة، مع القليل من القواسم المشتركة لتوحيدها بما يتجاوز الطلب على الحكومة المدنية، مما يدب الضعف في تكوينهم حال تَحَوّلت المعركة السياسية إلى تفاصيل النظام الجديد، وقالت إن الاتفاقية جلبت بعض الاستقرار للسودان، لكن لا يزال هناك الكثير من العثرات المُحتملة قبل نجاح العملية الانتقالية مثل الانتخابات التشريعية في الأشهر الثلاثة المُقبلة، وإنشاء سلطة قضائية مُستقلة وتنفيذ العدالة الانتقالية والتي تُعتبر من المُؤشِّرات الرئيسية لمدى نجاح الاتفاقية.

الغارديان البريطانية
تناولت الصحف البريطانية عدداً من القضايا من بينها صحيفة الغارديان وتقرير لجاسون بيرك وزينب محمد صالح من الخرطوم بعنوان “السودان يحتفل بمحاكمة الديكتاتور المسن بعد اتفاق تاريخي يمهد لحكم مدني”.

ويقول التقرير إن الرئيس السوداني السابق عمر البشير يمثل أمام المحكمة في قضية فساد قد تؤدي إلى سجن “المستبد المخلوع” لأعوام طويلة.
وتقول الصحيفة إن البشير أُطيح به في إبريل عندما سحبت قوات الأمن دعمها لنظامه بعد شهور من الاحتجاجات الشعبية، وهو الآن في السجن ويواجه اتهامات بحيازة نقد أجنبي والفساد وتلقي هدايا بصورة غير مشروعة.
ويقول التقرير إن النشطاء المؤيدين للديمقراطية وضحايا خروقات حقوق الإنسان الممنهجة طوال حكم البشير الذي دام 30 عاماً يأملون أن يوجه للبشير أيضاً الاتهام بالضلوع في قتل المتظاهرين.

وتضيف الصحيفة أن المحاكمة تأتي في الوقت الذي بدأ فيه الحكام العسكريون وقادة المتظاهرين في تطبيق اتفاق تاريخي تم التوصل إليه الشهر الحالي ويهدف لتمهيد الطريق للحكم المدني.
وتقول الصحيفة إن الاتفاق قوبل بالترحيب والارتياح من الجانبين، حيث رأى فيه المتظاهرون انتصاراً “لثورتهم” ورآه الجنرالات على أنه نجاح لهم في تجنب حرب أهلية في البلاد.
وقال أحمد سليمان، الباحث في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية في لندن للصحيفة “إنها حكومة انتقالية جديدة…تضم الكثيرين من الذين عملوا تحت إمرة البشير وكانوا مؤيدين له”.

وأضاف “ليس الحال أن الثورة كانت ناجحة تماماً وأننا نبدأ صفحة جديدة. كان الأمر بحاجة إلى تسوية حتى تتقدم البلاد، ولكنه يعني مواجهة خيارات صعبة”.
وتقول الصحيفة إنه يوجد بالفعل غضب في السودان لأن البشير الذي يمثل أمام المحكمة لم توجه له اتهامات أكثر خطورة.
وتحدثت الصحيفة إلى أماني عبد الجليل، وهي طالبة في الحادية والعشرين فقدت القدرة على البصر في إحدى عينيها بعد أن أصابتها عبوة للغاز المسيل للدموع التي أطلقتها قوات الأمن لتفريق متظاهرين في فبراير الماضي.
وقالت أماني للصحيفة “إنها ليست العدالة التي نريدها…وفي النهاية لن يحاسب عن الأشياء التي قام بها. لن يستعيد أي من الذين فقدوا عضواً من أجسادهم هذا العضو ولن يعود الشهداء إلى الحياة”.

صحيفة السوداني