حكومة قحط .. ورزق اليوم باليوم
? من الواضح لكل المتابعين والناظرين أن حكومة قحط لا تملك أية رؤية واضحة حتى الآن لمعالجة مشكلات البلاد المتفاقمة يوما بعد يوم. وربما هي لا تملك رؤية استراتيجية اصلا للنهوض بالبلاد وتحقيق تطلعات الشعب السوداني.
? فالمراقب لهذه الحكومة يجدها متخبطة للحد البعيد في الكثير من قراراتها وأعمالها. فمن الحديث عن ملف السلام بصورة خجولة تارة، إلى تصفية الحسابات مع من وظفوا في فترة النظام السابق، ثم انفلات بعض الوزراء وبعض أعضاء المجلس السيادي عن النهج القويم وتعديهم على عقيدة الأمة وموروثاتها الدينية، وتارة اخرى الهرولة لبعض الدول استجداءا للدعم المادي الذي أنكروا سعيهم له اولا، ثم التلويح بزيادة مرتبات الموظفين بالدولة مع عدم اتخاذ أية خطوة إيجابية تجاه ذلك، وغير ذلك من أوجه التخبط والعشوائية في إدارة البلاد.
? في خضم ذلكم المسرح العبثي، يزداد الوضع الاقتصادي سوءا على سوء، ويصبح الحال المعيشي للمواطنين يغني عن السؤال جراء الغلاء الطاحن والارتفاع الجنوني للأسعار خاصة المواد الغذائية والاستهلاكية الضرورية لحياة الناس. فقد ازدادت أزمة الوقود، واستمرت المعاناة في الحصول على الخبز من الأفران، مع ثبات الصفوف اللامتناهية طوال اليوم. حيث تقف النساء والصغار في حر الهاجرة بالساعات الطوال للحصول على عدد من الارغفة صغيرة الحجم لا تسمن ولا تغني من جوع. إضافة لتفاقم معضلة شح الغاز، واستمرار انعدام السيولة في المصارف. مع الفشل الأكبر في التعامل مع كارثة السيول التي اجتاحت مناطق متعددة من البلاد، وشردت العديد من الأسر ووقفت حكومة قحط إذا ذلك كالجلمود في قاع المحيط.
? ونتاجا لكل ذلك بدأت الاحتجاجات المطلبية من نفس الذين ثاروا من قبل ولنفس المسببات في أنحاء متفرقة من البلاد بدءا من العاصمة وحتى غرب وشرق السودان وغيرها من الأصقاع المهملة بسبب انعدام الخبز والوقود.
? والأدهى والأمر، أننا أصبحنا نسمع في كل يوم خبرا جديدا عن كارثة أو مهدد أمني ينذر بتمزيق وحدة البلاد. فمن تكوين لمجلس انتقالي بشرق السودان، إلى خبر سقوط منطقة ابو نوارة التابعة لمحلية ابو جبيهة في أيدي قوات غازية، مع الصمت المريب لإعلام الحكومة الإنتقالية تجاه هذه الأخبار نفيا أو تأكيدا، في الوقت الذي أصبح فيه المواطن السوداني في حيرة من أمره، ينظر إلى ما يجري فاغرا فاه، ومغيبا عن الحقيقة.
? سادتي … إن الأوضاع المعيشية في ترد مريع، واستقرار البلاد وتماسكها في مهب الريح. والمواطن السوداني المغلوب على أمره لا يستطيع حتى التصريح بذلك أو الشكوى والا تم اتهامه بأنه( كوز مندس)، أو ( تابع للدولة العميقة)، أو ( ثورة مضادة)، وغير ذلك من الاتهامات والعبارات الممجوجة التي تستخدم باعتبارها متاريس صد والهاء للمواطن المستاء، الذي أصبح يكمل عشاءه بالماء، هذا اذا حصل فعلا على عشاء.
? وختاما سادتي … فإن حكومة قحط والتي تعمل بنظام رزق اليوم باليوم، لن تستطيع بهذا الفهم التقليدي المتخبط تحقيق تطلعات واحتياجات الشعب السوداني الصابر، والذي مل من وعود اهل المنابر.
✏ بقلم د. صالح عبد الله (ود نمر)
wadnimir66@gmail.com
٢٣ سبتمبر ٢٠١٩م