التفرقة بين الأبناء .. هل يجوز للأب ذلك في العطية؟
قال الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن العدل في الإسلام لم يبن يومًا على التساوي.
وأوضح «جمعة» في أحد الدروس الدينية خلال إجابته عن سؤال: «ديننا أمرنا بالعدل بين الأبناء، فهل يكون ذلك بالمساواة في العطايا، أم وفق سد الاحتياجات؟»، أن العدل بين الأبناء وغيرهم يقوم على قدر الاحتياجات وليس على المساواة والتساوي في العطايا، مؤكدًا أن العدل لم يبن يومًا على التساوي وإنما يكون على الاحتياجات.
العدل بين الأبناء في الوصية «مستحب»
ومن جانبه قال الشيخ علي فخر، مدير عام إدارة الحساب الشرعي وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه يستحب للأب أن يعدل بين أبنائه في الهبة حتى يسود التآلف بين الإخوة، وترك ما يوقع بينهم الشحناء، أو يورث العقوق للآباء.
واستشهد «فخر»، في فتوى له ، بما روي عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: «انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي، فَقَالَ: أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، ثُمَّ قَالَ: أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَلَا إِذًا».
وأكد أن المال والحرص عليه من أهم أسباب الشقاء الإنساني في هذه الحياة، يورث الشقاق بين الإخوة وذوي الأرحام ويزرع عقوق الأبناء للآباء، من أجل هذا اهتم الإسلام بتصرف الآباء في مالهم مع الأبناء.
قال الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الله عز وجل سمح للإنسان أن يتصرف فى ماله حال حياته.. ومن الخطأ أن يظن الابن أو البنت أن مال أبيه أو أمه هو ملك له.
وأضاف وسام، فى إجابته عن سؤال: “والدى وزع كل ما يملك على أولاده حال حياته فهل لو أعطى احدًا أكثر من أحد عليه وزر.. ونيته أنها عطية وليست ميراثًا؟”، قائلا: إنه فى هذه الحالة لا يكون عليه وزر فهو يعطي لفلان أكثر من فلان لاعتبارات يراها من وجهة نظره، فقد يكون أحدهم مريضًا أو ضعيفًا أو قليل الكسب فكلها أحوال معتبرة يجوز فيها تميز هذا الولد عن ذلك غير المحتاج.
وأشار إلى أنه يجوز توزيع الأموال على الأولاد حال الحياة، والقاعدة تقول إن الإنسان حال حياته يجوز له التصرف فى ماله كيفما يشاء، ما دام أنه كامل الأهلية بأن يكون بالغًا، عاقلًا، مختارًا، غير محجور عليه، وفى غير مرض الموت، وكل ذلك شريطة ألا يقصد بتصرفه حرمان وارث من إرثه؛ فإن الأمور بمقاصدها، أى أن الإنسان لو قصد بتصرفه حرمان وارث من إرثه، أصبح آثمًا بنيته هذه.
هل يجوز للأب تمييز أحد أبنائه فى العطية؟
قال الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز للرجل أن يفرق بين أبنائه فى العطية أو الهبة بما يراه مناسبا لهم.
وأضاف ممدوح، فى لقائه على فضائية “الناس”، ردا على متصلة تقول: “أبى يشترى الأرض ويفرق بين أبنائه الذكور على الإناث ويزيد لأحد أبنائه جزءا لأنه لم يكمل تعليمه فما الحكم؟”: أن الإنسان له كامل الحرية فى التصرف فى ماله الشخصى المملوك له حال حياته.
وأشار إلى أن الشرع حث على العدل بين الأبناء فى الهبة على سبيل الاستحباب وليس الوجوب، إلا إذا كان هذا التفضيل مرتبطا بأمر معين يستحق به التفضيل كأن يكون الولد أبر بوالده من أخوته أو أن يكون مصابا بمرض، أو لم يكمل تعليمه مثلا.
حكم الشرع فى التفرقة بين الأبناء
قال الشيخ محمود عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الله عز وجل سمح للإنسان أن يتصرف فى ماله حال حياته ومن الخطأ أن يظن الابن أو البنت أن مال أبيه أو أمه هو ملك له.
وأضاف عبد السميع، فى إجابته عن سؤال «ما حكم التفرقة بين الأبناء؟»: “لو أن أحدا من الآباء أعطى لأحد أبنائه مالا لأنه محتاج أو لأنه قليل المواهب أو ليس لديه دخل ثابت أو لأنه يحبه أو يريد أن يؤمن له مستقبله فكل هذا جائز شرعًا، فالشرع أمر بالمساواة أو بالعدل على جهة الاستحباب وليس على جهة الوجوب، فما يفعله الآباء والأمهات مع أبنائهم لو أنهم ميزوا ليس من قبيل الحرام إنما من قبيل مخالفة المستحب.
ونصح الأبناء جميعًا بألا يقطعوا برهم بآبائهم بسبب هذه الأفعال، لأن بر الآباء والأمهات ثوابه جليل فى الدنيا والآخرة، ولو لم يكونوا أعطوك المال سيعطيك الله سبحانه وتعالى أضعاف أضعاف هذا المال بسبب برك لأبيك وأمك.
صدى البلد