رأي ومقالات

البطة العرجاء


البطة طائر محظوظ فهو من الطيور النادرة التى تستطيع أن تمشى كما يمشى الدجاج والنعام، وتطير كما يطير القمرى والحمام ، وتسبح كما يسبح الأوز والبجع. لذلك صارت البطة رمز للقدرة والفاعلية.والبط يأتي على عدة أشكال وأحجام وألوان، وللبط عدة سُلالات منتشرة في جميع أنحاء العالم ويقدر عددها بحوالي المائة وخمسة وأربعين نوعاً، وأشهر هذه الأنواع بط جزر بالي، والبط الأسود، والبط الغطاس، والبط الداجن أبيض اللون وترجع جميع سُلالات البط في العالم في أصلها إلى النوع البرّي الذي يطلق عليه إسم ملارد. عُثر على النوع ملارد في الصين قبل ما يقارب ألفين وخمسمائة عام قبل الميلاد، حيث أن هذا النوع يضم كل من الإوز البريّ، والدجاج الروميّ. أما عن أماكن وجود البط، فإن هناك العديد من الأماكن التي يمكن للبط العيش فيها، حيث أن البط يعيش في جميع أنحاء العالم ما عدا القارة المتجمدة الجنوبية. ويوجد بشكل كبير قرب المسطحات المائية مثل البرك الصغيرة، والمستنقعات، والمحيطات، والأنهار، والبحيرات، إضافة إلى المناطق الساحلية للبحار. تستوطن الغالبية العظمى من البط في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.وهو يعيش في جماعات كبيرة. ويهاجر في فصل الصيف بحثاً عن المناطق الجديدة لكي يتكاثر ويهاجر في فصل الشتاء بأسراب كبيرة بحثاً عن أماكن دافئة وهو قادر على الطيران إلى مسافات بعيدة مما يشهد له بالقوة الفاعلة فى الطيران مثلما هو ماهر عللى الأرض سيرا. لذلك كله فإن البطة صارت رمزا للفاعلية لكن البطة المسكينة إذا أصيبت فى رجلها فإنها تتعثر فى سيرها ولا تكاد تستطيع أن تسبح ولا هى بقادرة على الطيران لفقدانها التوازن لذلك صارت البطة المصابة أو البطة العرجاء رمز لقلة الفاعلية فى الثقافة السياسية وبخاصة فى أمريكا. والسياسة إنما أتخذت لتحقيق الفاعلية فى إنجاز الأمور العامة وذلك بتوسيع قاعدة الإتفاق حول ما يراد فعله وأمتلاك أدوات الفعل بتوفير الموراد البشرية والمادية من خلال هذا الوفاق العام، والحكومة التى هى وسيلة صنع السياسات وإنفاذها مطلوبة لأجل تحقيق الكفاءة والفاعلية. فلو تركت الأمور على عواهنها بغير حكومة فاعلة و دون سياسات لتحديد المقاصد والوسائل،وتنسيق حركة الأفراد والجماعات والمؤسسات في إطاررؤية مفهومة للجميع، فإن من شأن ذلك أن يحدث التناقض والتضارب والتنازع المفضي للبطء في تحقيق المقصود. وأما ما يُقصد بالفاعلية فهو “تحقيق أكبر فائدة بأقل مدخل من جهد أو زمن. فالكفاءة والفاعلية تعنيان بذل جهد أقل في زمن أقصر لتحقيق أكبر ما يمكن تحقيقه من المقصود. والكفاءة والفاعلية بهذا المعنى ليست مقصوداً في حد ذاتها بل هي ذريعة لتحقيق المقصود وفى الولايات المتحدة الأمريكية عندما تفقد الحكومة أو أى جزء من مؤسساتها الفاعلية بسبب الخلاف مثل أن يتساوى عدد الأعضاء فى الكونغرس من الحزبين الديموقراطى والجمهورى ويتنزاعان كما هو الشأن الراهن ولا يتعاونان فحينئذ يطلق على الكونغرس
Lame duck Congress
وعندما يتساوى أعضاء المحافظين والليبراليين فى المحكمة العليا فلا تستطيع أن تصدر أحكاما فى القضايا المهمة تسمى محكمة البطة العرجاء.وكذلك يطلق على الرئيس الأمريكى فى شهريه الأخرين فى الحكم البطة العرجاء. لكن المصطلح بات يطلق على كل حكومة تعانى من عوز الفاعلية بسبب كثرة الخلافات بين القوى المكونة لها أو إفتقارها لإسناد سياسى أو شعبى ملموس و عدم طاعة الموظفين لها لعلمهم أنه حكومة عابرة وليست سلطة قارة قادرة على إصدار القرارات وإنفاذها . ولذلك فالجميع يراها بطة تعرج ولا تستطيع أن تمشى ولا تسبح ولا هى تطير. وفى بلادنا رغم أننا لا نرى البط كثيرا ، لكننا نعوض عن فقدانه برؤية النوع السياسى من البطة العرجاء الذى لا يعرف أنه إن كانت شملة كنيزة ثلاثية فلا يمكن أن يكون قدها رباعيا، وأن إخراج رأس العنزة من الجرة لا يكون بقطع رأس العنزة وكسر الجرة فى ذات الأوان ولله فى خلقه شؤون..

د. أمين حسن عمر


‫3 تعليقات

  1. الاستاذ/ أمين
    إذا كانت البطة عرجاء أو مكسورة جناح أو مدمومة (جرحت فنذفت) أو أو أو …….
    فلا يصل كل هذا إلى جرحكم الغائر في نفوس الشعب السوداني .!!!!!