جمعة .. “إياك والحسد .. فإن قابيل قتل أخاه هابيل بالحسد”
قال الدكتور علي جمعة – مفتى الديار المصرية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف- إن داء الحسد هو تمني زوال نعمة غيره، سواء تمناها لنفسه، أو لا، بأن تمنى انتقالها عن غيره لغيره، وهذا أخس الأخساء؛ لأنه باع آخرته بدنيا غيره، بخلاف ما إذا تمنى مثل نعمة الغير فإنه غبطة محمودة في الخير كما ورد : “لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله مالاً، فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار”.
وأوضح جمعة دليل تحريم الحسد من الكتاب والسنة والإجماع وذلك من خلال الصفحة الرسمية لفضيلته عبر فيسبوك قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}. وشره كثير، فمنه ما هو غير مكتسب وهو إصابة العين ، ومنه ما هو مكتسب كسعيه في تعطيل الخير عنه وتنقيصه عند الناس، وربما دعا عليه أو بطش به إلى غير ذلك.
وقال صلى الله عليه وسلم: “إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب- أو العشب”. ودواء الحسد النظر للوعيد، مع أنه إساءة أدب مع الله- تعالى- كأنه لا يسلم له حكمه.
لذلك قال بعضهم :
ألا قل لمن بات لي حاسدا ** أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في فعله ** كأنك لم ترض لي ما وهب
فكان جزاؤك أن خصني ** وسد عليك طريق الطلب
ومن الحكمة: الحسود لا يسود، أي : كثير الحسد لا تحصل له سيادة.
ومن كلام أبي حنيفة رضى الله تعالى عنه :
إن يحسدوني فإني غير لائمهم ** قبلي من الناس أهل الفضل قد حُسدوا
فدام لي ولهم ما بهمو ** ومات أكثرنا غيظا بما يجد
أنا الذي يجدوني في صدورهمو ** لا أرتقي درا منها ولا أرد
وتابع فضيلته: يروى أن إبليس قال لسيدنا نوح عليه السلام: خذ مني خمسا، قال: لا أصدقك، فأوحى الله تعالى إليه أن صدقه، فقال: قل، فقال: إياك والكبر؛ فإني إنما وقعت فيما فيه بالكبر، وإياك والحسد؛ فإن قابيل قتل أخاه هابيل بالحسد، وإياك والطمع؛ فإن آدم ما أورثه الله ما أورثه إلا بالطمع، وإياك والحرص؛ فإن حواء ما وقعت فيما وقعت فيه إلا بالحرص، وإياك وطول الأمل؛ فإنهما ما وقعا فيما وقعا فيه إلا بطول الأمل.
مصراوي