زهير السراج

بين السذاجة والاستسهال !

* لا ادرى لماذا تُصر (مصر) على فرض ارادتها على السودان واثيوبيا فيما يتعلق بسد النهضة بينما في الامكان التراضي على اتفاق يحفظ حقوق الجميع بدون اللجوء الى حرب التصريحات والتصريحات المضادة التي لن تفيد في شيء غير تباعد المواقف وتأجيل الوصول الى اتفاق حول مشروع صار أمرا واقعاً ولا يمكن التراجع عنه مهما كانت الاسباب!

* لقد فرضت علينا مصر في نهاية الستينيات من القرن الماضي بالاتفاق مع النظام الدكتاتوري الحاكم في السودان آنذاك، اتفاقية مياه النيل لعام 1959 التي تم بموجبها اغراق منطقة وادى حلفا بأكملها وتهجير النوبيين ودفن الكنوز الاثرية الضخمة تحت المياه لأغراض بناء السد العالي، مقابل مبلغ (15 مليون جنيه) فقط (على ثلاثة أقساط) تدفعه الحكومة المصرية للحكومة السودانية للاستخدام في اعمال التهجير وإعادة توطين المواطنين في منطقة حلفا الجديدة!

* كما نصت الاتفاقية على نصيب الدولتين في مياه النيل بواقع 55 مليار متر مكعب لمصر، و18 مليار للسودان ألزمت الاتفاقية حكومة السودان أن تُقرض منها (مليار ونصف المليار متر مكعب) لمصر سنويا حتى نوفمبر 1977، ولا يدرى احد هل اقترضت مصر هذه الكمية وهل اعادتها للسودان ام لا، إلا أن بعض الدراسات تؤكد ان اكثر من ضعف هذا الحجم من الماء ظل يذهب الى مصر سنويا من نصيب السودان منذ سنوات طويلة بسبب انهيار مشروع الجزيرة وبقية المشاريع المروية، بينما يستنزف بعض المستثمرين العرب المياه الجوفية للسودان (التي لا يمكن تعويضها إذا نضبت) في زراعة البرسيم بالولاية الشمالية وتصديره الى المراعي في السعودية والامارات ومصر، بالتآمر مع النظام البائد والغيبوبة التي تعيشها الحكومة الحالية رغم عشرات المقالات التي كتبت والوقفات الاحتجاجية التي نظمها مواطنو المنطقة في الاسابيع الماضية !

* يبدو ان مصر غرتها تلك الاتفاقية التي لبت رغباتها بالكامل، وتسعى الآن لفرض إرادتها كما فعلت بالسابق، فرفضت كل الحلول التي اقترحها السودان واثيوبيا لحل مشكلة (المدة الزمنية وكيفية ملء خزان السد) التي تقف عائقا امام الاتفاق، وهى تفاصيل لا مجال لذكرها في هذا المكان، ويمكن للقراء العثور عليها في أماكن أخرى !

غير ان ما يستدعى الوقوف هو ما يروج له بعض السذج من السودانيين عن فكرة ساذجة سبق أن روج لها المصريون بكثافة لتعطيل بناء السد ثم تخلوا عنها لسذاجتها، ولكن ظل بعضنا يحمل لواء الدفاع عنها بدون وعى، وهى ان السودان ومصر معرضان للغرق اذا انهار السد بسبب تشييده في منطقة مشهورة بالزلازل، وهى معلومة خاطئة وساذجة، فالسد شُيد على مسافة تبعد أكثر من 700 كيلومتر عن منطقة الزلازل، كما أن المواصفات التي بنى بها تجعله يتحمل اعنف الهزات، وما روج له بعض المصريين في السابق من حدوث تصدعات في بنية السد كان مجرد اكاذيب نفتها الشركات العالمية الضخمة التي تتولى تنفيذ المشروع!

* حتى لو فرضنا ان السد يقع في منطقة زلازل (وهو افتراض غير صحيح)، هل يعنى ذلك توقف الحياة وحرمان الاثيوبيين من حقهم الطبيعي في التنمية والنهضة كأي دولة أخرى في العالم وهنالك دول كثيرة تقع بأكملها في قلب مناطق الزلازل، وتحدث فيها زلازل قوية كل فترة مثل تركيا واليابان، فهل رحلت من مناطقها او توقفت عن البناء والعمران؟!

* وبالمناسبة فان مصر والسودان تقعان في منطقة زلازل، ولقد تسبب الزلزال الذى ضرب القاهرة في عام 1992 في اضرار اكثر من الهزات التي وقعت في كل اثيوبيا طيلة الستين عاما الماضية، وتسبب في وفاة 500 شخصا وإصابة 6000 آخرين، وتشريد حوالي 50000 شخص أصبحوا بلا مأوى!

* إذا كان هنالك فعلا ما نخشى منه، فهو ليس الغرق الذى يروّج له السذج، وإنما التصحر وزحف الرمال وتحول بلادنا الى صحراء بالكامل في غضون مائة عام فقط واختفاء أي اثر للحياة، إذا لم نتوقف عن تدمير القطاع النباتي، ونضع خطة واضحة ومكثفة لزراعة الغابات، ونترك الإستسهال و(السبهللية) التي نتعامل بها مع القضايا الكبيرة ومنها هذه القضية الخطيرة التي نظنها مجرد حذلقة وتزجية فراغ، بينما هي قضية حياة أو موت!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة

‫3 تعليقات

  1. للأسف كلامك غير سليم وأنت يادكتور افتيت فيما ليس لك به علم. …أى سد فى الدنيا قابل للتعرض للانهيار. …ولا بد من إجراء دراسة آثار إنهيار لسد النهضة لأن كل تبعات إنهياره تقع على السودان. ..

  2. [22/10 1:55 pm] Bireer: دراسة إنهيار السد تجرى لأى سد. ..وأي سد فى الدنيا قابل للتعرض للانهيار …مهما كانت المواصفات والمقاييس التى تم إتباعها. ..و مراعاة عوامل السلامة لا تتم بالإتفاق السياسي. …وتم تجاوز هذه المطلوبات من قبل النظام السابق. ..والآن لا بد من إجراء هذه الدراسة لأن كل تداعيات الإنهيار تقع على الجانب السودانى بصورة أكبر. …ولا يدفع هذا الضرر حجة استفادة السودان من إنشاء السد. …
    [22/10 7:29 pm] Bireer: The cost of Execution of Emergency plan

    Emergencies can be expensive. Safeguarding the public, protecting property, and implementing other response objectives can require substantial short term expenditures that may present a financial challenge for responding agencies. Provincial legislation and policies are designed to assist when the burden of emergency response is excessive due to the scope and scale of the event. This support annex outlines the main financial management policies and procedures in effect when dealing with emergency response costs incurred during the activation of the provincial emergency management response structure.
    Scope
    Financial management processes directly related to the activation of the Provincial Emergency Coordination Centre (PECC), Provincial Regional Emergency Operations Centres (PREOCs) as well as to the management of eligible local authority and ministry emergency response claims are in scope. The following financial management processes are out of scope:
     Payroll related to regular wages;
     Accounts payable outside of activations;
     Volunteer reimbursements and other incident response costs (such as Search and Rescue costs);
     Training costs;
     Business continuity costs;
     Business interruption losses (loss of revenue/income);
     Disaster Financial Assistance (DFA) including recovery costs; and
     Disaster Financial Assistance Arrangement (DFAA).
    This document serves to provide guidance on the actual processes involved in managing response costs during the activation of the provincial emergency management structure. It does not serve as a commitment to spend money or to cover the expenditures of others. Any mention of specific expenditures in this document is for illustrative purposes only.
    Response Costs
    Response costs are those costs incurred when undertaking the emergency response activities required to save lives, reduce suffering, protect property, and implement other immediate objectives to reduce impacts of emergencies. Emergency response may begin before the impact of an emergency is felt if early information warns of an imminent event, and will continue as long as the event is in progress or the imminent threat exists.
    Recovery Costs
    Recovery costs are those costs incurred during the efforts to return infrastructure to a pre-emergency condition. This includes the repair or replacement of structures, equipment, and materials.
    Authority and Guiding Documents
    The authority for Emergency Management
    [22/10 7:39 pm] Bireer: هذا جزء بسيط من تحمل المسؤولية القانونية في حالة حدوث الضرر بسبب إنهيار السد ويجب ان تتحمله اثيوبيا. …
    وهذه حقوق يكفلها القانون الدولى ويجب ان يتحملها الطرف المتسبب فى حدوث الأضرار. …ناهيكم عن فقدان الأرواح. …..
    وهنالك حالة تسمى
    cascading dam failure
    وهى إنهيار سدود السودان الواحد تلو الآخر والتى تقع في مسار موجة سد النهضة. …
    هذه أشياء غفلت عنها الحكومة السابقة وأظن أن مسلسل الجهل مستمر إلى حين. …..نسأل الله ان يتولى أمر العباد في هذا البلد المنكوب ……