زهير السراج

سقوط الحكومة !


* أتوقع سقوط الحكومة في أقل من عام، ليس بسبب الإرث المأساوي الضخم للنظام البائد، ولكن لأنها مترددة وجبانة وعاجزة عن اتخاذ القرارات الكبيرة التي تضع البلاد على الطريق الصحيح!
* دعونا نأخذ مثلاً واحداً فقط يمكن أن يقود الى حدوث تغيير حقيقي في البلاد، وهو رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب التي تقيد حركته وتعيق تعاونه مع المجتمع الدولي!
* قبل ثلاثة أيام جدد الرئيس الأمريكي حالة الطوارئ الامريكية المفروضة على الحكومة السودانية منذ عام 1997 بموجب الأمر التنفيذي (13067 )، والذي يجمد أموال الحكومة السودانية في امريكا ويمنع التعامل التجاري والمالي مع السودان، وجاء في حيثيات التجديد ” انه على الرغم من التطورات الإيجابية الأخيرة في السودان، فإن الأزمة التي نشأت من أفعال وسياسات حكومة السودان والتي أدت الى اعلان حالة الطوارئ الوطنية، لم تُحل بعد، وما زالت تشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة”!
* قلت أمس ان التجديد يحدث بشكل تلقائي كل عام، وسيظل يتجدد ما لم يُرفع اسم السودان من قائمة الارهاب، ولكنني لم أتوقع، أو في الحقيقة استغربت أن يصدر نفس القول من وزيرة الخارجية التي تميز أداؤها بالضعف خلال الفترة الماضية بدءاً من تطهير الوزارة من عناصر النظام البائد واختيار اشخاص يؤمنون بالتغيير وينفذون سياسة الحكومة الجديدة!
* سبب الاستغراب هو ان الوزيرة تقر بالتجديد بدلا من ان تستنكره، وهو رد الفعل الطبيعي الذي يجب ان يصدر منها كوزيرة للخارجية، ولكنها تتقبله بكل سرور، بل تبرره كأي محلل سياسي، ثم تقول “ان الأمور تمضي في اتجاه إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب، ولكنها تتطلب وقتاً حتى تأخذ الإجراءات القانونية مجراها داخل الكونغرس”، وهو قول مضحك جداً يدل على ان الوزيرة لا تدرك ان رفع اسم السودان لا يتعلق فقط بالإجراءات القانونية داخل الكونجرس، وإنما قبل كل شيء بإجراءات داخلية في السودان تقنع دوائر اتخاذ القرار الأمريكي بالتحرك لرفع اسم السودان من القائمة!
* خلال زيارته للسودان في أغسطس الماضي، أعلن مساعد وزير الخارجية الأمريكي (ديفيد هيل)، إن واشنطن تنتظر ما سيحدث في السودان بشأن الحكومة المدنية، وتحقيق الاستقرار السياسي وكفالة الحريات وحقوق الإنسان والمرأة، وإجراء تحقيق مستقل حول الجرائم التي ارتكبت في عهد النظام السابق، والجرائم التي أعقبت سقوطه، ومكافحة الارهاب” حتى تنظر في رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب !
* ترجمة هذا الحديث كالآتي: (تقليص سيطرة العسكريين على السلطة وانهاء الوضع الشاذ لقوات الدعم السريع، تحقيق السلام، اصلاح البيئة القانونية وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، التوقيع على اتفاقية سيداو، محاكمة المخلوع وقيادات النظام البائد على الجرائم التي ارتكبوها وعلى رأسها جرائم دارفور، أو تسليمهم للمحكمة الجنائية الدولية، تقديم المتورطين في جرائم القتل وجريمة فض الاعتصام للعدالة، تقييد حركة المجموعات الارهابية والمتطرفة دينياً وتحجيم النشاط المالي والتجاري لهم، وتسليم الارهابيين الاجانب الى دولهم، وإحكام السيطرة على المنافذ السودانية لمنع دخول الارهابيين)!
* ماذا فعلت الحكومة في كل هذه القضايا، أم انها تظن ان الأحاديث الرومانسية والاحلام الوردية تكفي لإقناع العالم بوجود تغيير حقيقي في السودان، بل إن رئيس الحكومة يتحدى العالم بعدم تسليم المخلوع الى المحكمة الجنائية الدولية، ويخشى في نفس الوقت من محاكمته داخلياً، بدلاً من المحاكمة الهزلية التي تجرى له الآن ؟!
* مع الخوف الشديد الذي تبديه الحكومة إزاء القضايا المهمة، وسيطرة العسكريين على السلطة، وتصاعد السخط الشعبي من يوم لآخر خاصة مع الأوضاع الاقتصادية المتردية، واستمرار العقوبات الخارجية لعدم جدية الحكومة على إزالتها، فمن المؤكد أن تسقط هذه الحكومة بأسرع مما يظن أي متشائم، وتحقيق رغبة الساعين لإسقاطها بدون أن يبذلوا أي جهد!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة


‫3 تعليقات

  1. جانبك التوفيق في هذا التحليل يا أستاذ زهير السراج وبإذن الله لن تسقط الحكومة خلال عام كما تتنبأ بل أنها خلال عام سوف تحقق السلام وتسلم المطلوبين للجنائية وتصلح القوانين وتنهي التمكين مما سيؤدي إلى رفع اسم السودان من تلك اللائحة اللعينة .. أما العسكريين فسوف تنتهي سيطرتهم بقوة القانون المتمثل في الوثيقة الدستورية التي تحكم العلاقة بين كل الأطراف في الفترة الإنتقالية .. وبخصوص تصريح وزيرة الخارجية فقد جانبك أيضاً التوفيق فماذا يفيد تصريحها باستنكار تمديد حالة الطوارئ؟؟ وهل إنما تصريحها بأن هذا التمديد أمر روتيني وغير مزعج لأن هناك جهود تبذل في هذا الصدد وسوف تؤدي في نهاية المطاف إلى رفع العقوبات، هو التصريح الأمثل والأصوب.

  2. هل تعتقد يا استاذ زهير أن امريكا تحاصرنا بسبب سيطرة الجيش والوضع الشاذ للدعم السريع ؟
    هل تعتقد يا استاذ زهير أن امريكا تحاصرنا بسبب القوانيين المقيدة للحريات ؟
    هل تعتقد يا استاذ زهير أن امريكا تحاصرنا بسبب عدم توقيعنا على اتفاقية سيداو ؟
    هل تعتقد يا استاذ زهير أن امريكا تحاصرنا بسبب عدم تسليمنا للمخلوع للجنائية ؟

    هل تعتقد يا استاذ زهير أن امريكا تحاصرنا بسبب عدم محاكمة من تورطوا فى جريمة فض الاعتصام ؟

    كم دولة يا أستاذ زهير فى العالم بها موبقات أكثر من هذه وهى غير محاصرة ؟
    يبدو انك اكثر سذاجة من وزيرة الخارجية أو أنك تتمنى أستمرار الحصار حتى تنفذ الحكومة ماتريده أنت وليس أمريكا …

  3. وهل الدول التى معنا فى القائمة تطبق غليها نقس العقوبات ؟