زهير السراج

فهمتَ يا خال ؟!


* شن بعض الصحفيين حملة شعواء على وزير الصحة إثر اعلان وزارة الصحة في اكتوبر الماضي عن ظهور حالات لحمى الوادي المتصدع في السودان الذى يصيب الحيوان والانسان، وايقاف السعودية استيراد الماشية السودانية بما يترتب عنه ــ كما زعموا ــ خسارة السودان لمليارات الدولارات!!

* احد هؤلاء هو خال الرئيس المخلوع الذى وصف وزير الصحة بـ(ديك العدة)، وقال في عموده الضحل بأن “تصريحات الوزير تسببت في وقف صادر اللحوم الى المملكة العربية السعودية، بل وإلى العالم أجمع، سيما وأن منظمة الصحة العالمية قد أصدرت تعميما حول الأمر بما يعنى أن السودان سيخسر مليارات الدولارات من صادر المواشي الحية، بل والذبيح كل عام إلى ان يتم معالجة المشكلة وإقناع العالم”!

أولا، ان السودان لا يصدر لحوما مذبوحة للسعودية (أو اية دولة أخرى)، كما انه لا توجد سوى دولتين في العالم تستوردان الماشية السودانية بشكل منتظم هما السعودية التي تستورد الضأن خاصة في موسم الهدى، ومصر التي تستورد الإبل، أما عن قيمة الصادر فهي لم تتجاوز في العام الماضي (مثلا) إبان حكم المخلوع (مليار دولار)، وليس مليارات كما زعم (الخال)!

* السبب في امتناع العالم عن استيراد اللحوم السودانية (المذبوحة والحية) هو عدم مطابقتها للمواصفات العالمية بسبب تفشى الامراض والاهمال المدقع الذى ظلت تعانى منه خاصة في العهد البائد الذى أهمل عمليات التحصين وتحسين المراعي وكل متطلبات تنميتها وتطويرها واستغلالها اقتصاديا حتى تنافس في السوق العالمي، بل دمر النظام البائد كل مدابغ الجلود في البلاد التي كانت احد مصادر العملة الصعبة ولم يعد لها وجود، ولعلم (الخال) فإن قيمة رأس الضأن السوداني في السعودية كانت قبل العهد البائد حوالى (800 ريال سعودي) وظلت تهبط حتى وصلت الى (200 ريال فقط)، وهى إحدى بركات ابن اخته!

* ثانيا، أن التي اصدرت التعميم ليست منظمة الصحة العالمية، وانما المنظمة العالمية لصحة الحيوان (OIE ) ومقرها العاصمة الفرنسية باريس، التي ارسلت نشرة للدول الاعضاء ومن بينها السعودية ــ وهو الإجراء الروتيني المتبع ــ بعد إبلاغها بواسطة وكيل وزارة الثروة الحيوانية في الثالث عشر من أكتوبر الماضي عن وجود حالات أثبتها الفحص المعملي. وزارة الثروة الحيوانية هي الجهة الرسمية المخولة في السودان للإبلاغ عن الأمراض الحيوانية التي تُلزم المنظمة العالمية لصحة الحيوان الدول بالإبلاغ عنها وعددها 117، منها مرض (حمى الوادي المتصدع)، كما ان وزارة الصحة هي الجهة المخولة بالتبليغ لمنظمة الصحة العالمية عن أمراض الإنسان المدرجة في قائمتها، ومن ضمنها هذا المرض!

* ينتقل المرض من الحيوان للإنسان بواسطة البعوض أو الملامسة المباشرة لسوائل ومواد حيوانية تحتوى على الفيروس أو استنشاقها (ولم يتم تسجيل إي حالات بانتقاله من انسان لإنسان حتى اليوم)، وقد يؤدى لوقوع وفيات وخسائر ضخمة، على سبيل المثال وفاة 1000 شخص ونفوق الآلاف من الضأن والماعز في كينيا قبل عشرين عاما، وهو ينتشر في افريقيا وسمى بحمى الوادي المتصدع لاكتشافه للمرة الاولى في منطقة الوادي المتصدع بكينيا في النصف الأول من القرن الماضي، كما يستوطن في السودان منذ وقت بعيد، ولقد حدثت بعض الوبائيات الصغيرة في الماشية السودانية، بالإضافة الى وجود إصابات ووفيات وسط البشر حدث معظمها ابان حكم المخلوع وآخرها في عام 2008 ، وكانت المرة الاولى التي يظهر فيها خارج القارة الافريقية في عام 2000 في السعودية واليمن، وأعراضه في الانسان شبيهة بأعراض الأنفلونزا الحادة مع حدوث نزيف من الانف والفم في بعض الحالات، ويؤثر على الكلى والكبد، وقد يؤدى للموت!

* مثل ما كانت الحملة على وزير الصحة جائرة لإعلانه عن ظهور بعض الحالات بين المواطنين، فإن الحملة الحالية على وكيل وزارة الثروة الحيوانية (السابق) جائرة أيضا، لان الواجب المهني يفرض عليه التبليغ عنه لوجوده ضمن الامراض الحيوانية التي تُلزم (المنظمة العالمية لصحة الحيوان) الدول بالإبلاغ عنها حتى تتحوط من انتشار المرض الى اماكن اخرى، بالإضافة الى تقديم العون العاجل للدولة المتضررة للسيطرة عليه وتقليل الخسائر التي قد يتسبب السكوت في استفحالها وليس العكس، كما انه جريمة مهنية واخلاقية وقانونية يعاقب عليها القانون، بالإضافة الى عدم جدواه حيث تطلب الدول في العادة شهادات خلو من الامراض، وتفرض إجراء فحوصات على شحنات الماشية قبل وبعد الوصول الى موانئها، وبالتالي فإن السكوت لا يفيد بشيء، بل يضعف ثقة المستوردين ويوقع الكثير من الأضرار .. فهمت يا (خال) ولا أقول تانى؟!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة


تعليق واحد

  1. والله انت عامودك الضحل وحرام نضيع الوقت في قرائته مع العلم الفحوصات التي أجريت أثبتت ان الاصابة محمدودة وفي مناطق معينة