رأي ومقالات

افتتاح معرض قميص حمدوك


العالم كله يأخذ من الإنترنت والإعلام الجديد والسوشيال ميديا.. ما يخدمه ويخدم مصالحه.. إلا نحن.. نأخذ الذي يعطلنا فننتج الأكاذيب ونكون أول من يصدقها..
# عليك أن تتخيل “سودان بدون سوشيال ميديا”.. وسودان بدون مواقع تواصل اجتماعي.. وقتها هناك كائنات غريبة وعديدة لن تجد في هذا السودان الواسع الشاسع ما تؤنس به وحشتها.. لأن هذه الكائنات لا تستطيع أن تقول كلمتين على بعض إلا من خلال هذه الوسائل التي منحت الخرس منابر للحديث.. وأكرمت حتى من يفتقدون الشجاعة الأدبية بمنصات لإطلاق الرصاص.
# ليس غريبا أن يجد قميص حمدوك.. رئيس الوزراء السوداني الذي ارتداه في زيارته الأخيرة للفاشر كل هذا السطوع رغم ما في الزيارة من رسائل مهمة وعظيمة أهمها زيارة معسكرات النازحين والاستماع لمطالبهم والوعد بتلبية أشواقهم في معايشة سلام مستدام.. ولكن للأسف الشديد تصدر القميص المشهد وكان هو المينشيت البارز لأحاديث الناس وتصريحات الصحف ومقالات الكتاب.. لا لشيء إلا لأن الواقع المأزوم يغري بإنتاج النكات والفرفشة والاهتمام بسفاسف الأمور.. لأننا لا نملك ما نقدمه للناس غير هذا الهياج الذي قسمنا إلى فريقين، فريق الثورة وفريق النظام البائد.. ويبدو أن زمن المباراة بين الفريقين سيطول ولن يكون هناك خاسر غير الجمهور الذي يمثل الوطن.. اهتم فريق الثورة بالهجوم عمال على بطال بينما ركن فريق النظام البائد إلى الدفاع بطريقة المعارضة المساندة ظاهرا والمعارضة الشنافة علنا منطلقا من معرفته المسبقة بإمكانيات خصمه في الهجوم المعتمد على ملفات الفساد لذلك لم ينجز فريق الثورة فيها حتى الآن ما يشجع مناصريه على التصفيق.. فيما لم يشارك فريق النظام البائد بأي طلعة هجومية نوعية ذات أثر ولكن المفاجأة الأبرز كانت في أن هذه الطلعات الهجومية الهايفة على طريقة الكرة النسائية.. شيكات مدني.. كاروهات الأصم.. وقميص حمدوك وجدت حظها من الإشادة وانتزعت صرخات المعجبات والمعجبين في صفوف فريق النظام البائد.. لذلك ستنتهي المباراة، ربما، بانسحاب الفريقين معا وإعلان بطل لم يشارك أساسا في أي مباراة.
# بالأمس قام الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي بزيارة مهمة للمشروعات الوطنية القومية العملاقة بمنطقة السويس.. وتبارى المسؤولون في الحديث بزهو عن المنجزات وتواريخ افتتاحها المرتقب.. إلا أن إشارة ذكية من الرئيس السيسي استرعت انتباهي واستحقت انبهاري حيث قال للجمع الكريم: “شوفو يا اخوانا عشان تبقوا فاكرين.. نحن ما بنصاحش من النوم ونقول عايزين ننشئ مشروعات.. ولكن هذه مشروعات جاءت نتاج جهد طويل وتخطيط استراتيجي مستمر انطلق منذ سنوات طويلة ونحن بنفذ فيها عشان لما يجو أجيال غيرنا يعرفو بأن المصريين كلهم كانوا شغالين وانجزو المشروعات ديه”.. أكمل السيسي حديثه ثم أمر المسئولين بتحديد تاريخ انطلاقة أي مشروع على حده فكان أغلبها سابقا لفترته.. بهذا التواضع يقدم السيسي الآن مشروعات عملاقة وينشئ بنية تحتية ستشكره عليها الأجيال.
# بربكم وكل عزيز لديكم.. ماذا يفعل البرهان حين يصحو؟.. وماذا يفعل حمدوك حين يغفو؟.. قام الأول ومازال يقوم بتقوية اقتصاديات القوات المسلحة وعسكرة الشركات التي كانت ترتدي الزي المدني وتعيين بعض أرباب المعاشات من الضباط كمديرين عليها.. أما د. حمدوك فهو ولله المنعة ليس أمامه غير أن يضع توقيعه على مراسيم الفصل والابتعاد والتشريد ولا يدري، سيادته، بأنه بهذه الأفعال يقوى خصمه ويزيد من عدد المشتغلين بقميصه وهندامه إلى أن تنتهي الفترة الانتقالية وتجد حكومتها أنها لم تنجز غير مصنع الكدرو للحوم وإطلاق القمر الصناعي السوداني الأول وتغيير اسم مدرسة الشهيد إبراهيم شمس الدين بحي قريش شندي.. فهل يجرؤ حمدوك وقتها على مجاراة السيسي بالكشف عن تواريخ إنشاء هذه المنجزات؟.. لن يفعل لأن إنجازاته التي أطلقها بنفسه من الصفر.. ستكون صفرا.

ايمن كبوش
اليوم التالي