تحقيقات وتقارير

موازنة 2020م .. حصار التحديات والطوارئ


موازنة العام 2020م، وهي الأولى للحكومة الانتقالية بعد سقوط النظام السابق ،حيث أصدرت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي،أمس الأول منشور إعداد مقترحات مشروع موازنة 2020م، والمنشور وجه الوزارات والوحدات الحكومية، بإعداد مشروع الموازنة على أساس موازنة البنود، لحين توفر شروط ومتطلبات تطبيق موازنة البرامج والأداء.

ويرى عدد من الخبراء بأن الموازنة القادمة ورثت “تركة مشكلات”، وتواجه تحديات مختلف تأتي في إعلان عن تقرير الأداء لموازنة العام الحالي،لأنه يعد مؤشر الأداء الفعلي للموازنة القادمة.

وعلمت (السوداني) أن الاتجاه الراجح إعداد موازنة لفترة 6 أشهر وفق نظام البنود،لأن وزارة المالية خاطبت الوزارات في وقت سابق بمدها بالصرف الفعلي لفترة من يناير حتى سبتمبر 2019م ، حتى تتمكن من إعداد موازنة بنود لفترة 6 أشهر.

موجهات عامة

منشور موازنة 2020 م وجه بإعدادها وفقاً لنظام الإحصائيات المالية الحكومية، وعلى أساس هيكل الحكومة الانتقالية، وبأن تقدم الوزارات مقترحات الوحدات الحكومية التابعة لها. وبحسب المنشور يتم إعداد مقترحات موازنة التنمية، في شكل مراحل محددة بأهداف وتكلفة وخطة تنفيذية، ويستند المنشور إلى الموجهات العامة المجازة من مجلس الوزراء، ومؤشرات الأداء الفعلي التقديري للعام 2019م.

وحدّد المنشور الضوابط العامة التي تحكم تقديرات الإيرادات العامة والإنفاق العام والأصول غير المالية،(التنمية القومية)، استصحاب ما ورد بالوثيقة الدستورية وبرنامج قطاع التنمية الاقتصادية والأولويات التي أقرتها الحكومة الانتقالية، بالتركيز على إحلال السلام وتحسين معاش الناس وتأسيس وتأهيل البنى التحتية، الداعمة للاستثمار وإصلاح الخدمة المدنية، وتهيئة وتعزيز البنية المؤسسية لتثبيت الاقتصاد الكلي، وتصحيح مساره بجانب تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

وحدّد المنشورـ الذي تم تعميمه على مجلس الوزراء والوزارات الاتحادية والوحدات الحكومية والمفوضيات ، والمجالس التخصصية والمهنية واتحاد أصحاب العمل ووزارات المالية بالولايات، اليوم الموافق العشرين من نوفمبر الجاري موعداً أقصى للوزارات والوحدات المعنية لتسليم مقترحاتها لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي.

أول المتاريس

واعتبر الاقتصادي د. محمد الناير، أن اتباع نظام البنود في موازنة 2020م منطقي،لأن الاستعداد والبنية التحتية لموازنة البرامج والأداء لم تكمل لتطبق بصورة فعلية، وقال في حديثه لـ(السوداني) إن اعداد الموازنة عادة يعتمد على التقرير الفعلي لموازنة 2019م، ولكن حتى الآن هناك ضبابية وعدم وضوح رؤية للتقرير، موضحاً أنه من المهم للتأكد من أن الموازنة ليس بها تشوهات أو اختلالات، كان يجب الإعلان عن أداء الـ(9) أشهر الماضية على أقل تقدير. وأضاف: الموازنة تواجه تحدي عدم اكتمال هياكل الحكم لحكومة الفترة الانتقالية، في ولاة الولايات والمجالس التشريعية والوزراء الولائيين، مؤكداً أن هذا الوضع يجعل الموازنة أمام تعقيدات الموازنة الشاملة “المركز والولايات”، بحيث لا بد من استصحاب ميزانيات هذه الهياكل إضافة إلى مشاريع التنمية ما بعد تحقيق السلام .

موازنة طوارئ

وعملت (السوداني) من مصادر مطلعة، أن الاتجاه الراجح الآن بأن يتم إعداد موازنة لفترة 6 اشهر وفق نظام البنود، وقالت إن وزارة المالية خاطبت الوزارات في وقت سابق بمدها بالصرف الفعلي للفترة من يناير حتى سبتمبر 2019م ، حتى تتمكن من إعداد موازنة بنود لفترة 6 أشهر. واعتبرت المصادر، أن هذا المنحى والمقترح صحيح وسليم، لأنه يمكن وزارة المالية من تحديد موارد حقيقية لتمويل النصف الثاني من العام، الذي ستبدأ فيه الإصلاحات الاقتصادية التي يعتزم وزير المالية تطبيقها. وأضافت المصادر : خلال هذه الفترة ستتضح رؤية القروض والمنح التي يمكن بأن يتحصل عليها السودان، من المؤسسات المالية الدولية، إلى جانب إعداد برنامج حقيقي للإصلاح الضريبي. وشددت المصادرعلى أن تجزئة الموازنة لنصفين يُحصنها من الانهيار، خاصة أن تقديرات الموازنات الخمس الماضية لم تصمد جميعها طويلاًً.

فرص وتحديات

ويرى المحلل السياسي والاستراتيجي د. محمد إبراهيم الحسن، أن موازنة 2020م ورثت “تركة مثقلة ” بالمشكلات، واعتبر حديث وزارة المالية عن التمويل الخارجي وقيام مؤتمر مانحين للسودان، حديثاً ذا حدين، وقال في حديثه لـ(السوداني) إن أبرز المشكلات التي كانت تعاني منها الميزانيات الماضية، سوء إدارة الموارد واستغلال الفرص، مشدداً على أن معالجة سوء استغلال الموارد يشكل أكبر تحدٍ للموازنة القادمة، وأن المرحلة تتطلب أولاً قوانين وتشريعات لإدارة الثروات القومية، على رأسها قطاع المعادن، كما يجب التركيز على القطاع الزراعي وإعادة تشغيل المشاريع المتوقفة، لأنها غير مكلفة وبعضها يحتاج لقرارات وإرادة سياسية فقط ، إلى جانب اتخاذ سياسات تحفيزية للصادر. وأضاف: هناك مسألة مهمة للموازنة تتمثل في المؤسسات المصرفية وإعادة هيكلتها بدءاً من البنك المركزي، والعمل على تمويل القطاع الإنتاجي والمشاريع التنموية، وأيضاً دخول النظام المصرفي المحلي في التعاملات المالية العالمية، موجهاً لضرورة اهتمام الموازنة بالتخطيط فيما يتعلق بالمشروعات الاستثمارية الصغيرة، وقيام مفوضية لهذا الشأن، إضافة لإجراء مراجعة شاملة للضرائب وتوسيع المظلة الضريبية لتشمل كل المؤسسات.

وأكد الحسن، أن الموازنة أمام تحدي قضية الدعم وهي تحتاج لمعالجة، من ناحية استمراريته وإدارته وكيفية توجيهه لمن يستحق، خاصة فيما يتعلق بالمحروقات والدقيق، لافتاً إلى أن ضرورة الاهتمام بالموانئ وتأهيلها لمساندة حركتي الصادر والوارد، لأنهما يؤثران في أداء الموازنة والأسعار بالأسواق، والموازنة تحتاج إلى آليات جديدة للرقابة وتقويتها، بداءً من المواصفات والمقاييس والجمارك وسلطات المكافحة المختلفة، وابتكار وسائل إلكترونية لهذا الغرض. وأشار الحسن ، إلى أهمية الشفافية وربطتها بالوعي الشعبي، لأنها تعد الحامي للموازنة والدولة، ولا بد من الالتزام بمبدأ الشفافية في كل مراحل الموازنة، مع مراعاة وجود قيادات تنفيذية ذات قدرات عالية، إضافة إلى ضرورة الإعلام لدوره، في المراقبة والمتابعة لخطط ومشاريع وبرامج الدولة.

خطوات إسعافية

في المقابل أوضح وزير الدولة بالمالية الأسبق عزالدين إبراهيم، أن خطط وبرامج وزير المالية للإصلاح الاقتصادي، يجب أن ترتكز على محورين هما برنامج إسعافي قصير المدى، يعالج مشكلات المعيشة وارتفع الأسعار وسعر الصرف، ثم البرنامج الآخر طويل المدى للعشرة أعوام القادمة، والخاص بالمساعدات الخارجية وانتهائها بخطة 2030م، داعياً وزير المالية “للفصل الذهني” بين البرنامجين القصير والطول المدى، وقال لـ(السوداني) إن الخطة الإسعافية يجب أن تعتمد على السياسات المالية، النقدية، المؤسسية ، من خلال ضبط الموازنة وحركة النقد للبنك المركزي، أما المؤسسية تعنى بإجراءات أداء الأعمال بالسودان، وتحسين مؤشرات العمل بما يسهم في إصلاح الخدمة المدنية، مشيراً إلى أن المرحلة الانتقالية يفضل فيها تكملة المشاريع القائمة وإصلاح المتعطلة، والابتعاد عن تنفيذ مشاريع جديدة،إضافة للاهتمام المتواصل بأمر الصادرات.

مسارات محلية وخارجية

وكان وزير المالية د. إبراهيم البدوي، أعلن مؤخرًا عن مشاريع وبرامج وخطط للإصلاح الاقتصادي على خلفية نتائج مباحثاته، مع مسؤولي صندوق النقد والبنك الدوليين والخزانة الأمريكية، عن مسارين للإصلاح هما إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والثاني إعادة تأهيل السودان بالاستفادة من التمويل العالمي الميسر، وأعلن عن تقديم (20) مشروعاً لأصدقاء السودان، من ضمنهم صندوق ثقة متعدد للمانحين بثلاثة مليارات دولار، برنامج الحماية الاجتماعية بنحو مليار ونصف دولار لدعم المواطنين مباشرة ، ومعالجة أزمة المواصلات وتوظيف الشباب والإحصاء السكاني والتعدد الزراعي والحيواني.

الخرطوم:ابتهاج متوكل
صحيفة السوداني


تعليق واحد