إعلام التمكين !

* لا بد ان يعقب إجازة قانون تفكيك الإنقاذ وحل الحزب (اللا وطني) تفكيك بنيته الاعلامية التي بناها وشيدها من أموال الشعب، وسجلها بأسماء أفراد لتمارس التضليل وتجميل صورة النظام البائد وتغييب الحقائق وتغطية المفاسد، وعندما سقط النظام تحولت الى منصات اعلامية للهجوم على الثورة والثوار والشهداء، والتحريض على الفتن وترويج الشائعات، وممارسة نفس الدور الذي كانت تمارسه صحف الكيزان خلال فترة الديمقراطية الثالثة (قبل يونيو 1989 ) في بث السموم وإشاعة الفوضى في المجتمع، تمهيدا للانقلاب الكيزاني على السلطة وتقويض الدستور ووأد الحريات في الثلاثين من يونيو الاسود عام 1989!

* وها هي تمارس نفس الدور الآن مستغلة أجواء الحرية التي أتاحتها الثورة وإيمان المسؤولين بحرية التعبير للجميع، بمن في ذلك أنصار النظام البائد المدفوعين بالحقد على الثورة والثوار وجماهير الشعب التي ازاحت نظامهم الفاسد البغيض الذي اهلك الحرث والنسل وأورد البلاد موارد الهلاك وطحنها بالحروب الاهلية وقتل أهلها ومرغ سيادتها وكرامتها في التراب وباعها بأبخس الأثمان، باعتراف رئيسه المخلوع الذى لم يخجل من الاعتراف باستلامه رشاوى وعطايا من أمراء الخليج احتفظ بها في مقر اقامته يتصرف فيها كما يحلو له بدون وازع من دين واخلاق وضمير، بينما الشعب يطحنه الجوع والفقر والغلاء والمرض واليأس !
* حملة شرسة تشنها أجهزة الاعلام والصحف المنهوبة من الشعب على الثورة والحكومة التي أرخت لها الحبل بحجة حرية التعبير واحترام الرأي الآخر، وهي حجة لم اكن لاختلف فيها مع الحكومة، ولقد كنت أكثر من عانى من التضييق والإيقاف والاعتقال والمطاردة وكبت الحريات خلال العهد البائد، ولا يمكن إلا أن أقف مدافعاً عنها، ولكن ليس بالمال المنهوب من الشعب، والأنكى أن يشتم الشعب وثورته وحكومته بهذا المال بدون خجل او حياء، ويتم تسخير الاجهزة والصحف التي شيدت من دمه وعرقه للهجوم عليه وتضليله واشاعة اليأس في نفوس أفراده بشكل متصل .. أي حرية تعبير وأي احترام للرأي الآخر يمكن أن نُطلق على هذا العمل الفاسد الجبان ؟!

* كل الصحف وأجهزة الاعلام ــ وأكرر ــ كل الصحف وأجهزة الاعلام التي تُستغل للهجوم على الثورة والحكومة وإشاعة الفوضى ونشر الشائعات هي اجهزة الشعب شيدها وبناها النظام الفاسد من مال الشعب وسجلها بأسماء أفراد بحكم القرابة او الولاء، وبذل لهم الأموال والعطايا بالمليارات، ووفر لهم الطباعة في مطابع الدولة بتسهيلات ضخمة وديون طويلة الأمد غير قابلة للدفع، واحتكر لهم الاشتراكات والإعلانات الحكومية بما يدر عليهم الأرباح الطائلة مع حرمان غيرهم، فتطاولوا في البنيان وصاروا من أصحاب الاموال والقصور، بعد ان كانوا حفاة عراة لا يملكون شروى نقير .. أي حرية تعبير هذه وأي احترام للرأي الآخر لمن سرق مال الشعب ليشتم به الشعب ويثري من ورائه؟!

* أتحدى أي شخص من ملاك هذه الصحف وأجهزة الاعلام أن يخرج الى العلن ويعلن عن مصادر الثروات الضخمة التي شيدوا بها هذه المؤسسات الاعلامية الضخمة التي تدار بمليارات الجنيهات، وتباع وتشترى بالمليارات .. من أين لهم هذه المليارات، هل هي ورثة من آبائهم، هل هي حصيلة أعمالهم ووظائفهم المتواضعة، وفيهم من كان قبل استيلاء النظام البائد على السلطة، بل سنوات بعدها مجرد موظف متواضع لا يزيد دخله عن جنيهات، وفجأة صار من أصحاب الممتلكات والصحف وأجهزة الاعلام والقصور التي تعادل قيمتها المليارات .. من أين لهم هذه الثروات الضخمة، ومن اعطاها لهم .. إنها أموال الشعب ودم الشعب وعرق الشعب ويجب أن يُسألوا عنها وعن مصادرها، ويقف الجميع على الحقيقة !

* توقع الكثيرون ان تفتح الحكومة هذه الصفحة السوداء من الأموال المنهوبة وإعادتها للشعب بعد سقوط النظام، ولكن لم يحدث شيء، ولا يلوح في الأفق أي ملمح لذلك .. لهذا لم يكن غريبا أن تتجاسر تلك المؤسسات وملاكها للهجوم على الحكومة وإشاعة الفتن وترويج الشائعات والاستخفاف بالثورة والثوار، وهو وضع سيستمر ويتطور إن لم تتخل الحكومة عن عطفها الزائد وتعمل بكل حزم على مراجعة هذه المؤسسات الاعلامية والصحفية واستعادة الأموال المنهوبة، وإعادتها للشعب الصابر على الظروف المعيشية القاسية والغلاء الفاحش!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة

Exit mobile version