“ألطف الكائنات”!
# إنهن بحسب الأغنية العربية الشهيرة البنات.. على اعتبار أنهن يمثلن الجنس اللطيف في أوج حيويته وعذوبته وجماله, قبل أن تتحول الأنثى منا إلى امرأة ناضجة ويتغير تكوينها النفسي وميولها الإنساني وتتحول في الغالب إلى سيدة مجتمع أو أم أو ربة منزل بقائمة مختلفة من الأولويات والمسموح به.
ورغم شرقية مجتمعنا القحة التي تمجد الذكور, إلا أن الاحتفاء الخفي بالبنات يتبدى في وصفهن على استحياء بالـ(الحنينات) المخلصات.. كونهن يظللن على عهدهن لبيوت ذويهن مهما تقلبت بهن صروف الزواج أو الحياة المهنية. إن البنت في الغالب تعود دائماً لبيت والدها في العديد من مراحل حياتها ولا تستغني عنه سواءً في حالات الزواج والاستقرار أو الوضوع أو لا قدر الله الانفصال.. ففي الأولى ترغم زوجها معنوياً على الارتباك بأهلها عبر الزيارات الراتبة والحرص الدائم على التواصل، وتدفعه بالتالي لتقديم فروض الولاء والطاعة بذكاء كبير، وإن لم يكن راضياً تمام الرضا بمعدل ترددهم على أهلها أو مساحة وجودهم في حياتهم.
وكذلك ينمو أولادها في كنف والديها وإخوتها وتربطهم بهم علاقة خاصة ومميزة ومعترف بها. فالمعروف أن أبناء (البنت) أشد قرباً ومحبة بأجدادهم وجداتهم من أبناء الولد بنسبة كبيرة.
# كل هذا وغيره، لأن (بت أبوها) هذه لا تقوى على الحياة بعيداً عن نطاق (عزوتها) العائلية.. وهو أمر محمود طالما لم يتجاوز حدود الاعتدال لأنه وببساطة (عز الحريم وليان).
لكن أحد هؤلاء الوليان من أصدقاء (الاندياح) بعث لي برسالة يشكو فيها مر الشكوى من تراجع فاعلية وإسهام البنات على أيامنا هذه في تسيير عجلة الحياة داخل أسرهن!!
وكنت قد لاحظت عملياً أن معظم الفتيات الشابات الموجودات حتى الآن على الأقل في كنف ذويهن قد أصبحن كسولات واتكاليات, يتقاعسن عن القيام بالمهام التقليدية لمن في مثل سنهن داخل البيوت من نظافة وترتيب ورعاية وضيافة وتواصل!!
لم تعد فتاة اليوم هي تلك التي تقوم بأعباء الطبيخ والغسيل والكي والزيارات الاجتماعية إنابةً عن والدتها, ولا تعتني بأمر والدها وإخوتها وتحرص على ترتيب أوضاعهم والعناية باحتياجاتهم والإشراف على مستلزماتهم والتفاني في خدمتهم!!
# لقد أصبحت (البنت) تهتم أكثر ما تهتم بمظهرها الخارجي ولهاثها خلف صرعات الموضة والعناية ببشرتها وتضييع الوقت والمال في أمور جانبية أهمها الكريمات والرصيد.
لقد كانت الفتاة في الماضي هي المسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة في المنزل.. تهرع لتلبية النداء.. وتنجز المهام الموكلة إليها بكل رضا واستمتاع. ولكنها الآن دائمة التأفف والمحاججة والمجادلة ولا تتوانى عن التعبير صراحةً عن عدم رغبتها في القيام بأي مشاركة أو مبادرة منزلية بحجة مقبولة أو دونها. وقد تتجاوز في ذلك التعبير الحدود ولا تخشى غضبة والد ولا أخ ولا حتى أم, فهي ترى أنها حرة في إعلان إرهاقها أو كدرها اللذين يحولان دون المساهمة في الأعمال المنزلية التي أصبحت بالضرورة تقوم بها الأم المسكينة المغلوبة على أمرها والواقعة بين سندان جبروت بناتها الشخصي وبين غريزتها كأم تميل لتدليلهن والاحتفاء بهن والحرص على جمالهن ورقتهن.. أو تقوم بها واحدة من الوافدات مدفوعات القيمة اللائي اتسعت رقعة انتشارهن حتى لم نعد نقوى على الاستغناء عنهن وبدأن يشعرن بذلك ويمعن في استغلالنا مادياً وإرهاقنا نفسياً ونحن صاغرون, لأن مفهوم الأسر الممتدة قد تراجع ببساطة.. ولم نعد نملك من يعيننا على مسؤولياتنا إلا بأجر!!
# إذن.. كان لابد أن يترتب على ذلك ارتفاع فى معدلات العنوسة, لأن (البنات) العزيزات اللطيفات لا يستطعن تحمل مسؤولية أسر صغيرة وبيوت وأزواج.. ولا يقبلن إلا عريساً قادراً على توفير (مديرة) للمنزل تدير شؤونهم الداخلية والخارجية وتسمح (للعروس) بالتفرغ للعناية ببشرتها ودخول الفيس بوك ومشاهدة التلفاز طوال النهار، فلا يكون الزواج أكثر من (حنة) ومكياج!!
ورحم الله زمان (البنت) الكريمة العفيفة البريئة الهميمة التي تغسل كل ملابس الوالد والأخوان وتطهو الطعام وتنظف الجدران وتكرم الضيفان وتواصل الأهل والجيران وتسقي الشجر العطشان وتفرش السراير في الحيشان.. والله زمااااان!!
# تلويح:
أعلم أن هناك فتيات رائعات يستحقن الاحترام والرضا التام لا يزالن يحفظن هذا النوع من الانقراض.. ولكنهن بنسب قليلة.. ولتتأكد من النسبة أنظر داخل بيتكم.. وحدثنا عن النتيجة.
إندياح – صحيفة اليوم التالي