تحقيقات وتقارير

حكومة حمدوك بين روشتة صندوق النقد الدولي ومطالب الشارع!!


يلتئم اليوم بمجلس الوزراء اجتماع حاسم لاجازة موازنة ٢٠٢٠م لمسألة رفع الدعم واعادت تصريحات الحكومة للاذهان حالات الترقب والقلق التي كانت تسيطر على السودانيين نهاية كل عام حينما كان النظام البائد يتوعدهم بمزيد من الضنك في لقمة العيش.. وتنفس السودانيون الصعداء عقب سقوط النظام الذي قام برفع الدعم عن الخبز في أيامه الأخيرة … لكنهم تفاجأوا بعد ان لوحت حكومة الثورة التي حلموا بأن تخلصهم من كوابيس رفع الدعم وهواجسه لوحت بامكانية رفع الدعم، وكانت حكومة الثورة قد أعلنت أنها ربما تلجأ لرفع الدعم الذي دائما ما كان صندوق النقد الدولي يقف خلف النظام البائد ويحثه على تطبيق روشتته التي تزيد الأغنياء غنى والفقراء فقراً …الروشتة التي اوصلت النظام المخلوع الى السقوط بجدارة … فهل ستتراجع الحكومة الانتقالية عن ذلك لتجنب مصير الإنقاذ المظلم ؟.

اختصاصات صندوق النقد

يذكر أن صندوق النقد الدولي يختص بتقديم القروض إلى الدول الأعضاء لمعالجة العجز المؤقت في موازين مدفوعاتها، وبذلك يعمل على استقرار أسعار الصرف. ويجب على الدول المقترضة أن تستشيره بشأن الخطوات التي تتخذها لتحسين وضع ميزان مدفوعاتها.

النشأة والعضوية

وبحسب موقع الصندوق فان دوره برز للوجود بصفة رسمية في 27 ديسمبر/كانون الأول 1945 بعد توقيع 29 دولة على ميثاق الصندوق في مؤتمر بريتون وودز بالولايات المتحدة الأميركية في الفترة من 1-22 يوليو/تموز 1944، وبدأ ممارسة أعماله في الأول من مارس/آذار 1947، ويبلغ عدد أعضائه 183 دولة، والهدف الأساسي للصندوق هو تحقيق التعاون الدولي في الحقل الخاص بالنقود للتخلص من القيود على الصرف الأجنبي كي تستقر أسعار الصرف، وبذلك يمكن الموافقة على قبول عملات الدول الأعضاء في المدفوعات فيما بينها، وقد اتفق على أن تلتزم كل دولة من الدول الأعضاء بسعر الصرف المحدد لعملتها ولا تسمح بتقلبات هذا السعر إلا في حدود +/- 1%.وسعر الصرف المحدد يكون على أساس الدولار الأميركي، وهو بالتالي مرتبط بالذهب وفقاً لسعر معين، وينص نظام الصندوق على أنه يجب على كل دولة عضو فيه أن تأخذ إذن الصندوق قبل خفض أو رفع قيمة عملتها، كما يجب عليها أن يكون لها حصة في أموال الصندوق تتكون من 25% ذهب و75% من عملة الدولة نفسها.

تقديم القروض

ويختص الصندوق بتقديم القروض إلى الدول الأعضاء لمعالجة العجز المؤقت في موازين مدفوعاتها، وبذلك يعمل على استقرار أسعار الصرف، ويرجع تحديد إمكانية الاقتراض وحقوق التصويت إلى حصة الدولة في أموال الصندوق، فأميركا مثلا لها حصة تصويت بنسبة 23%، والمجموعة الاقتصادية الأوروبية مجتمعة لها حصة تصويت بنسبة 19%. وعندما تحصل الدولة على قرض يكون ذلك في مقابل تقديم قيمة معادلة من عملتها الخاصة، وعلى الدولة أن تسترد هذه العملة الخاصة بها في مدة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات، والدول التي تقترض من الصندوق يجب أن تستشيره في الخطوات التي تتخذها لتحسين وضع ميزان مدفوعاتها، ومجموعة الدول العشرة التي تتكون من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا الاتحادية وفرنسا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا والسويد وكندا واليابان أظهرت استعدادها لتقديم الائتمان إلى الصندوق عندما أصبحت هناك حاجة ماسة إلى زيادة أمواله وكان ذلك في عام 1962. ومنذ عام 1972 بدأ الصندوق في توزيع حقوق السحب الخاصة على أعضائه بنسبة حصصهم في أموال الصندوق.

اصلاحات جريئة

وقال صندوق النقد الدولي، إن السودان بحاجة إلى اتخاذ قرارات وإصلاحات جريئة وشاملة، حتى يستقر الاقتصاد ويقوى النمو المتراجع في البلاد.
وأصدر الصندوق عقب اختتام بعثته مشاوراتها للمادة الرابعة مع الخرطوم خلال زيارة امتدت في الفترة بين 4 إلى 17 ديسمبر الحالي، وذكر الصندوق بحسب وكالة الأناضول أن الأوضاع الاقتصادية ما تزال صعبة في السودان، بسبب استمرار عجز المالية العامة والتضخم المرتفع وضعف فرص الحصول على التمويل.

تحديات جسيمة

وأعرب الصندوق عن أمله في أن يتيح التغيير السياسي للسودان، فرصة لتنفيذ الإصلاحات الضرورية التي تعالج الاختلالات الاقتصادية الكلية الكبيرة، وتخلق الظروف الملائمة لتحقيق نمو احتوائي مستمر غير أن الحكومة الجديدة تواجه تحديات جسيمة، فالاقتصاد ينكمش، والاختلالات كبيرة في المالية العامة والحسابات الخارجية، والتضخم مرتفع، والعملة مبالغ في قيمتها، والقدرة التنافسية ضعيفة. وهناك وضع إنساني بالغ الصعوبة وأردف الصندوق في بيانه: “من الضروري إطلاق النمو وتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي، لدعم الإصلاحات والتحسينات في بيئة الأعمال والحوكمة وتوقع أن يكون توسيع شبكة الأمان الاجتماعي، وتركيز مساعداتها في البداية عاملاً أساسياً للمساعدة على تخفيف وطأة الإصلاحات التي قد تكون صعبة على شرائح المجتمع الضعيفة.

اصلاحات هيكلية

ووضع فريق الصندوق مقترحات للتخفيف من الأوضاع الحالية، من بينها “تحرير سعر الصرف، وتعبئة الإيرادات، والإلغاء التدريجي لدعم الوقود؛ وإجراء زيادة كبيرة في التحويلات الاجتماعية لتخفيف أثر التصحيح على المجموعات الضعيفة وأردف “ينبغي أن تركز الإصلاحات الهيكلية على إجراءات مكافحة الفساد، وتحسين الحوكمة وبيئة الأعمال من أجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتعزيز النمو الاحتوائي.

اعتراض قوى الحرية

وكان القيادي بقوى الحرية والتغيير المهندس عادل خلف الله قد كشف عن تقديم وزير المالية بدوي إبراهيم رفع الدعم عن المحروقات بجانب تعديل في سعر صرف الدولار في المسودة الأولى لمؤشرات ميزانية 2020م مما دفع قيادات قوى الحرية للاعتراض على ذلك وطالبوا وزير المالية بإعادة النظر في تلك الاجراءات.

حشد الموارد الذاتية

وقال خلف الله لـ(الجريدة): (رفضنا اي اتجاه لرفع الدعم عن المحروقات بأي حجة أو أي بديل نقدي ووزير المالية قدم مؤشرات لرفع الدعم تدريجياً في الفترة من مارس الى أغسطس وتم استبعاد ذلك من مشروع الموازنة بالاضافة الى تعديل سعر الصرف بعد اعلان عدم موافقتنا على ذلك وأننا لن ندعم الموازنة)، وأرجع رفضهم لرفع الدعم لجهة أن مبلغ الدعم غير مزعج وليس كبيراً، وأعلن خلف الله عن تقدمهم بمقترحات لحشد الموارد الذاتية للشعب السوداني من خلال تفجير طاقاته بالاضافة الى مقترحات أخرى للمساهمة في إعداد ميزانية رشيقة بإستبعاد أكثر من 200 جسم أنشأها النظام البائد للترضيات والصرف خارج الميزانية لخلق وظائف لأنصاره بالاضافة الى زيادة انتاج سلعة الموز من 10 ألف فدان الى 800 ألف فدان مما سيؤدي الى توفير 8 مليار دولار. الا ان مجلس الوزراء بعد از عقد اجتماعا إستثنائياً، بعد تصريحات خلف الله التي قطع فيها باستبعاد رفع الدعم واعلن مجلس الوزراء عن انه يدرس في مسألة رفع الدعم .

وأوضح وزير الثقافة والاعلام الناطق الرسمي بإسم الحكومة فيصل محمد صالح فى تصريحات صحفية أن الاجتماع هو الثاني لمجلس الوزراء للتداول حول الميزانية، مبيناً أن الحوار حول الميزانية مازال متواصلاً، وأشار الناطق بإسم الحكومة إلى أن مجلس الوزراء شكل لجنة مصغرة لمناقشة خيارات موضوع رفع الدعم بإعتباره الموضوع الأساسي.

رفع تدريجي

وقال محمد صالح إن الميزانية تقترح رفع الدعم عن البنزين والجازولين بصورة متدرجة ، موضحاً أن ذلك سيقابله مضاعفة مرتبات العاملين بالدولة، فضلاً عن الدعم الإجتماعي النقدي المباشر للقطاعات الفقيرة، إضافة إلى زيادة الإنفاق على التعليم والصحة لتحقيق مجانية التعليم والعلاج بالمستشفيات الحكومية.

انتقادات الشعبي

وقال مسؤول باللجنة الاقتصادية للمؤتمر الشعبي للجريدة أن مشروع الموازنة المطروح من قبل حكومة حمدوك لم يختلف عن طرح حكومة معتز كثيرا ان لم نقل بل هو وقع الحافر على الحافر وارجع ذلك لأن خبير صندوق الدولي الذي حضر لمعتز ناصحا هو اليوم المعني الاول بتنفيذ روشتة البنك الدولي واضاف: الوزير كان يحدثنا عن استرداد الاموال المنهوبة لكن اصابته علة من سبقوه من أهل الحكم.

معول الهدم

وانتقد عبد الوهاب تراجع الحكومة عن تعهدات سابقة قطعتها الحكومة برفع الحد الادنى للأجور وزيادة الرواتب ويضاف الى ذلك اهمال عن ذكر التدابير اللازمة لمكافحة التضخم وهو معول الهدم الاول للاقتصاد السوداني ونوه إلى أن الموازنة حفلت بالامال العراض كسابقاتها حيث وضعت نسبة نمو ٣ بدلا عن ٤% واشتملت على توفير 50 الف وظيفة بدلا عن ٦٠ بجانب تخفيض التضخم ل ٢٨ بذات الرقم وفيما يختص بالسياسات فقد تضمنت الموازنة تعويم الدولار الجمركي و رفع الدعم، وحاولت الموازنة ارضاء العاملين برفع الاجور، وارضاء الشعب بزيادة الاسر المدعومة اجتماعياً وزيادة تغطية التأمين الصحي واعتير انها ارضاءات شكلية لا تجبر ضرر رفع الدعم واردف: وهي وعود بعد وعود اما النتيجة فهي كسابقتها سيحدث مزيداً من الانفلات لقيمة العملة وزيادة في التضخم ومزيد من الفقر والبطالة وقال عبد الوهاب سعد نسبة الفقر وصلت ل ٦٥% مما يستصعب معه تطبيق اي سياسة خاصة برفع الدعم لأنها سوف تقوم بطحن الشعب السوداني ( الفضل) اما الدولار الجمركي الذي تعهدت الميزانية بتعديله من ١٥ الى ٥٥ فانه سوف يضاعف لهيب الاسعار بارتفاع الجمارك لاكثر من ٣ أضعاف علماً بأن ٧٠% من الواردات هي مدخلات انتاج ولفت إلى ارقام الميزانية حوت كثيراً من عدم الموضوعية في التقدير وتساءل كيف يتسنى لحكم انتقالي بزيادة الايرادات ٨٧% وزيادة الضرائب ٥٧% اين الوفورات التي ظل يبشر بها خبيرنا الدولي ورأى أن تقليص ميزانية الدفاع الى٢٠% مما كانت عليه واستدرك متسائلاً أين التقشف ؟ أين وقف الصرف السياسي ؟ وذكر هذه الاسئلة التي يجب ان يبدأ منها الوزير واردف: الوزير كان يحدثنا عن استرداد الاموال المنهوبة لكن اصابته علة من سبقوه من اهل الحكم. شبهات الفساد تطارد كل قراراتهم وقلل مما أثير عن استئجار الموانئ وتخصيص تصدير الذهب لشركة خاصة وذكر: ذلك ينقلنا لحالة (الاستحمار) حتى نقول ليتنا رضينا بالاستعمار واشار إلى تراجع الحكومة عن تصريحات سابقة عن رفع الحد الادنى للأجور وزيادة الرواتب ويضاف الى ذلك اهمال عن ذكر التدابير اللازمة لمكافحة التضخم وهو معول الهدم الاول للاقتصاد السوداني ولفت الى ان تقليص ميزانية الدفاع الى ٢٠ % لم ينعكس على خفض المصروفات الذي تضاعف الى اكثر من ضعفين في ظل حكومة ثورة وليس امتداداً لحكومة الانقاذ.

تحذيرات الخبراء

من جهته قال رئيس اللجنة الاقتصادية بالجمعية السودانية لحماية المستهلك د.حسين القوني للجريدة روشتة صندوق النقد الدولي معروفة على مستوى العالم انها في الغالب تبدأ بسياسات ليست في صالح المواطن لأنها أحيانا لا تراعي ظروف البلاد فلكل بلد خصوصيته وظروفه فالسودان خرج من حكم نظام أفقره وعجز طوال مدة حكمه أن يطور البلاد رغم الإمكانيات الكبيرة في داخل الأرض وباطنها واردف: وبعد مجئ الحكومة الجديدة كان الشعب ينتظر منها ان تنتصر له باعتمادها على موارد الدولة الهائلة ولكنها أعلنت عن اعتزامها اتباع سياسات صندوق النقد الدولي ومن شروطها رفع الدعم عن بعض السلع مثل الوقود.

وحذر القوني من تنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي لجهة ان وضعها موضع التنفيذ سيؤدي الى رفع تكاليف الحياة لأن رفع الدعم عن الوقود سيؤدي الى ارتفاع كل مناحي الحياة باعتبار انه يدخل في الزراعة والصناعة والنقل وقلل من إعلان الحكومة عزمها دفع تعويضات مالية وأردف: مهما بلغت لن تعوض المواطن عن فرق الاسعار خاصة مع غياب الرقابة الحكومية وغياب الجمعية السودانية لحماية المستهلك.

مطالب باستثناء

وأعلن رئيس اللجنة الاقتصادية بجمعية حماية المستهلك عن تأييده لرفع الدعم عن البنزين فقط دون المساس بالجازولين لجهة انه يدخل في قطاعات كثيرة جدا ونوه الى ان البنزين يستهلك بواسطة الاغنياء والمقتدرين ولن يؤثر على السواد الاعظم مما يؤدي إلى ضرر اخف لتأثيره المباشر على النشاط الاقتصادي واقتصادياته وشدد د.القوني على ضرورة ربط الاحزمة والاعتماد على الذات حتى لا تقع البلاد فريسة لشروط صندوق النقد الدولي والمعروف بشروطه القاسية دون مراعاة الظروف الداخلية والامكانيات الاقتصادية التي يمكن ان تنهض بالبلاد في فترة وجيزة اذا صلح الحكم وطالب بضرورة التأكد من ضبط الاسواق ومحاربة التهريب والسماسرة وتجار العملة فضلاً عن تحسين المناخ الاستثماري ومنح تسهيلات للمستثمرين ووقف استيراد السلع غير الضرورية وتفعيل قانون النقد الاجنبي لخفض الطلب على الدولار وبالتالي خفض سعره في السوق الموازي واضاف: هذه جزء من مطلوبات تطبيق شروط النقد الدولي المعروفة.

الخرطوم : سعاد الخضر
صحيفة الجريدة


تعليق واحد

  1. الكثيرين يتهمون صندوق النقد الدولي بفرض سياسات تقشفية على الدول التى تلجأ اليه ينتج عن تلك السياسات ضغط كبير يقع على عاتق الفقراء لان روشتة صندوق النقد الدولي تبدأ برفع الدعم عن السلع
    فصندوق النقد الدولي ليس منظمة خيرية تقرض الدول لتوجه تلك القروض لدعم سلع يستهلكها الشعب بل يحرص الصندوق ان يتم توظيف تلك القروض فى مجال التنمية والانتاج مما يحقق النهضة ويجعل سداد تلك القروض ممكنا
    ففى الحالة التى تمر بها بلادنا فان الامر غاية فى الدقة والتعقيد قيمة العملة الوطنية منهارة تماما والتضخم بلغ مدى لا يمكن معه احتمال اى رفع للدعم خاصة وأن الشرائح التى تستحق الدعم النقدى المباشر ذادت نسبتها ومن الممكن أن تكون تلك النسبة قد بلغت ٦٥% من الشعب ان لم تكن قد تجاوزتها وان تدعم الدولة هذه النسبة العالية نقديا نظير رفع جزئى للدعم عن السلع يكون هذا الخيار غير ذى جدوى ونكون قد استجرنا من الرمضاء بالنار فالخيار الافضل استمرار الدعم والبحث عن موارد تغطى عجز الموازنة منها مصادرة الاموال المنهوبة ومحاربة الفساد وتقليل الإنفاق وخلق موارد ترفد الاقتصاد بعملات صعبة كزيادة تصدير الذهب على ان تعمل الحكومة بكل جهدها لتغطية عجز الموازنة بجانب تخصيص قدر كبير من الموازنة للتنمية مثل معالجة مشكلات مشروع الجزيرة وتكثيف التنقيب عن البترول والذهب وتنمية الثروة الحيوانية وهذا سيسهم بقدر أساسي فى تعافى العملة الوطنية وانخفاض نسبة التضخم مما يعنى انه لن تكون هنالك حوجة لرفع دعم بل ستتلاشى الحوجة لدعم السلع تدريجيا الى ان تختفى تماما بتعافى الإقتصاد حينها يمكن للسودان ان يعود ماردا قويا ويصبح قلب العالم النابض لا قلب افريقيا فحسب