أبشر الماحي الصائم

دراما “الأرض المحروقة”

[JUSTIFY]
دراما “الأرض المحروقة”

*في كل أدبيات المفاوضات لا أحفل كثيراً بما يقوله المفاوضون، ولكني أظل أبحث عن الذي لم يقل، على افتراض أن كل التصحريات الغزيرة التي تسبق أو تتوسط عمليات المفاوضات هي محض ترفيع لسقوفات التفاوض وأشواق وأمنيات، والغافل من ظن الأشياء هي الأشياء..
*فالذي يود أن يلتقط رأس خيط مفاوضات أديس أبابا التي تشتعل هذه الأيام بين وفدي الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان، فعليه أن يقرأ تصريحات السيد دونالد بوث المبعوث الأمريكي للسودان، وذلك لكون الرجل الأمريكي كان واضحاً جداً، وهو يسمي الأشياء بمسمياتها، قال موجهاً حديثه للبروف غندور رئيس الوفد السوداني، نحن نطلب منكم شيئين اثنين، وقف الحرب وفتح ممرات آمنة للعمل الإنساني.
*وتقريباً هذه هي الأوتار ذاتها التي ظلت تعزف عليها الحركة الشعبية منذ فترة طويلة، من جهة أن عمليات (الصيف الساخن) التي تضطلع بها القوات المسلحة في هذه الموسم قد كانت موجعة وقاضية، وهي تفتأ تصل إلى أعماق وجذور ما يسمى بالجبهة الثورية.
*ومن جهة أخرى، وهذا بيت القصيد، أن دراما إحراق الأرض، الأرض المحروقة، تبدأ بفتح الممرات الآمنة، ومن ثم استقدام (المنظمات الإنسانية) إحدى أقوى مخالب الاستعمار الحديث، وما دخلت هذه المنظمات في منطقة إلا واحتفظت بها تحت قبضتها كمنطقة صراع (وصداع) دائم، ومن ثم تضيفها إلى بقية (المناطق المحروقة) لتتسع رقعة بؤر الصراعات في هذا البلد حتى يتآكل من الأطراف.
*إذا ما أراد ما يسمى (بالمجتمع الدلي) الذي تخطط له القوى الصهيونية إحراق بلد، فإنه يبدأ باختلاق فتنة بين مكوناتها، وحتى إذا ما اشتعلت النيران لبس هذا المجتمع قفطان (المنظمات الإنسانية)، ودخل إلى هذه المنطقة (بالأجندة الحرام) والأغذية المضروبة، وجعل أعزة أهلها أذلة وهو ينقلهم من قراهم المستقرة لمعسكرات النزوح.
*والخطة تجاه السودان يفترض أن تذهب لإحراق كل المنطقة الحدودية التي تمتد من ولايات دارفور عبر جنوب كردفان إلى النيل الأزرق.
*ان توضع هذه المنطقة برمتها تحت وصايا الأمم المتحدةن فاي منطقة تقتات من هذه المنظمات من الأحرى قد وقعت تحت أسر (المجتمع الدولي)، وبالتالي تكون قد خرجت عن إرادة الدولة وسلطانها، وما تكاثرت منظمات الأمم المتحدة في بلد إلا وكان ذلك خصماً على سيادته.
*وما دخلت مدينة أو منطقة إلى مظلة (المنظمات الإنسانية) وإلا لم تخرج منها أبداً ولم تذق طعم العافية مطلقاً، فأول شيء تفعله هذه المنظمات هو أن تعطل عمليات الإنتاج بعد تحويل المواطنين من حواشاتهم وقراهم إلى معسكرات نزوحها واعتمادها كلياً على معلباتها المضروبة، ثم بعد تعطيل العمل والإنتاج تقوم بعمليات (تعطيل العقول) وزرع الأجندة الفاسدة ولكم في أزمة دارفور أسوة سيئة، فهذه المنظمات لها عداء تاريخي مع ثقافة (إعادة التوطين) التي تتبناها الحكومات، فاحتباس المواطنين في معسكرات هو برهان على وجود الأزمة واستمراريتها، كما أنه في المقابل مسوغ للداعمين من وراء البحار.
*حكوماتنا بطبيعة الحال تدرك مآلات ومخاطر دعاوى (المبعوث السامي الأمريكي) الذي يتدثر بكلمة واحدة يراد بها باطل، فالإمبراطورية الأمريكية التي ترفع شعارات الأخلاق والإنسانية هي بالأحرى أكبر منتهك لهذه القيم حول العالم وترفدنا كثيراً من المشاهد.
*سادتي.. نعم للسلام.. نعم لوقف الاقتتال.. نعم للمفاوضات.. لا وألف لا لدخول هذه المنظمات الملغومة، وعلى الحكومة أن تقوم بواجبها في تدارك مواطنيها الذين يقعون تحت خطوط النزاعات، كما أن وقف الاقتتال تلقائياً سيفضي إلى الاستقرار والإنتاج.

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي