وبعدين معاكم
استعير هذه العبارة الأثيرة التي عرف بها الصيرفي جهير السيرة حافل المسيرة الأستاذ نقد الله أحمدي، وكان عندما لا يعجبه الحال يستعصم بهذه العبارة (وبعدين معاكم) وحيا الله (سعادة البيه) نقد الله..
*أستدعي هذه العبارة من مرقدها الشريف على اثر عبارات قال بها (إخواننا) اليساريون لا تشبه (مرحلة الوفاق والتناغم) التي يرسخ لها المعارضون والحكوميون بعد أن شعر الجميع بأن الأرض تهتز تحت أرجلنا على أن القصة هذه المرة (قصة وطن)، فقد خشى الجميع أن نصحو ذات يوم حزين ولا نجد وطناً نتصالح أو نتخاصم عليه!
*فأود هنا أن أقف عند بعض العبارات التي تبادلها الرفيقان (الخطيب وضياء الدين) في الندوة التي نظمها الحزب الشيوعي أمس الأول بداره بالجريف غرب.
وقال السيد الخطيب سكرتير الحزب الشيوعي السوداني، إننا لن نستكين لإصلاحات المؤتمر الوطني التي ستفضي إلى انتخابات مزيفة، كما رأى الأستاذ محمد ضياء الدين أن الأمر برمته لا يعدو كونه (ترقيع نظام) وعمليات إعادة إنتاج تتحالف وتتآزر لأجلها مجموعة مكونات بالداخل والخارج، وإنهم لن يذهبوا إلى الانتخابات القادمة.
*لا تملك عزيزي القارئ إلا أن تستعصم بعبارة نقد الله (وبعدين معاكم)! فهؤلاء الإخوان في تحالف المعارضة يرفضون كل المسوغات، فعمليات الإصلاح التي أفنى التحالف كل عمره يدعو لها مرفوضة والاحتكام إلى (صناديق الانتخابات) مرفوض مرفوض، لطالما (قد التحالف رؤوسنا بسب الشمولية) ولطالما هتف بالحرية والديمقراطية! (إيش نسوي) دام فضلكم، فلا يعجبكم العجب ولا الصيام في رجب.
* لكن مؤسسة الملاذات الجناح الفكري تملك الإجابة على السؤال، لماذا يهرب اليساريون من صناديق الانتخابات! الإجابة بسيطة جداً، وهي أن الشيوعيين واليساريين في تاريخهم الانتخابي والنقابي لم يذهبوا منفردين إلى الصناديق، ففي كل المرات يصطنعون تحالفاً أو تجمعاً يتدارون حوله، وأنشط ذاكرتكم بمجموعات مسميات في مواسم وأزمنة تاريخية مختلفة (الجبهة الديمقراطية) (التجمع الوطني الديمقراطي) (تحالف المزارعين) (تحالف القوى الحديثة) وغيرها وصولاً (لتحالف المعارضة) الحالي.
*أما ولماذا نشطت هذه المقاطعة الآن، ذلك لأن تحالف المعارضة الذي يقوده الأستاذ فاروق أبو عيسى فقد أشهر لاعبيه، ويذكر في هذا السياق الهداف المحترف المحامي كمال عمر عبد السلام ومؤتمره الشعبي وحزب الأمة القومي ومن قبلهم الاتحاديون بكل قبائلهم، لم تبق إلا الأحزاب التي قد يسعفها التاريخ وتخزلها الجماهير. فالحزب الشيوعي السوداني على سبيل المثال في أحسن الدورات الانتخابية أحرز ثلاثة مقاعد برلمانية.
*مرة سُئل الأستاذ يوسف حسين لماذا تدعون إلى الديمقراطية وأنتم لا تملكون لها الحد الأدنى من الجماهير، والديمقراطية برمتها وشرعيتها هي محض ملء لصناديق انتخابات!
*طربت يوميذ لجرأة وشجاعة السيد حسين وهو يقول (نحن لسنا حزباً جماهيرياً)، ثم يضيف (نحن حزب كفاحي ثوري)، ولنا في هذه الحالة أن نزعم الحديث لمؤسسة الملاذات بأن دعوة اليسار إلى الديمقراطية هي ليس دعوة حقيقية، لأن أسلحة اليسار التي هي (الكفاح والثورة) هي أقرب للشمولية، فعلى الأقل أن اليسار السوداني هو الذي علمنا (ثقافة الانقلابات على الديمقراطيات والتعدديات)، ففي البدء كانت مايو الشيوعية.. أنت يا مايو الخلاص يا جداراً من رصاص.. يا سيف الفدا المسلول نشق أعدانا عرض وطول.
مخرج.. لم يعد الشيوعيون أولئك الماركسيين، فقد أصبحت بعض (أشواق عمالية)، فأرجو ألا يعزلوا لقلة أو غلة أو غيلة، أرجو أن يلحقوا بركب (الالتئام الوطني).. والله أعلم..
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي