رأي ومقالات

تجار الأزمة


حال الشعب السوداني مع المعاناة أصبح أمر لايحتاج حديث طويل، فالحكومة الانتقالية تدرك مدى معاناة الناس مع تطاول صفوف الخبز والوقود ، غير أن الأمر الذي هو بحاجة للحديث عنه مطولا ، حتى يجد الحلول اللازمة.. يتمثل في فئة من الناس تخصصت للأسف في الاتجار بالازمات ..مما يزيد المعاناة ويعقد المشهد المعتز أصلا .

مع بدء إنتشار فايروس كورونا عالميا ، والكشف عن أول وفاة في السودان ، وقبل الإعلان عن تسجيل حالتين لسوداني وأسباني ، كان “تجار الأزمة” يخزنون “الكمامات” و”المطهرات” ، مما جعل الصيدليات في الخرطوم والولايات تكتفي فقط بأن هذه ” الكمامات والمطهرات والمعقمات ” قد نفذت ..وكان أمرا لافتا أن تختفي كل هذه الكميات خلال يومين ..لكن مهلا.. لم يمض وقت طويل حتى توفرت ولكن بأسعار غير خيالية ،فالكمامة التي كانت تباع ب10 و15 جنيها تجاوزت الخمسين جنيها. .وكذلك الحال تضاعفت أسعار المعقمات والمطهرات ، في غياب كامل لأجهزة الدولة الرقابية .

نعم تجارالأزمة لم يولدوا اليوم فهم في السوق منذ سنوات طويلة ، تناسلوا في ظل غياب العقوبات الحكومية الرادعة، فهم الذين يقومون بتخزين”السكر والدقيق والزيت .. الخ ” ومن ثم يتحكمون في الأسعار كما يفعلون مع العملات الأجنبية ..ومهما أرتفعت الأسعار من قبل تجار الأزمة الذين يدافعون عن زيادة الأسعار بسبب ارتفاع الدولار وهم أيضا من يتجار فيه .. وبلغ الحال أن تتغير الأسعار في البقالات في اليوم الواحد عدة مرات “صعودا طبعا” فهبوط الأسعار مسألة غير منتظرة .

كان على تجار الأزمة أن يفكروا لمرة واحدة أن الأزمة هذه المرة تعني أن الموت قريب من خلال فايروس الكوونا وأنهم ليس في منأى من هذا الداء، ولو فكروا في الامر لما أقدموا على هذه الممارسة القبيحة ، فالقصة أن أهل السودان حكومة ومعارضة يقفون صفا واحدا لمجابهة الفايروس القاتل، ولعل “الكمامات والمعقمات والمطهرات” تعتبر وسائل وقاية من فيروس الموت ، كان يجب أن تظل بأسعار زهيدة ان لم توزع مجانا كما فعلت كثير من الدول ، فالانسان البسيط الذي يكافح طوال اليوم ليطعم أسرته ” عدس او فول او طعمية” قد لايقوى على شراء كمامة تزيد عن الخميسن الف جنيه ..وبالتالي هو يفقدأحد الأسباب التي بعون الله يمكن أن تقيه من المرض.

عموما “تجار الأزمة” أناس تخلوا عن إنسانيتهم وهو واقع لاتجدي معه المناشدات ، فقط على الجهات المختصة أن تعمل القانون لملاحقة كل من يعمل على تعميق أزمات الشعب السوداني التي تكاد لاتنهي ..فإنزال العقوبات الصارمة بهولاء سيكون عظة لاخرين لعدم المضي طويلا في هذا الطريق القبيح.

مصطفى محكر