إنشاء جهاز أمن داخلي.. إجراءات استباقية للمواجهة
بعد حادثة رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك الشهيرة، والأولى في تاريخ السودان السياسي، انخرط مجلس السيادة ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير وقتها في اجتماع مغلق لساعات طويلة، وكانت نتائجه الإسراع الفوري في إنشاء جهاز أمن داخلي، تلك الخطوة التي قوبلت من قبل وزارة الداخلية عندما أعلنت عن إنشاء جهاز أمن داخلي في وقت تمر به البلاد بأوضاع سياسية حرجة. وعن بدايات عملية الإنشاء، وجه وزير الداخلية الفريق أول شرطة حقوقي الطريفي بتشكيل لجنة مختصة لإنشاء جهاز أمن داخلي وتختص اللجنة بإعداد تصور متكامل يشمل النواحي الأمنية والإدارية والقانونية والفنية والتكنولوجية والمالية والتدريبية لإنشاء الجهاز بمفاهيم تتسق مع حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ويعمل جهاز الأمن الداخلي وفق معايير قومية لتحقيق الأهداف والمبادئ التي ترتكز على حماية الأمن الداخلي. فما هي الأهداف الحقيقية وراء إنشاء جهاز للأمن الداخلي ليكون وزير الداخلية هو الجهة المسؤولة عنه في هذه المرحلة المهمة من عمر الديمقراطية والحكومة الانتقالية؟
إزالة التمكين
يرى مراقبون أن هذه الخطوة تأتي اتساقاً مع مبادئ حماية ومراقبة الشخصيات المهمة في البلاد للحيلولة دون وقوع حوادث شبيهة بالتي استهدفت السيد رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك. بيد أن الكثيرين أبدوا تخوفاً من أن الجهاز قد ينحرف عن مهامه لمهام أخرى شبيهة بالتي كانت تدور إبان النظام البائد، بينما رأى آخرون أنها خطوة في اتجاه تصفية جهاز الأمن البائد في خطوة تتماشى مع خطوات إزالة التمكين.
ضد الإرهاب
هناك عدة إشكاليات دفعت الحكومة للاتجاه نحو انشاء جهاز أمن داخلي ضد الإرهاب، ومن ضمن تلك الأسباب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك داخل العاصمة الخرطوم من قبل خلية إرهابية، ولكنها فشلت، لذلك قرر قادة الحكم الانتقالي في السودان تشكيل جهاز أمن جديد يتولى شوؤن الأمن الداخلي في إطار هيكلة المنظومة الأمنية في البلاد وملاحقة العناصر الإرهابية بغرض اتخاذ إجراءات استباقية للمواجهة، وذلك على خلفية محاولة اغتيال حمدوك التي وقعت في الشهر الماضي.
وفي غضون ذلك وحول قرار إنشاء الجهاز، قال عضو مجلس السيادة والناطق الرسمي باسمه محمد الفكي سليمان، إن الاجتماع الذي ناقش هذا الأمر، ضم كلاً من مجلس السيادة ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير، وإن الاجتماع قرر إنشاء جهاز أمن داخلي يكون تابعاً لوزارة الداخلية ومواصلة إجراءات هيكلة المنظومة الأمنية، وتنحصر مهمة الجهاز الجديد في الرصد والتدقيق والمتابعة الفعالة لكل الأفراد المنتمين للمنظمات الإرهابية والمحظورة أو ذات الأهداف المعادية للثورة، وكانت مهمة الأمن الداخلي تتبع لجهاز الأمن والاستخبارات الآن من عهد الرئيس المعزول عمر البشير بصلاحيات واسعة.
تحوطات
وفي ذات الاتجاه، قال الخبير الأمني الفريق أول عثمان بلية لـ(الصيحة) إن قرار وزارة الداخلية حول إنشاء جهاز أمن داخلي هو في الأصل موجود والغرض منه فض المظاهرات والتجمعات والاحتجاجات السياسية والتجمعات غير القانونية، وأردف أن هذا هو عمل جهاز الأمن الداخلي، وهو من قبل الشرطة. وقال إن الشرطة لديها إجراءات معينة لفض المظاهرات وعبر تعليمات مجدولة، لذلك تجد أن الشرطة تستخدم العديد من الأشياء منها الغاز المسيل للدموع وغيرها عند مداهمة التجمعات بغرض فضها وهم يسمونها بلغة الشرطة تجمعات غير مشروعة.
وكشف بلية أن الأمن الداخلي للشرطة يتبعه قاضٍ لإجراء فض المظاهرات وهو يعتبر جهازاً مختصاً بهذا العمل فقط، وليست له مهمة غير ذلك. وأضاف أن الأمن الداخلي شيء قديم ليس بالجديد على الحكومة، وكان يتم تدريسه في الكلية الحربية للطلاب الحربيين وأن الإجراء مطبق في السودانأ والدليل على ذلك حضورهم أثناء التجمعات برفقة العربات ومدافعهم التي يستخدموها لفض التجمعات وليست هناك جهة أمنية مخول لها إطلاق البنبان غير الأمن الداخلي والشرطة، ويطلق عليه أمن داخلي فقط ويسيطر على الفوضى داخل البلاد، وقال إن مسؤوليته تقع مباشرة على وزارة الداخلية، وهي المخول لها إنشاء ما تريد وأن تقننه، وقال إن الداخلية فعلت ذلك الآن للتحوط من الإفلات الأمني المتوقع.
الصيحة