حسين خوجلي: الواضح ما فاضح
باخت كل الأشياء في بلادنا وفقدت دهشتها الأولى الأمنيات والأمسيات والأغنيات والجميلات وحتى الانقلابات ما عاد الناس يخافون منها أو يخافون عليها، يومها يصبح الصمت هو الناطق الرسمي الوحيد عن الواقع. يضيف عليه أهلنا الطيبون الجملة المتعارف عليها (الواضح ما فاضح) . وحين تعجز الأحرف عن الإبانة ويظل توزيع أوراق الرونيو البيضاء بالمحطة الوسطى هو الكاشف الوحيد عن الراهن المخيف، وحين يحتار الاذكياء والأغبياء معاً في ادراك التفسير أو المخرج، يصبح الحلم المخبوء والمأمول شوقا ملحاحا لمستبد عادل مدنيا كان أم عسكريا على شاكلة استبداد هند صاحبة ابن أبي ربيعة:
ليت هنداً (انجزتنا ) ما تعد : وشقت أنفسنا مما تردْ
واستبدت (مرة واحدة) : انما (العاجز) من لا يستبدْ ويصبح المطلوب العاجل الوحيد من هذا المستبد الحميد هو:
1- توريد عشرة مليار دولار في بنك السودان (نقدي)
2- تشوين كل الولايات بما يكفيها من القمح والفترتيت والزيت والسكر لعام كامل، وتسريح الوظائف غير المنتجة. والايفاء بوقود المزارعين والسواد الاعظم والفناجرة ولن نسأله مدى الدهر من أين لك هذا؟؟
3-إغراق المستشفيات بالدواء والاسرة والكادر المؤهل والمبذول للناس حبا وتضحية
4-إرضاء أهل دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق بما يكفي الحال ويسر البال
5- أن يوقع أهل السودان مناطقيا وقبليا وفكريا وحزبيا على برنامج للحد الأدنى يبدأ بالتوحيد والوحدة والإعتراف بأن الأرض لله والقاطنين فوقها والمنتفعين
6- إفراغ الخرطوم من الملايين المستهلكة فبوضعها هذا أصبحت أصل الداء الذي لا دواء له
7- تمليك وسائل الانتاج والأرض لمليون شاب بإطلاق مشروع الريف الأخضر الذي تملأ فضاءاته العروسات والصابرات ويمسي شعار الفرح المضمخ بالعديل والزين:
ضبحولنا الكرامة وصبحنا فرحانين
ضربوا دِنقِرُن جوني العيال مارقين
بسال عن (علي) الفارس البقود تسعين
عليٌ .. نعم . فالإيرانيون في مقام أبي الحسين شيعة، والسودانيون في مقامه طالبيون
ولا تثريب إن تداول أهل الظاهر والباطن الشيفرة السرية المتأرجحة مابين علي والتسعين.
حسين خوجلي