مرت ليلة النصف من شعبان .. فهل أغلقت أبواب الرحمة؟
بعد انقضاء ليلة النصف من شعبان المباركة، مرت ليلة عظيمة بما فيها من نفحات جليلة وفيوضات غزيرة، قال فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء: فيا سعد من اغتنمها، ولا يظن المسلم أنه مادامت ليلة النصف من شعبان قد انقضت فالرحمات والمغفرة قد أغلق بابهما، لا بل بابهما مفتوح إلى يوم الدين.
ونصح فضيلة المفتي السابق من أراد أن ينهل من هذه الرحمات والنغمات الربانية فعليه بجزء الليل الأخير فإنه تنزل فيه الرحمات من الله، وذلك في كل ليلة لا تختص به ليلة دون ليلة قال رسول الله ﷺ: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» (صحيح البخاري).
وتابع عضو هيئة كبار العلماء، عبر صفحته الشخصية على فيسبوك: من أجل ذلك كان على المسلم أن يحرص في هذه الأيام على إصلاح ذات بينه، وعلى أن يجمع كلمته مع أخيه قبل دخول شهر رمضان، حتى إذا جاء رمضان يجد نفسه قد صفت وخلت من البغضاء والتحاسد والشحناء فيغفر الله له ما تقدم من ذنبه.
وأكد جمعة أن المسلم مأمور دائما وأبدا بأن يصلح ذات بينه مع الناس عامة، قال تعالى: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) ، كما هو مأمور أن يصلح ذات بينه مع المؤمنين، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ، وقد بين النبي ﷺ الفضل العظيم والنفع العميم المترتب على إصلاح ذات البين، فقال: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة»، قالوا : بلي، قال: «صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة»، وبعد أن ذكر الإمام الترمذي هذا الحديث قال: ويروي عن النبي ﷺ أنه قال: «هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين» (سنن الترمذي)، فجعل النبي ﷺ أجر الإصلاح بين الناس أعلى وأفضل من عبادات تعد ركنا أصيلا في الإسلام; ليستنفر همة المسلم فيحرص على الإصلاح في المجتمع، مما يجعله مجتمعا صالحا تتحقق فيه وحدة الصف وسلامة الهدف.
وتابع فضيلة المفتي السابق: ولا يخفى أننا أحوج في هذه الأيام إلى التأكيد على قيمة رفع التشاحن والسعي لإصلاح ذات البين، لنستقبل رمضان بنفوس صافية وروح عالية وأعمال متقبلة.. فلا تفوتنك هذه النفحات أيها المسلم الحريص على رضا ربه، وأصلح ذات بينك حتى يقبلك الله تعالى، فاللهم أصلح ذات بيننا ووفقنا إلى ما تحب وترضى.
مصراوي