عمار عباس: كيف تُدار الأزمة الصحية بوسائل مبتكرة
كنت قد تكلمت عن الخلاف الذي حصل مبكرا بين وزير الصحة د. أكرم و مدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم حول قرار نقل سبعة عشر مستشفي من ولاية الخرطوم الي وزارة الصحة الإتحادية – و هو إلغاء سطحي لسياسات مامون حميدة السابقة – و أدي الي إستقالة مدير الصحة بالخرطوم الذي كان يري أن الوزارة الإتحادية يجب أن تتفرغ لوضع السياسات و الخطط ، التوجيه و المراقبة بدلا عن تقديم الخدمات المباشرة التي يُنهككها و يشغلها عن مهمتها الأهم و الأسمي. ذكرتُ سابقا أن القرار المتعجل و غير المدروس أدي الي وقف تمويل معظم المستشفيات من مالية ولاية الخرطوم دون إن تتحمل المالية الإتحادية بتمويلها. الجديد في الأمر أن سياسة د. أكرم تركّز علي تحميل المسؤولية لوزارة الصحة ولاية الخرطوم التي إتهم إداراتها علنا – في لقاء البي بي سي – أنها كانت تخفي الألبسة الواقية و الإرشادات عن الاطباء مما أجبره علي تغيير قيادتها، إذ يحاول د. أكرم تحميل مسؤولية الفشل في إدارة الأزمة للولاية، داعياً ألا يتذكر الناس أنه – بيده – و خلافاً لتوصيات الإستشاريين نقل كل المستشفيات الكبري الي مسؤوليته المباشرة ليكون هو مقدم الخدمة و بالتالي هو المُلام علي قصورها.
ما يتم الآن، يحاول د. أكرم إعادة تلك المستشفيات الي عهدة الولاية عبر إتفاق شفهي و غير مكتوب، يفهمه مدراء تلك المستشفيات بالتواصل مع وزارة الصحة الولائية لرفع التقارير، التبليغ عن المشاكل و طلب الدعم و المساعدة. يتم بذلك بإستخدام وسائل غير رسمية “كالطناش” و التلميح و الإشارة و قرصة الأذن و التحديق بالعين “الحِمّير”. و يحاول الوزير المحافظة علي قراره الثوري الخالد بنقل المستشفيات، دون أن يتحمل مسؤولية ذلك القرار فعليا في أكبر كارثة إدارية و فوضي سياسات صحية تضرب البلاد، و لعله السبب الرئيس في تغيير والي الخرطوم و مدير صحة الولاية – قيادات صديقة – بدلا من الإدارة السابقة التي لم تكن لتتواطأ علي شيء مماثل.
د. عمار عباس