أبرز العناوينرأي ومقالات

الدرديري محمد احمد: القراران الأمميان.. قراءة أكثر تعمقا في بعض جوانبهما الخلافية


احال لي احد الاخوة من كبار القانونين نقاطا خمس تتعلق بمقالي الأخير حول القرارين الأمميين، قال انها ملاحظات لأحد شبابنا في المنظمات الدولية. وقد توليت الرد عليها في رسالة خاصة. وحيث ان ثلاثاً من هذه النقاط تصلح للتناول العام،رأيت ان اقدمها هنا، بعد تشذيب وتوضيح يزيل عنها فنيات التخصص، فتمثل اضاءة جديدة على الجوانب الخلافية في القرارين، تكون أكثر عمقا من إضاءتنا الأولى. عليه أرجو من القارئ المحترم ان يصبر قليلا على بعض (لولوة) القانون، وأعده إن فعل بأن يظفر في النهاية بصيد وفير.
ونبدأ بالنقطة الأولى التي هي: هل يمكن لقرار غير صادر تحت الفصل السابع (كما هو الحال بالنسبة للقرار رقم ٢٥٢٤ المنشئ للبعثة الجديدة) ان يرتب التزامات على السودان؟ وما دام القرار المنشئ للبعثة الجديدة (القرار رقم ٢٥٢٤) لم يصدر تحت الفصل السابع، فهل يعتبر أنه صادر تحت الفصل السادس؟ وهل لصدور قرار تحت الفصل السادس (ان كان ذلك كذلك) مزية تجعله جديرا بالاحتفاء؟
للإجابة على الأسئلة أعلاه نحتاج أن نطلع اولا على قواعد تفسير قرارات مجلس الأمن التي اقرتها محكمة العدل الدولية، في رأيها الاستشاري الصادر عام ١٩٧١ بشأن قضية ناميبيا. غير اننا نحتاج قبل ذلك للإشارة لخطأ في الترجمة العربية الرسمية للمادة ٢٥ من ميثاق الأمم المتحدة لابد من التنبيه له إذا أردنا فهم ذلك الرأي الاستشاري. واليك عزيزي القارئ النصين الانجليزي والعربي لهذه المادة القصيرة:
The Members of the United Nations agree to accept and carry out the decisions of the Security Council in accordance with the present Charter.
“يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق”.
وكما تلاحظ فإن كلمة “decisions” في اللغة الانجليزية قد ترجمت في العربية الى “قرارت”. وبسبب ان كلمة “قرارات” هي التي تستخدم ايضا للإشارة الى الكلمة الانجليزية resolutions، التي يشار بها لقرارات مجلس الأمن، ادى ذلك الى خلط كبير لدى قراء العربية جعلهم يظنون ان المادة ٢٥ من الميثاق تلزم الدول الأعضاء بكل قرارات مجلس الأمن. في واقع الأمر لا تلزم تلك المادة الدول الأعضاء الا “بالمقررات” أي decisions التي يصدرها المجلس وفقا للميثاق. والتفريق بين كلمتي “قرارات” و”مُقرَّرات” في العربية من ابداعات مترجمي العربية فيالإتحاد الأفريقي. إذ خصصوا كلمة قرار للإشارة الىresolution وابتكروا كلمة مقرر للإشارة الى decision. غير ان ذلك التمييز لم يدخل ادبيات الأمم المتحدة بعد. (ربما يعود السبب في ذلك الى ان كلمة resolution لم ترد في ميثاق الامم المتحدة، ولهذا لم تظهر الحاجة عند ترجمة الميثاق الى التفريقبينها وبين مفردة decision). الآن بعد أن تبينا أن المادة ٢٥ من الميثاق تلزم الدول الأعضاء بتنفيذ مقررات مجلس الأمن وليس قراراته، ننظر في القواعد الخاصة بتفسير قرارات مجلس الأمن التي قال بها الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية.​​​
أوضحت محكمة العدل أنه يتعين علينا عند النظر في قرار لمجلس الأمن ان نتبين أولا ما إذا كان ذلك القرار يتضمن مقررا واجب التنفيذ تحت المادة ٢٥ من الميثاق ام لا. ولبلوغ هذه الغاية فانه يتعين علينا، بحسب المحكمة، أن نطرح جانبا القواعد المستقرة لتفسير المعاهدات كونها صممت لتفسير نص يمثل وحدة واحدة، هو المعاهدة، ونتخذ قواعد أنسب لتفسير القرارات، تضع في الاعتبار ان القرار لا يمثل وحدة واحدة. فبينما تكون كل مواد المعاهدة متحدة في الغرضومتساوية في القوة والإلزام، فإن فقرات القرار تتباين في ذلك كله. ذلك انه من الجائز ان يكون لكل فقرة من فقرات القرار غرض مختلف، وجاز ان تكون بعض الفقرات ملزمة وبعضها غير ملزم؛ وذلك بحسب ما اذا كانتالفقرة تتضمن مقررا بمفهوم المادة ٢٥ من الميثاق ام لا. ثم انصب الرأي الاستشاري للمحكمة على توضيح القواعد التي ينبغي إعمالها لتبين ما إذا كان القرار يتضمن مقررات أم لا. فقالت المحكمة هناك ثلاث مسائل يتوجب النظر اليها هي (أ) نصوص القرار (ب) النقاش الذي قاد إلى تبنيه (ج) نصوص الميثاق التي أشير اليها. ويلاحظ ان المحكمة لم تذكر ضمن قواعد تحديد المقررات ما إذا كان قرار مجلس الأمن قد صدر تحت الفصل السابع أم لا. بل أوضحت المحكمة ان صدور القرار تحت الفصل السابع من عدمه ليس له علاقة بمسألة إحتوائه علي مقررات. فقالت: “المادة ٢٥ ليست قاصرة على المقررات المتعلقة بالتدابير القسرية (أي التي تصدر تحت الفصل السابع) وإنما تنطبق على كل مقررات مجلس الأمن التي يتم اتخاذها وفقا للميثاق”.
ماذا يعني هذا بالنسبة لنا؟ إنه يعني إن العمدة فيما إذا كان القرار المعين لمجلس الأمن يلزم السودان أم لا يلزمه ليس هو صدوره تحت الفصل السابع، وإنما هو ما إذا كان القرار يتضمن مقررات ملزمة تحت المادة ٢٥ من الميثاق أم لا. فهل يتضمن القرار رقم ٢٥٢٤ المنشئ للبعثة الجديدة “مقررات” تلزم السودان تحت المادة المذكورة؟
لتطبيق المعايير التي وضعها الرأي الاستشاري لمحكمة العدل على القرار رقم ٢٥٢٤ المنشئ للبعثة الجديدة يمكننا ان نسترشد بالكيفية التي طُبقت بها تلك المعايير على قرار مجلس الأمن رقم ٢٣٣٤ (٢٠١٦) الخاص بمطالبة اسرائيل بوقف المستوطنات. اذ أثار ذلك القرار جدلا لايقل عما اثاره قبله قرار مجلس الأمن رقم ٢٤٢ الصادر عام ١٩٦٧ بصدد انسحاب إسرائيل من “أراض محتله” الذي اشرنا اليه في مقالنا السابق. وقد انصب الجدال الذي دار في الأوساط الأكاديمية بشأن نصوص قرار مجلس الأمن رقم ٢٣٣٤ (٢٠١٦) حول ما اذا كان يمكن القول ان ذلك القرار، الذي لم يصدر تحت الفصل السابع، يتضمن “مقررا” يلزم إسرائيل بإيقاف بناء المستوطنات أم لا. وقد تركز النقاش على المفردات الاستهلالية الواردة في صدر فقرات القرار، والتي هي “يدعو” و”يؤكد” و”يكرر” و”يشدد” و”يهيب”، الخ. وقد لوحظ انه غابت عن فقرات القرار مفردتا “يطلب” و “يقرر”. فكان السؤال الذي طُرح هو هل ترتب الفقرات التي تُستهل بمثل هذه المفردات التشجيعية exhortatory التزامات على اسرائيل تحت المادة ٢٥ من الميثاق، تماما مثلما تفعل الفقرات التي تبدأ بكلمات آمرةmandatory من شاكلة “يطلب” أو “يقرر”؟ وقد خلص الثقات من رجال القانون المشاركين في ذلك الجدل الى ان إعمال منهج التفسير الذي بينته محكمة العدل يقتضي ان هناك فرق بين الفقرات التي يجيئ فيها الالتزام بصيغة “يطلب” أو “يقرر” وبينتلك التي تستهل بأي من المفردات التشجيعية أعلاه. وقيل عن كلمة يطلب، تحديدا، انها “تستخدم بواسطة المجلس لتوجيه امر للمخاطب يطالبه بالوفاء بالتزاماته القائمة على نحو مستقل بموجب القانون الدولي.” وهكذا مثلما نجت اسرائيل عام ١٩٦٧ من القرار ٢٤٢، الذي تمسكت بانه لايلزمها بالانسحاب من كامل الأراضي المحتلة، فانها نجت عام ٢٠١٦ من القرار ٢٣٣٤ الذي فسرت خلو فقراته من كلمة “يطلب” أو “يقرر” بأنه يعني انه لا يتضمن “مقررا” تحت المادة ٢٥ من الميثاق يلزمها بايقاف بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة التي لاتزال تحت سيطرتها. (لمتابعة هذا النقاش الذي لا يزال محتدما انظر مدونة المجلة الأوروبية للقانون الدولي EJIL Talk, Blog of the European Journal of International Law, Jan 9, 2017 .
عند النظر في قرار مجلس الأمن رقم ٢٥٢٤ المنشئ للبعثة الجديدة نلاحظ انه تحاشى تماما استهلال فقراته بمفردات الحث والتشجيع exhortatory وحرص ان تجيئ كل الفقرات مصدّرة بالمفردات الآمرة. هل تصدق أن كلمة “يطلب” قد وردت إثنتي عشرة مرة في فقرات القرار السبعة عشر! وهل تصدق ان بقية الفقرات التي لم ترد فيها كلمة يطلب استخدمت فيها كلمة “يقرر” فوردت أربع مرات! عليه فإنه اذا كان القرار ٢٣٣٤ الخاص بالمستوطنات الإسرائيلية يخلو تماما من أي “مقررات” تلزم إسرائيل بوقف المستوطنات، ففي المقابل يحتشد القرار ٢٥٢٤ المنشئ للبعثة الأممية الجديدة في السودان بالمقررات. فهل تساءل اللذين يقولون ان السودان “جزء من الأمم المتحدة”، ومن ثم لاتثريب عليه حين يلجأ لها، هل تساءلوا لماذا خلا القرار الصادر بشأن إسرائيل من أي مقررات بينما فاض بها القرار المتعلق بالسودان؟ وهكذا رغم عدم صدور القرار الجديد تحت الفصل السابع فإنه أثقل كاهل السودان بالمقررات التي يتعين على السودان تحت المادة ٢٥ من الميثاق أن يقبلها وينفذها. ولو جاء ذلك الإثقال بسبب ان المجتمع الدولي هو الذي سعى للتضيق على السودان، فنجح السودان في توقي شرور الفصل السابع بقبوله الفصل السادس لتفهمنا الأمر. اما ان تُثقل دولة، بناء على رغبتها واختيارها، بالمقررات الأممية المتعلقة بمسائل مما كان يُعد، وفقا لنص المادة 2(7) من الميثاق، “من صميم السلطان الداخلي للدولة”، مثل دستورها، وشئون قواتها، واحلال السلام فيها، واجراء الانتخابات، فانه مما يستغرب ولاينبغي لدولة ان ترضى وقوعه، تحت الفصل السادس او غيره، فضلا عن ان تطلبه.
ننتقل الآن لذلك الجزء من المسألة الخاص بما إذا كان القرار الجديد قد صدر بالفعل تحت الفصل السادس. وقد لاحظت حرص الكثيرين من المؤيدين للبعثة الأممية على تأكيدذلك. ففي خبر، لم يتجاوز المائة كلمة، بالصفحة الأولى لإحدى الصحف المتحمسة للقرار، وردت الإشارة ثلاث مرات إلى ان القرار الجديد صدر تحت الفصل السادس. وفي هذا تضليل للرأي العام لا ينسجم وشعار “ثورة الوعي” المرفوع. اذ لم يصدر القرار الجديد تحت الفصل السادس، ولا ينبغي ذلك لأي قرار منشئ لبعثة اممية. وقد أوضحتُ في مقال لي نشرته بتاريخ ١٢ فبراير الماضي أنه لم يحدث ولا مرة واحدة في تاريخ الأمم المتحدة ان صدر قرار بإنشاء بعثة أممية تحت الفصل السادس. ذلك انه، وكما سبق ان قلت، “عندما يُنشئ مجلس الأمن بعثة سياسية او حتى بعثة لحفظ السلام فانه لا يشير الى فصل معين تنشأ تحته تلك البعثة. هذا رغم انه تتم الإشارة احيانا الى الفصل السابع في حالة تفويض مجلس الأمن البعثة سلطات محددة تتعلق غالبا باستخدام القوة دفاعا عن النفس او حماية للمدنيين”. اما القول ان أي قرار لم يصدر تحت الفصل السابع يعتبر تلقائيا صادر تحت الفصل السادس فهو لايجيئ الا ممن أراد القاء الكلام على عواهنه. اذ جاز لقرار غير صادر تحت الفصل السابع ان يكون صادرا تحت الفصل الثامن، إذا كان يتضمن تعاون الأمم المتحدة مع منظمة من المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأفريقي. بل جاز للمجلس ان يصدر لاحقا قرارا يضيف لبعثة لم تنشأ تحت الفصل السابع اختصاصات تحت الفصل السابع. وذلك مما هو محتمل ان يؤول اليه أمر بعثتنا الجديدة. ومن ثم فإن صح القول ان القرار المنشئ للبعثة الجديدة لم يتضمن (حتى الآن) تفويضا لهذه البعثة تحت الفصل السابع، فانه لايجوز القول، إلا تغبيشاً، ان ذلك القرار قد صدر تحت الفصل السادس.
ننتقل الآن للنقطة الثانية التي هي: هل هناك فرق، من حيث الأثر القانوني، بين قرار لمجلس الأمن يرد في اوله انه يصدر كله تحت الفصل السابع (كما هو الحال في القرار الجديد رقم ٢٥٢٥ الذي مدد ليوناميد)، وقرار لا يتصرف فيه مجلس الامن تحت الفصل السابع الا لغرض فقرة واحدة (كما كان عليه الحال في القرار الذي أنشأ يوناميد عام ٢٠٠٧ والذي لم تصدر فيه تحت الفصل السابع الا الفقرة ١٥)؟
بدءًا نذكر القارئ بأن كل قرارات مجلس الأمن السابقة التي أنشأت بعثات في السودان كانت لا تتضمن أي إشارة للفصل السابع الا في فقرة واحدة ترد في آخر القرار تتعلق بحماية المدنيين وحق البعثة في حماية نفسها. كان ذلك هو الحال بشأن يوناميد وكذلك بشأن بعثتي يوناميس ويونيسفا. لكن منذ ان جاءت هذه الحكومة عَدَل (بل عَوَج)مجلس الأمن عن ذلك وصار يشير الى الفصل السابع في صدر القرارات الخاصة بالسودان فيجعل كل فقرات القرارتحت الفصل السابع. حدث ذلك حين أصدر المجلس القرار رقم ٢٤٩٥ للعام ٢٠١٩ الذي مدد ليوناميد حتي نهاية اكتوبر، وهاهو يفعلها مجددا في القرار ٢٥٢٥ الذي يمدد مرة أخري ليوناميد حتى نهاية العام الحالي. وكما أوضحت في مقالي السابق فإن الغرض من القرار ٢٥٢٥ ليس مجرد التمديد ليوناميد وإنما هو اعادة ولادتها من جديد. فيوناميد الجديدة لا تشبه يوناميد القديمة الا في الاسم، اذ قد أعيدت صياغتها وبدلت أولوياتها تبديلا. وحتي يتم ذلك فقد كان مطلوبا ان يصدر القرار الجديد كله تحت الفصل السابع. لكن ما هو الفرق بين قرار يصدر كله تحت الفصل السابع وقرار لا يشار فيه للفصل السابع الا في فقرة؟
أوضحنا فيما سبق ان الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تلتزم تحت المادة ٢٥ من الميثاق بتنفيذ المقررات التي يصدرها مجلس الأمن وفقا للميثاق. لكن هل يمثل ذلك كامل الالتزامات المترتبة على الدول الأعضاء إزاء قرارات مجلس الأمن؟ كلا. فإذا كانت المادة ٢٥ تبين قواعد عامة لالتزامات الدول تجاه قرارات مجلس الأمن غير قاصرة علي فصل معين من فصول الميثاق، فإن المادتين ٤٨ و٤٩ من الميثاق تنصان على الالتزامات المترتبة على الدول الاعضاء حين يصدر المجلس قراراته تحت الفصل السابع. فإذا كان مجلس الأمن يطالب الدول الأعضاء بتنفيذ المقررات غير الصادرة تحت الفصل السابع طوعا، فإنه حين يتعلق الأمر بالفصل السابع يتعين على الدول الأعضاء ووكالات الأمم المتحدة وفقا للمادتين ٤٨ و٤٩ من الميثاق تنفيذ المقررات قسرا كتدابير منع أو قمع. ومن ثم فهناك فرق كبير بين قرار مجلس الأمن الجديد رقم ٢٥٢٥ الصادر كله تحت الفصل السابع وبين القرار المنشئ ليوناميد الصادر عام ٢٠٠٧ والذي لا يتضمن الا فقرة واحدة تحت الفصل السابع. فبينما يلتزم السودان تحت القرار المنشئ ليوناميد بتنفيذ المقررات التي تثبت تحت المادة ٢٥ من الميثاق طوعا (بإستثناء ماورد تحتالفقرة ١٥)، فإن السودان ملزم تحت القرار ٢٥٢٥ بتنفيذ كل ما جاء في هذا القرار قسرا تحت المادتين الأخطر في الميثاق٤٨ و٤٩. وهذا يجعلنا نتبين ان القصد من العدول على هذا النحو الجوهري عن النسق القديم الذي صدر به القرار المنشئ ليوناميد ليس مجرد التمديد لشهرين، وإنما أن هناك نية مبطنة لاستمرار يوناميد بثوبها الجديد لما بعد ديسمبر ٢٠٢٠.
النقطة الثالثة والاخيرة هي ما اذا كان يوم ٢٩ يونيو ٢٠٢٠ يعد موعدا مضروبا للانسحاب النهائي ليوناميد بموجب قرار مجلس الأمن رقم ،٢٣٦٣ او ان ذلك التاريخ كان مجرد موعد تأشيري لم يتضمنه القرار، ومن ثم لم تضع على السودان فرصة كانت ثابتة لانسحاب يوناميد .
بالرغم من ان القرار ٢٣٦٣ لم يحدد تاريخا بالخروج النهائي، لكنه تضمن “استراتيجية الخروج” التي تم بموجبها تعيين موعد نهائي لانسحاب يوناميد هو ٢٩ يونيو ٢٠٢٠. وقد تأكد ذلك في الاجتماع رفيع المستوى الذي عقد بنيويورك في٢٧ سبتمبر ٢٠١٨. وقد اشار السفير القدير عمر دهب مندوبنا الدائم في نيويورك في تلك الأيام الى ذلك في مقال له نشرته السوداني مؤخرا، حين قال: “وأصبح اﻻتفاق من حيث تحديد تاريخ تنفيذ ما سمي (باستراتيجية الخروج) محدداً غير انه تم التوافق على أن يكون هذا الخروج مُمرحلاً ومتدرجاً وتم إِيداع ذلك في قرارين لمجلس الأمن تحت ذات الفصل السابع، القرار٢٣٦٣ لعام ٢٠١٧ والقرار ٢٤٩٥ للعام٢٠١٩. النتيجة هي اكتمال خروج كل مكونات “يوناميد” من عسكريين وشرطيين ومدنيين في ٢٩ يونيو ٢٠٢٠. على أن تتم تصفية ما تبقى من معدات وآليات وغيرها بنهاية العام”. وبسبب ذلك التحديد القطعي، فانه حين دعا حمدوك الامم المتحدة للتمديد ليوناميد عاما كاملا في خطابه الصادر للأمين العام في ٢٢ اكتوبر٢٠١٩، لم تجد الامم المتحدة، حين قررت الاستجابة له، بدا من اصدار قرار جديد ينص صراحة على “تمديد” موعد الانسحاب. وهكذا صدر القرار ٢٤٩٥ للعام ٢٠١٩ الذي نصت الفقرة الأولى منه على ان مجلس الامن “يقرر ان يمدد حتى ٣١ اكتوبر ٢٠٢٠ ولاية العملية المختلطة للاتحاد الافريقي والامم المتحدة في دارفور”.
فاذا لم يكن قد حدد تاريخ نهائي للخروج بموجب استراتيجية الخروج التي نص عليها القرار ٢٣٦٣ فلماذا يحتاج التمديد لقرار جديد من المجلس. ثم اذا لم يحدد القرار ٢٣٦٣ موعدا نهائيا للخروج، فهل لم يحدد القرار ٢٤٩٥ موعدا نهائيا له؟ عليه لا ينبغي لأحد ان يماري في ان هاتين فرصتين ثابتتين لاحتا للسودان للخروج نهائيا من الفصل السابع، في نهاية يونيو ثم نهاية اكتوبر، اهدرهما حمدوك. فاهدر الاولى بخطابه الصادر في ٢٢ أكتوبر ٢٠١٩، واهدر الثانية بخطابه الصادر في ٢٧ يناير ٢٠٢٠.

الدكتور الدرديري محمد احمد
السوداني

١١ يونيو ٢٠٢٠


‫3 تعليقات

  1. ياخي حمدوك شنو البنخليهو يقرر في مستقبل وطن كامل.. من يؤيدوه اما ذوو غرض كالشيوعيين و الحركات المسلحة او مغشوشون لا يدرون انهم يؤيدون استعمار بلادهم.

  2. تعبك واجتهادك ومحاولات التبخيس ماكانت تسويها لما الانقاذ قبلت هذه البعثة بعدين التدخل الخارجي غيركم الورطتنا فيه منو كان تشترطو تنفيذ نيفياشا بفك الحظر والغاء الديون وكل التدخل الخاري

  3. طبيعي وانت الان خارج المعادلة وهارب بتركيا ان تكتب هذا الكلام المطول الذي لا فائدة ترجي منه لقد اسهبت في محاولة السرد المطول ولكن لا مكان لك ولامثالك زقد كنت علي دفتها ولم تفعل شيئ يخدم البلد