زهير السراج

أفقر أغنياء العالم !


* حبانا الله بنعم كثيرة ولكنه ابتلانا بساسة أغبياء جهلة سطحيين، فظللنا رغم ثرائنا الفاحش فقراء نتكفف الشعوب ونهدر كرامتنا على طرق الابواب .. ولو كان لواحد فيهم نصف عقل فقط لكنا اليوم في مكان آخر !

* لم نكن بحاجة الى الحفر في اعماق الارض او تفتيت الصخر لنعثر على الكنز الذي حبانا به الله .. انه يجرى بين اقدامنا على مد البصر منذ الاف السنين ولكننا نتجاهله ونستخف به !

* لو نظرنا إليه مجرد نظرة عابرة واعطيناه بعض الاهتمام، لكنا الآن في مصاف الدول الكبرى .. نمد يدنا لنُعطي لا لنتسول، نأمر ولا نؤمر، نشارك في إرسال البعثات الأممية لمساعدة الآخرين وليس استجداء العالم ليرسلها لنا .. نسمو فوق الجميع، ولا نركع لمخلوق .. ولكن !

* لو كان لدينا سياسي واحد عاقل لأدرك أن النعم التي حبانا بها الله، والاهتمام بها وتطويرها هي السياسة الحقيقية، وبقى في الحكم بإرادة وتأييد ومحبة الشعب حتى وهو في القبر، بدلا من الموت وهو على كرسي الحكم، تنهال عليه كل يوم ملايين اللعنات !

* قبل أكثر من ستين عاما أوصى مؤتمر علمي بجامعة الخرطوم حضره علماء اجانب وسودانيون مميزون، بالاستغلال الاقتصادي للثروة الحيوانية الضخمة التي حبانا بها الله، وجزم بأننا سنصبح في غضون ثلاثة عقود من الزمان أكبر منتج ومصدر لمنتجات الثروة الحيوانية في أفريقيا واغنى أقطارها لو نفذنا الوصية .. ولكننا كالعادة قفلناها في الادراج بأمر الساسة الاغبياء، وانتظرناها لتنفذ نفسها، فظللنا غارقين في وحل السياسة ومستنقع الفقر !

* الاستغلال الاقتصادي للثروة الحيوانية ليس لغزا او شفرة تحتاج الى ساحر ليفك طلاسمها وانما مجموعة افعال على ارض الواقع : مكافحة الأمراض، تطوير المراعي، تحسين النوع، زيادة الانتاجية، التصنيع، وإيجاد اسواق خارجية ثابتة .. صحيح أنها تحتاج الى تخطيط وصبر وجهد ومال .. ولكن ليس هنالك شيء بلا ثمن!

* إذا إخذنا الماشية فقط (البقر، الضأن، الماعز، والجمال) فإن عددها في بلادنا اليوم لا يقل عن (100 مليون) رأس ــ حسب أكثر الإحصاءات تحفظا ـ ولكنها للأسف بلا قيمة اقتصادية بسبب النظرة التقليدية وتفشى الأمراض الوبائية وسوء النوعية وضعف الجودة وضآلة الإنتاجية ، بينما كان بإمكانها ان تجعلنا اغنى الاغنياء لو انفقنا فيها بعض الوقت والجهد والمال مثل الاذكياء الذين فعلوا ذلك وسادوا بفضلها العالم!

* تعالوا نجري مقارنة بسيطة بين بلادنا ودولة صغيرة جدا حتى نفهم قيمة الكنز الذى يوجد بين ايدينا ولا نعرف قيمته.. تلك الدولة الصغيرة التي لا تزيد مساحتها عن (16 ألف ميل مربع فقط) ولا يزيد عدد ماشيتها عن 16 مليون رأس فقط، هي أكبر المصدرين في العالم لمنتجات الألبان واللحوم والتي تلقى بها في البحر أحيانا، وتتصدق بهم على دول أخرى أحيانا كثيرة عندما يفيض الانتاج عن حاجة السوق المحلى والخارجي .. وكانت في يوم من الأيام ترسل لنا معونة نطلق عليها اسم (المعونة الهولندية)، توقفت بسبب جرائم النظام البائد!

ومثل هولندا .. نيوزيلندا، البرازيل، الدنمارك، أوروجوى، ودول كثيرة أخرى يحكمها اذكياء لا اغبياء مثل حكامنا .. وبالطبع ليس هنالك مجال للمقارنة مع استراليا والولايات المتحدة التي شيدها في الأصل (رعاة البقر) كما نرى في افلام (الكابوى) .. شاهد أي فيلم كابوى ستعرف كيف نشأت ونهضت وتطورت أمريكا وسادت العالم حتى عند اكتشاف الذهب والبترول .. استفادوا من الذهب والبترول في تطوير الزراعة والثروة الحيوانية وبناء المدن الصناعية الضخمة ولم يتركوا الثروة الحيوانية تموت والمزارع تحترق .. وهل هنالك عاقل يعتمد على ثروة ستنضب يوما ويهمل التي تتناسل وتتكاثر وتعطى الى الأبد .. إلا نحن؟!

* نحن، الذين حبانا الله بالمساحات الشاسعة والانهار والأمطار، والاعداد الضخمة من النعم والثروات التي تمشى بيننا فوق الأرض، فأهملناها ولم نفكر في تنميتها واستغلالها اقتصاديا، وجرينا نبحث عن الثروات المدفونة تحت الارض وعندما وجدناها أضعناها سدى .. لا استفدنا منها في تنمية النعم والثروات التي حبانا بها الله وتطوير بلادنا، ولا تركناها للأجيال القادمة تنتفع منها بشكل افضل، ولا نزال سادرين في جهلنا منقادين لساسة اغبياء لا يرون شيئا سوى الكراسي، ولا يجيدون شيئا سوى الصراع !
الجريدة

زهير السراج


تعليق واحد

  1. والله دي لحظة تجلي رائعة منك يا دكتور وكلام في المليان لوجه الله ثم الوطن.
    حتى وزارة الثروة الحيوانية عملوها ترضيات جهوية لي ناس عمرها ما حترضى ولو منحوها كل شيء ولأشخاص لا يصلحوا أن يكونوا وزراء أساسا والأدهى أنو الشعب ما اختارهم بل اختاروا أنفسهم، عارضت الإنقاذ بشجاعة وبلا كذب ولا تلفيق والآن تعارض وتوضح الحقائق برجولة.