رأي ومقالات

التحويلات وخوف البنوك الخارجية وامتثالها المفرط


شرعت بعض البنوك السودانية بالتعاون مع بعض البنوك في المملكة العربية السعودية بإجراء تحويلات السودانيين المقيمين لأهليهم بالسودان، وتسليمها لهم بنفس عملة التحويل. لقد تجاوزت هذه البنوك حالة الخوف من (الامتثال المفرط) الذي منعها سابقاً من التعامل مع السودان. غير أن حجم التعامل ما زال محدوداً.

(الامتثال المفرط) عبارة اقتبستها من تقرير السفير إدريس الجزائري المقرر الخاص للتدابير الأحادية القسرية بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والذي أعد تقريراً مهنياً مهماً حول العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على السودان.

التقرير الذي قدم لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر · 2016 أشار بوضوح للآتي: ( حدد المقرر الخاص عدداً كبيراً من الشركات م معظم البلدان في العالم (غير الولايات المتحدة وكندا) بما فيها الدول العربية الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي ومصرف الصين، التي ترفض الوفاء بالتزاماتها بموجب خطابات الاعتماد التي يصدرها السودان).

ويضيف المقرر الخاص (وهذا وضع مفهوم اذا كان الأمر يخص خطابات اعتماد بدولارات الولايات المتحدة، لكنه أقل وضوحاً عندما يكون الدفع بالعملات الأخرى.

ولا تنجم هذه الحالة المؤسفة عن الامتثال لنص قانوني واضح في العقوبات، ولكنه يتم لتفادي العقوبات الكبيرة التي تفرضها وزارة خزانة الولايات المتحدة. الرادع الذي منع البنوك في كل أنحاء العالم من التعامل مع السودان هو العقوبة التي وقعت على بنك (بي ان بي باريباس) الذي فرضت عليه غرامة مقدارها 6.4 مليار دولار. والعقوبة التي فُرضت على مصرف (كريديت أقريكول) الذي فُرضت عليه غرامة مقدارها 787 مليون دولار. والعقوبة التي فُرضت على مصرف (كومير بانك) ومقدارها 1.45 مليار دولار).

ويستخلص المقرر الخاص (لدى معظم المصارف في كل أنحاء العالم شعور بأنها يمكن أن تتعرض لمثل هذه العقوبات في حالة تعاملها مع السودان، حتى لو كان هذا التعامل قانونياً وملتزماً بقواعد العقوبات).

على الرغم من إصدار الرئيس ترامب في أكتوبر 2017 قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، غير أن الامتثال المفرط استمر بدعوى استمرار وجود السودان في لائحة الدول الراعية للإرهاب.

كان التطور الطبيعي للأمور يقتضي حذف اسم السودان من لائحة الدول الراعية للارهاب فور حدوث التغيير بثورة ديسمبر 2018 ولكن اتجهت عناصر سودانية، بالتعاون مع بعض أعضاء الكونجرس، لإصدار القانون رقم H.R.6094 لإيقاف هذا التطور الطبيعي. فيما يستمر الامتثال المفرط. تمثل جائحة كورونا فرصة مواتية للسودان لمخاطبة الدول الخليجية للتحرر من الامتثال المفرط. وتوسيع نطاق وحجم التحويلات (يمكن أن تصل لأربعة مليارات دولار وفقاً لبعض التقديرات)، والشروع في تعاون ثنائي يستثمر في فرص الاقتصاد الزراعي والغذائي الواسعة في السودان، كبديل عن الاستثمار في البورصات الأمريكية والأوروبية المنهارة. والله الموفق.

ببساطه د/ عادل عبد العزيز الفكي
صحيفة السوداني