استشارات و فتاوي

أنواع الحج الإفراد والقران والتمتع .. 3 طرق جائزة لأداء المناسك

أنواع الحج… لا يعرف الكثيرون أن لأداء مناسك الحج ثلاث طرق صحيحة وهي: الإفراد والقِران والتمتع، ويجوز للحاج أداء الحج بأيٍ نوعٍ أراد باتّفاق العلماء، وأجمع الفقهاء على مشروعية أنواع الحج الثلاثة، وقال الإمام النووي: «وقد انعقد الإجماع على جواز الإفراد والتمتّع والقِران، ومِن الأدلة على أنواع الحج قَوْل الله تعالى: «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ»، كما روي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: مَن أَرَادَ مِنكُم أَنْ يُهِلَّ بحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ، وَمَن أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بحَجٍّ فَلْيُهِلَّ، وَمَن أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بعُمْرَةٍ، فَلْيُهِلَّ قالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فأهَلَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بحَجٍّ، وَأَهَلَّ به نَاسٌ معهُ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بالعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بعُمْرَةٍ، وَكُنْتُ فِيمَن أَهَلَّ بالعُمْرَةِ».

معنى حج الإفراد

الإفراد عند بعض العلماء -كالشافعية- هو تقديم الحج على العمرة؛ بأن يُحرِم أولا بالحج من ميقاته، ويَفرَغ منه، ثم يخرج من مكة إلى أدنى الحِلِّ فيحرم بالعمرة، ويأتي بعملها، ومن العلماء مَن لا يشترط العمرة بعد الحج، ويجعل القيام بأعمال الحج وحده دون العمرة هو الإفراد.

كيفية حج الإفراد

يبدأ الحاج بطواف القدوم حين دخول مكّة، ثمّ يُؤدّي السَّعي بين الصفا والمروة، ويُؤخّره إن شاء إلى ما بعد طواف الإفاضة، والأولى بعد طواف القدوم؛ اقتداءً بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ويبقى على إحرامه إلى اليوم الثامن من ذي الحِجّة؛ ليبيتَ في مِنى ذلك اليوم، ويُؤدّي فيها الصلوات الخمس، كلّ صلاةٍ في وقتها، ويقصرُ الصلاة الرباعيّة؛ فيُؤدّيها ركعتَين، ويقف بعرفة في اليوم التالي؛ اليوم التاسع من ذي الحِجّة، ويجمعُ تقديمًا بين الظهر والعصر، ويقصرُهما، ويبقى في عرفة إلى غروب الشمس.

ثم يتوجه بعدها إلى مُزدلفة، ويبقى فيها حتى الفجر، ويتوجّه بعد ذلك إلى مِنى، ويرمي جمرة العقبة بسبع حَصَياتٍ، مع التكبير عند رَمي كلّ حصوةٍ، ويَحْلق شَعْره أو يُقصّر، ويغتسل ويتطيّب، ثمّ يتوجّه إلى مكّة؛ ليطوف طواف الإفاضة، ويعود إلى مِنى؛ ليبيتَ فيها ليلة الحادي عشر، والثاني عشر إن كان مُتعجِّلًا، وليلة الثالث عشر إن أراد التأخُّر، ويرمي في كلّ يومٍ منها الجمرة الصُّغرى، ثمّ الوُسطى، ثمّ العقبة؛ كلّ واحدةٍ بسبع حَصَياتٍ، مع التكبير عند كلّ حصاةٍ، ثمّ يرجع إلى مكّة، ليطوف سبعة أشواطٍ طواف الوداع.

حج التمتع

حج التمتع فهو أن يقدم العمرة على الحج ويتحلل بينهما، ويسمى الآتي بهذا النسك متمتعًا؛ نظرًا لتمتعه بمحظورات الإحرام بين النُّسكَين، ويُعرّف التمتُّع في اللغة بأنّه: الانتفاع؛ فالمتاع يُطلق على ما يُنتفَع به، والمُتعة من التمتُّع، ومنه أيضًا: مُتعة الطلاق، ومُتعة الحاجّ، أمّا حجّ التمتُّع في الاصطلاح الشرعيّ، فهو عند الحنفيّة: المُتعة بالعمرة إلى الحَجّ؛ بأداء أكثر أو كلّ أعمال العُمرة في أشهر الحجّ، ومن ثمّ أداء الحجّ في العام نفسه، دون السفر ولقاء الأهل والإلمام بهم بصورةٍ صحيحةٍ.

وعند المالكيّة: الإحرام بالعُمرة، وإتمامها في أشهر الحجّ، ثمّ أداء الحجّ في عامٍ واحدٍ، وعند الشافعيّة: الإحرام بالعُمرة في أشهر الحجّ من الميقات، ثمّ أداء أعمال الحجّ في العام الواحد، دون الحاجة إلى الرجوع إلى الميقات، والإحرام منه، وعند الحنابلة: الإحرام بالعُمرة من الميقات في أشهر الحجّ، ثمّ الإحرام للحَجّ من مكّة، أو مكانٍ قريبٍ منها، وسُمِّيَ حجّ التمتُّع بهذا الاسم؛ لأنّ الحاجّ يتمتّع بما حُرِّم عليه وقت الإحرام بين العُمرة والحَجّ.

كيفيّة حج التمتع

يبدأ حجّ التمتُّع بالتحلُّل من الإحرام بعد أداء العُمرة؛ أي أنّ الحاجّ المُتمتِّع يُؤدّي العُمرة، ويتحلّل منها، وينتظر الحَجّ؛ ليُحرم به في اليوم الثامن من ذي الحِجّة، ثمّ يتوجّه إلى مِنى دون أداء طواف القدوم؛ إذ إنّه لا يجب على المُتمتِّع بالحَجّ، ثمّ يسعى بين الصفا والمروة بعد طواف الإفاضة، ويُكمل أعمال الحَجّ، ويجوز للحاجّ الخروج من الحَرم؛ لقضاء ما يحتاج إليه دون الإقامة خارجه، ويتوجّب على المُتمتِّع الهَدْي؛ لِما خُفِّف عنه من أمورٍ في الحَجّ، كطواف القدوم، ومن لم يتمكّن من ذبح الهَدْي، يجب عليه صيام ثلاثة أيّامٍ قبل يوم النَّحر، وسبعةٍ حين الرجوع إلى الأهل.[٧]

حج القران

حج القِران فهو أن يُحرِم بهما معًا، أو يحرم بالعمرة ثم يُدخِل عليها الحج قبل شروعه في أعمالها، ثم يعمل عمل الحج في الصورتين، فيحصلان، وحجّ القِران هو: أن يُحرم الحاجّ بالعُمرة والحجّ معًا في نُسكٍ واحدٍ؛ فيقول: «لبّيك اللهمّ عمرةً في حَجّةٍ» فلا يتحلّل الحاجّ من إحرامه بالحَلْق أو التقصير بعد أن يُنهي أعمال العُمرة؛ من طوافٍ، وسعيٍ؛ إذ يجب أن يبقى مُحرِمًا مُلتزمًا بأحكام الإحرام؛ لإتمام أعمال الحَجّ، ويكون بذلك مُقرِنًا؛ لأنّه واصلَ أعمال العُمرة مع أعمال الحَجّ دون الفَصْل بينهما، ويجب عليه الهَدْي، فإن لم يستطع، فإنّه يصوم ثلاثة أيّامٍ قبل يوم النَّحر، وسبعةٍ حين الرجوع إلى الأهل.

كيفية حج القران

القِران من الحَجّ له ثلاثة صُورٍ؛ الصورة الأولى: وهي الصورة الأصليّة؛ وتكون بالإحرام بالحجّ والعُمرة معًا في وقتٍ واحدٍ، وإحرامٍ واحدٍ، والصورة الثانية: إدخال الحجّ على العُمرة؛ بالإحرام أوّلًا بالعُمرة، ثمّ إدخال الحَجّ عليها، والصورة الثالثة: إدخال العُمرة على الحجّ؛ بالإحرام بالحجّ وحده، ثمّ إدخال العُمرة عليه، وقد اختلف العلماء في ذلك؛ فقال جمهورهم من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة بأنّ الصورة الثالثة لا تصحّ، وخالفهم الحنفيّة القائلين بصحّتها.

من يجب عليه ذبح دم؟

ليس على حج الإفراد دم واجب، بل إن شاء ذبح تطوعًا منه، وإن شاء لم يذبح، ولكن المتمتع والقارن عليهما دم واجب؛ وسبب الوجوب هو ترك الإحرام من ميقات بلده.

أفضل أنواع الحج الثلاثة

اختلف الفقهاء في أفضل أنواع الحج الثلاثة: فأفضلها عند المالكية والشافعية: الإفراد، ولكن المالكية قالوا بأنه يليه في الأفضلية القِران فالتمتع، بينما يرى الشافعية أن الذي يليه في الأفضلية هو التمتع فالقِران، وعند الحنفية الأفضل من الأنساك الثلاثة هو القِران فالتمتع فالإفراد، ويرى الحنابلة أن التمتع أفضل، فالإفراد، فالقِران.

كيفية أداء مناسك الحج بالتفصيل

صفة الحج

1- تبدأ من الميقات:
– تَجرّد من الثياب، واغتسل كما تغتسل من الجنابة -إن تيسر لك- وتطيب بأطيب ما تجده من دهن عود أو غيره في رأسك ولحيتك، ولا يضر بقاء ذلك بعد الإحرام، ولكن لا تطيِّب ثياب الإحرام.

– البس ثياب الإحرام (إزارًا ورداءً)، ولف الرداء على كتفيك، ولا تخرج الكتف الأيمن إلا في الطواف بجميع أنواعه (هذا للرجل). (أما المرأة) فتحرم في ملابسها العادية التي ليس فيها زينة ولا شهرة، ولا تلزم بلون معين.

– صلِّ الصلاة المكتوبة إذا حان وقتها، وصل ركعتين سنة الإحرام (وإن لم تصلها فلا حرج).
بعدها: إذا ركبت السيارة انْوِ الدخول في النسك، ثم قُلْ -حسب نسكك-:

1- إن كنت تريد العمرة فقط: (لبيك عمرة).
2- وإن كنت تريد الحج فقط -الإفراد-: (لبيك حجًّا).
3- وإن كنت تريد الحج والعمرة بأفعالهما -التمتع-: (لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج).
4- وإن كنت تريد الحج والعمرة بأفعال الحج -القارن-: (لبيك عمرة وحجًّا).

ولا يلزم تكرار هذه الألفاظ ثلاثًا، بل مرة واحدة تكفي.

ملاحظات:

1- كل نسك من هذه الأنساك له فائدته الخاصة.
2- بينها فروق في النية والألفاظ والأفعال.
3- أفضلها: التمتع، ثم الإفراد، ثم القران.
4- القران تحتاج إليه المرأة إذا أرادت الإحرام متمتعة ولم تستطع أن تنجز عمرتها حتى حاضت. وكذلك من قَدِم متأخرًا حتى خشي فوات الوقوف بعرفة، وكذلك من صُدَّ عن البيت لأي سبب.

ثم إن خشيتَ عدم القدرة على المضي في النسك؛ بسبب مرض أو عمل أو إجراءات نظامية فلتقل: “اللهم محلي حيث حبستني”. وأما إن لم تخش شيئًا فلا يشرع لك هذا الاشتراط. وفائدته: لو حبست عن النسك جاز لك شرعًا أن تخلع إحرامك وترجع ولا يلزمك شيء.

ثم تبدأ بـ التلبية:

– “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”. يجهر الرجل بهذه التلبية، وأما المرأة فتقولها سرًّا.
– ولا يشرع التلبية الجماعية، وإنما يلبي كل محرم وحده، ويستمر بهذه التلبية حتى يصل إلى البيت الحرام.
– وأما الدعاء: “اللهم إني أريد العمرة، فيسرها لي وتقبلها مني، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”، فلا يلزم دعاء بعينه، بل يدعو بما أراد. وكذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لم ترد في هذا الموضع. وكذلك “اللهم إني أسألك رضاك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار”.
– يشرع في الطريق: أن تكبر الله كلما صعدت مرتفعًا، وأن تسبح كلما هبطت واديًا. ثم ترجع للتلبية العامة: “لبيك اللهم لبيك… إلخ”. حتى تصل إلى البيت الحرام.

2- توجه إلى المسجد الحرام لـ الطواف:

عند رؤيتك للبيت كبِّر وقل: “اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة وأمنًا، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبِرًّا”.
– اقطع التلبية وتوجه إلى البيت الحرام.
– إذا دخلت المسجد الحرام، قدم رجلك اليمنى وقل: “باسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك”. أو: “أعوذ بوجهك العظيم وسلطانك القديم من الشيطان الرجيم”.

تقدم إلى الحجر الأسود لتبدأ الطواف منه.. استلم الحجر بيدك اليمنى وقبِّله، فإن شق التقبيل فاستلمه بيدك فقط، وإن شق بيدك فاستلمه بعصا أو غيرها ولا تقبلها، فإن شق الاستلام، فأشر إليه بيدك اليمنى ولا تقبلها.

– من الأفضل ألا تؤذي المعتمرين في حال الزحام، جاعلًا البيت على يسارك مضطبعًا بردائك (اجعل كتفك الأيمن مكشوفًا). وكلما وصلت الحجر الأسود أو حاذيته قل: “باسم الله، الله أكبر”. أو: “الله أكبر” فقط.
– ارمل (أسرع قليلًا) في الأشواط الثلاثة الأولى، وامش على مهل في الأشواط الأربعة الباقية. وهذا خاص بطواف القدوم فقط إن تيسر، وإلا فإنه يترك مع شدة الزحام.

– ادعُ وقُلْ بين الركنين (الركن اليماني والحجر الأسود): “ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”.
وكل مرة تمر فيها بالحجر الأسود قل: “باسم الله والله أكبر”.

ولك أن تدعو الله بما تشاء في بقية الطواف، وأن تتضرع إليه أو أن تقرأ شيئًا من القرآن… إلخ. ولا يلزم دعاء بعينه لكل شوط.
– عندما تكمل الأشواط السبعة، توجه إلى مقام إبراهيم واقرأ قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]. وصلِّ ركعتين خلف المقام قريبًا منه -إن تيسر لك- أو بعيدًا في أي مكان من المسجد. تقرأ بعد الفاتحة “قل يا أيها الكافرون” في الركعة الأولى، وتقرأ بعد الفاتحة “قل هو الله أحد” في الركعة الثانية، وإن قرأت بغيرهما فلا بأس.

– اذهب إلى زمزم واشرب منها، واحمد الله.

3- اخرج إلى الصفا للسعي:

– اصعد عليه (وهو الأفضل) حتى ترى الكعبة واستقبلها وارفع يديك وهلل وكبر ثلاثًا، وقل: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده” ثلاث مرات.
ثم اقرأ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158].

وهذه تقرأ عند أول شوط فقط، ويفضل أن تبدأ بها قبل الأذكار الأخرى. ثم تدعو بما تحب من الدعاء في هذا الموضع وترفع يديك.
ثم انزل باتجاه المروة، وهرول بين العلمين الأخضرين قائلًا: “رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم”.
وتمشي المشي المعتاد في سعيك قبلهما وبعدهما. (أما المرأة فلا يشرع لها الإسراع). وتدعو أثناء السعي بما تحب، وليس لكل شوط دعاء مخصوص.
– إذا وصلت المروة فافعل كما فعلت على الصفا ما عدا قراءة الآية المذكورة، فإنها تقرأ عند الصفا في الشوط الأول فقط.
كرر السعي سبعة أشواط.

(يحسب الذهاب شوطًا والرجوع شوطًا آخر).

4- الحلق أو التقصير:

– إذا أكملت السعي، احلق شعرك أو قصره والحلق أفضل (أما إذا كان قدومك مكة قريبًا من وقت الحج فالتقصير أفضل لتحلق بقية شعرك في الحج). (أما المرأة فتقصر من كل ضفيرة قدر أنملة).

– اخلع إحرامك والبس ثيابك.
وبذلك تكون قد أديت عمرة كاملة إن أردتها مستقلة، أو أردتها للحج إن كنت متمتعًا. وأما إن كنت مفردًا للحج أو قارنًا، فتنوي الطواف للقدوم -وهو سنة- والسعي للحج -وهو ركن-، ثم تبقي على إحرامك ولا تخلعه ولا تحلق ولا تقصر حتى يوم الثامن من ذي الحجة، فتأتي ببقية أعمال الحج.

أعمال يوم الثامن:

1- المبيت بمنى هذا اليوم (وهو من وقت غروب الشمس يوم الثامن من ذي الحجة إلى قرب طلوع فجر يوم عرفة).
إذا كنت متمتعًا فاحرم بالحج ضحى أو ظهرًا من المكان الذي أردت الحج منه، ويستحب لك الغسل والطيب ولبس إزار ورداء أبيضين نظيفين، ثم انوِ الحج وقُلْ: (لبيك حجًّا)، ثم “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”. أما القارن والمفرد فإنه لا يزال على إحرامه السابق، فيبدأ مباشرة بالتلبية: لبيك اللهم لبيك… إلخ، من صبح ذلك اليوم.

2- توجه إلى منى وصلِّ فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، تجعل الرباعية ركعتين والصلاة في وقتها من غير جمع. ثم صلِّ فيها صلاة فجر اليوم التاسع.

3- إذا طلعت الشمس فسِرْ إلى عرفة.

الوقوف بعرفة أعمال يوم التاسع:

1- الوقوف بعرفة:

– هو أهم أركان الحج، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الحج عرفة”.
وقته:
أ‌- الأفضل: من بعد الزوال حتى بعد غروب الشمس.
ب‌- الجائز: من طلوع شمس يوم التاسع حتى طلوع فجر يوم العاشر.
ولو أدركت لحظة في هذا الوقت بعرفة فحجك صحيح، ولكن إن كانت هذه اللحظة قبل غروب الشمس فقط فعليك دم، وإن كانت بعد الغروب فلا شيء عليك، إلا أنه فاتك المبيت بمزدلفة فعليك دم لأجل مزدلفة لا لأجل عرفة.
– توجه إلى عرفة بعد شروق الشمس وصل فيها الظهر والعصر (جمع تقديم) على ركعتين ركعتين بأذان وإقامتين، وامكث فيها إلى غروب الشمس، وأكثر من الذكر والدعاء هناك، والسُّنَّة أن تستقبل القبلة عند الدعاء لا استقبال الجبل، ويستحب هذا الدعاء “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير”.
وعرفة كلها موقف، ولا يشرع صعود الجبل، ويستحب الإكثار من الدعاء والتضرع، ولا يشترط أن تكون واقفًا أو تحت الشمس، فلك أن تجلس وتستظل.

2- الإفاضة إلى مزدلفة:

أ- إذا غربت الشمس، اذهب إلى مزدلفة فإذا وصلتها صلِّ المغرب والعشاء (جمعًا وقصرًا بأذان واحد وإقامتين) قبل أن تحط رحلك، وقبل جمع الحصى.
ب- بِتْ في مزدلفة وصلِّ الفجر في أول وقته وأكثر من الدعاء والذكر حتى الإسفار (المبيت واجب حتى طلوع الفجر والأفضل حتى الإسفار)، ويجوز للضعفاء من الرجال والنساء أن يدفعوا في آخر الليل بعد غياب القمر لتجنب الزحام.
ج- التقط سبع حصيات لرمي جمرة العقبة الأولى، ومن أي مكان أخذتها جاز.
د- اذهب إلى منى قبل طلوع الشمس.

أعمال يوم العاشر:
1- يستحب الدعاء بعد الفجر حتى الإسفار.

2- توجه إلى منى لرمي جمرة العقبة والنحر أو إلى مكة لطواف الإفاضة، وأما الحلق فيجوز في أي مكان.
3- رمي جمرة العقبة: ارم جمرة العقبة (وهي أقرب الجمرات إلى مكة) بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى، وكبِّر مع كل حصاة.
4- ذبح الهدي: اذبح الهدي وكُلْ منه ووزع على الفقراء. الهدي واجب على المتمتع والقارن، ومستحب للمفرد.
5- الحلق أو التقصير: احلق شعرك أو قصره، والحلق أفضل. (أما المرأة فتقصر من كل ضفيرة قدر أنملة).

– إذا رميت وحلقت، فقد حللت التحلل الأول وكذلك لو فعلت اثنين من أربعة: الرمي أو الحلق أو الطواف أو السعي. أما النحر فلا يدخل هنا؛ لأنه لا يجب على جميع الحجاج. وإذا فعلت هذه الأربعة كاملة مع النحر إذا كان واجبًا عليك، فقد تحللت التحلل الثاني.
التحلل الأول: (تتحلل من إحرامك ويجوز لك فعل جميع المحظورات إلا النساء من جماع، أو ما دونه كالتقبيل ونحوه).
التحلل الثاني: (جاز لك جميع المحظورات حتى النساء).

6- طواف الإفاضة:

انزل إلى مكة وطف طواف الإفاضة (طواف الحج). وإن حللت قبل ذلك، فطف بثيابك.

7- تسعى للحج -إن كنت متمتعًا، أو مفردًا أو قارنًا ولم تسع قبل ذلك مع طواف القدوم- ويجوز تأخير طواف الإفاضة وسعي الحج إلى يوم الثالث عشر، ولكن لا يحل بدونهما.

8- المبيت بمنى أيام التشريق: والمقصود بالمبيت أن يدركك الليل -ولو لحظة منه- وأنت بمنى، حتى لو كنت يقظان أو ماشيًا ولا يلزمك النوم.

أعمال أيام التشريق 11، 12، 13:
1- رمي الجمرات أيام التشريق:
(صفة الرمي): من بعد الزوال تبدأ بالصغرى وهي أبعدهن عن مكة ثم الوسطى ثم جمرة العقبة، كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات تكبر مع كل حصاة، وتقف بعد الأولى والوسطى تدعو الله مستقبلًا القبلة وتطيل الدعاء وترفع يديك، ولا تقف بعد الكبرى (العقبة).
2- المبيت بمنى هذه الليالي، على الصفة المذكورة يوم العاشر.

3- إذا أتممت الرمي في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة، فإن شئت أن تتعجل فاخرج من منى قبل غروب الشمس. أما إذا غربت الشمس، فيلزمك المبيت ليلة الثالث عشر من ذي الحجة ورمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس.

4- طواف الوداع: وهو آخر أعمال المناسك إذا أردت الرجوع إلى بلدك، فطف عند سفرك طواف الوداع سبعة أشواط بثيابك. ويلزمك الخروج من مكة بعد ذلك، وإلا عليك إعادة الطواف. (الحائض والنفساء لا وداع عليهما).

تنبيهات:

أركان العمرة:
1- الإحرام.
2- الطواف.
3- السعي.

واجبات العمرة:

1- الإحرام من الميقات.
2- الحلق أو التقصير.

أركان الحج:

1- الإحرام (النية).
2- الوقوف بعرفة.
3- الطواف (طواف الإفاضة).
4- السعي بين الصفا والمروة.

من ترك شيئًا من هذه الأركان لم يصح حجُّه حتى يأتي به. ولا شيء منها مقيد بوقت يفوت إلا الوقوف بعرفة.

واجبات الحج:

1- الإحرام من الميقات.
2- الوقوف بعرفة إلى الليل.
3- المبيت بمزدلفة.
4- المبيت في منى ليالي أيام التشريق.
5- رمي الجمار.
6- الحلق أو التقصير.
7- طواف الوداع.

من ترك شيئًا من هذه الواجبات ولم يأته، فإنه يجبره بدم يذبح في الحرم ويوزع على فقراء الحرم، ولا يأكل منه شيئًا وحجُّه صحيح، ولا يجوز له تعمد ترك شيء من الواجبات.

محظورات الإحرام:

– قسم يحرم على الذكور والإناث:

1- إزالة الشعر من الرأس والجسد.
2- تقليم الأظافر.
3- استعمال الطيب (تجنب الصابون المعطر).
4- المباشرة: (الاستمتاع بما دون الجماع أو الجماع).
5- لبس القفازين.
6- قتل الصيد.
7- عقد النكاح لنفسه أو لغيره.

– قسم يحرم على الذكور دون الإناث:
1- لبس المخيط.
2- تغطية الرأس بملاصق كالعمامة ونحوها، (أما تظليله بالشمسية فلا بأس).

– قسم يحرم على النساء دون الذكور:
ستر الوجه بالنقاب أو البرقع، والسُّنَّة أن تكشف وجهها لكن إذا كانت بحضرة الرجال الأجانب عنها، وجب عليها ستر وجهها بالخمار ونحوه.
من فعل شيئًا من هذه المحظورات ناسيًا أو جاهلًا أو مكرهًا فلا شيء عليه إلا قتل الصيد، فعليه الفدية مطلقًا.

زيارة المسجد النبوي الشريف:

1- يسن لك أن تذهب إلى المدينة المنورة في أي وقت بنية زيارة المسجد النبوي الشريف والصلاة فيه؛ لأن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
2- يجب الملاحظة بأنه ليس لزيارة المسجد النبوي إحرام ولا تلبية ولا ارتباط بينها وبين الحج بتاتًا، فلو أديت حجك بدون زيارة فحجك صحيح.
3- إذا وصلت إلى المسجد النبوي فقَدِّم رجلك اليمنى عند دخوله وسَمِّ الله تعالى وصلِّ على نبيه صلى الله عليه وسلم، واسأل الله أن يفتح لك أبواب رحمته وقل: “أعوذ بالله العظيم ووجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك”، كما يشرع عند دخول سائر المساجد.

4- بادر بعد دخولك بصلاة تحية المسجد، وإن كانت هذه الصلاة في الروضة فحسن، وإلا في أي مكان من المسجد.
5- ثم اذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقف أمامه وسلِّم عليه قائلًا بأدب وخفض صوت: “السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. صلى الله عليك، وجزاك عن أمتك خيرًا”.
6- ثم تحول قليلًا إلى يمينك لتقف أمام قبر أبي بكر رضي الله عنه فسلم عليه وقل: “السلام عليك يا أبا بكر -خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم- ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرًا”.

7- ثم تتحول قليلًا مرة أخرى إلى يمينك لتقف أمام قبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فسلم عليه قائلًا: “السلام عليك يا عمر -أمير المؤمنين- ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك، وجزاك عن أمة محمد خيرًا”.
8- يسن لك أن تذهب متطهرًا إلى مسجد قباء فتزوره وتصلي فيه؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وترغيبه فيه.

9- ويسن لك أن تزور قبور أهل البقيع وقبر عثمان رضي الله عنه وشهداء أحد وقبر حمزة رضي الله عنه، تسلم عليهم وتدعو لهم. حيث تقول: “السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية”.

صدى البلد