هَربوا عقب سُقوط النِظام .. أموال ضخمة بانتظار (الكيزان) فِي تركيا
العباس الشقيق الأصغر للمخلوع يعيش حياة مُرفهة بتركيا
* مصدر لـ(الجريدة): العباس الشقيق الأصغر للمخلوع يعيش حياة مُرفهة بتركيا
* رئيس الوزراء السابق معتز موسى، مساعد المخلوع فيصل حسن عبدالله، ورئيس جهاز الأمن والمخابرات محمد عطا المولى، أبرز الهاربين إلى تركيا
*” فلول” النظام البائد أحتفت بخُطة هُروبه ووصفوها بالمُحَكمة
* أيوب أوغلو مِن بائع “بقلاوة” لرجل أعمال ثري
د.عبده مختار: يُمكن مُلاحقة الهاربين قانونياً وإحضارهم بـ(الإنتربول)
فِي لقاء بثته فضائية (سودانية 24) أول أيام عيد الأضحى؛ قالها نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو بوضوح: أسألوا الكباشي.. وزاد: من المفروض أنّ الذي قال هذا الكلام يُحاسب ويُعتقل محل العباس، ولو كان عضواً في المجلس العسكري أو الأمن أو الاستخبارات.. مفروض. وكان المُتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري شمس الدين الكباشي، قد صرّح في مؤتمر صحفي أُقِيم خصيصاً لغرض اعتقال كُلاً من عبدالله والعباس أشقاء المخلوع. ليخرج ذات (الكباشي) بعد سُويعات معدودة نافياً ما أدلى به مِن تصريحات مُوضحاً أنهم تمكنوا مِن القبض على عبدالله فقط : “كُنا أعلنا في 17 ابريل اعتقال شقيقيّ الرئيس عبدالله والعباس، لكن المعلومة لم تكن دقيقة، ذاك اليوم تم القبض على عبدالله فقط.
تناقلت الصُحف هُروب شقيق المخلوع الأصغر العباس حسن أحمد البشير، وضُجت وسائل التواصل الاجتماعي، بينما تفشت حالة يأس أوساط السودانيين الذين تسرب إليهم الشك، وبدأت تطفو إلى السطح أسئلة عن الجِهات التي تعمل بكد لتهريب رؤوس النظام البائد، وأكثرهم فساداً إلى تركيا والأسباب التي تقف خلف تكدسهم فِيها.
استغلال نُفوذ
عَشِية هُروبه إلى تركيا، لملم (العباس حسن عمر البشير) الشقيق الأصغر للرئيس المخلوع أمواله، وإتجه شرقاً ناحية القضارف ومِنها إلى (الحمرة) على الحدود الأثيوبية، مُتجاوزاً كافة نِقاط التفتيش، وبالرغم مِن اكتشاف أمره ومكوثه لدى الاستخبارات الأثيوبية إسبوعاً بأكمله، وبطلب مِن الحكومة الانتقالية السودانية، إلا أنّه تمكن مِن تنفيذ مُخططه ودخول الأراضي التركية.
يقول مصدر لـ(الجريدة): يُعد العباس بالرغم مِن صِغر سنه مُقارنةً بأشقائه الأكثر نفوذاً وسلطةً، فقد اشتهر بنهمه التجاري الشيء الذِي مكنه مُستعيناً بسُلطات شقيقه الرئيس، مِن إنشاء مايقارب الـ(30) شركة مُتخصصة فِي عُدة مجالات كـ(النفط، الأدوية، الأغذية، الاتصالات، الأسمنت والمقاولات) داخل السودان وخارجه. الرجل الذِي لم يكن يتمتع بأيّأً مِن مظاهر الثراء مطلع حياته، بات أحد أكثر رِجال الأعمال ثروةً ونفوذاً، وفِي غٌضون سنوات ضئيلة عقب تولي شقيقه السُلطة بانقلاب (89) الشهير.
فبجانب شركاته المُتعددة،ُ عُرف بعلاقاته الوطيدة والمشبوهة مع أكثر رجال الأعمال الأتراك فساداً بالسودان، ساعدوه لاحقاً على الهرب شبه المستحيل إلى تركيا وبمعيته أموال طائلة، علماً بأنّه استبق هروبه بإيداعه مبالغ لدى البنوك التركية، وشراء عقارات بالعاصمة أنقرة باهظة الثمن، مكنته من إيفاء شُروط الإقامة الدائمة بالدولة التي فتحت ذراعيها له والعديد مِن رموز النظام البائد بعده.
ووفقاً لمواقع إعلامية تركية فإن الإقامة الدائمة تُمنح لفترة غير محددة وهي صالحة مدى الحياة كما يتمتع الحاصلين عليها بكافة حقوق المواطن التركي كالعمل والتجارة وفتح المشاريع عدا الانتخابات وشغل وظيفة في أمن الدولة. ومن أهم شروط الحصول على الجنسية التركية إمتلاك عقار لمدة (4) سنوات كحد أدنى وتشغيل (50) شخص، إضافة لقضاء (8) سنوات بتركيا .
يصف (مصدرنا) استقبال تركيا لـ(العباس) باستقبال المُلوك تماماً، ويعيش شقيق المخلوع لقُرابة العام بالعاصمة التركية (أنقرة) حياة مُرفهة لا ينقصه فِيها شيء، مُستعيناً بأموال نُهبت مِن الدولة على مدى (30) عاماً. ويحتفي رموز النِظام البائد بالطريقة التي هُرِب بِها (العباس) وقد وصفوها بالمعجزة سيما وأنه مكث (7) أيام بإيدى المخابرات الأثيوبية وتوقعت الحكومة الانتقالية استعادته ولعلها لكافة ماذُكر أعلنت القبض عليه فخاب ظنها. ويُرجح أنّ تكون عملية التهريب وفقاً لما ذكره (المصدر) تمت بمساعدة إثنان مِن رجال الأعمال الأتراك أشتهرا بتواصلهم الدائم مع أُسرة (المخلوع)، ويأتي المجرم الهارب (أوكتاي أرجان) أولهما.
إمبراطور مال
(أوكتاي) الذِي قدم إلى السودان فِي العام (2002) قريب جداً مِن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدأ عمله التجاري مُسوِقاً لبضعة صناديق من الملابس الرجالية (بِدَل) وسرعان ما تحول إلى إمبراطور مال. تمكن الرجل بمرور السنوات مِن نسج علاقات شراكة مع عدد مِن قادة النظام البائد، مُنِح على إثرها الجنسية السودانية تحت اسم أوكتاي شعبان حسني علي. دونت النيابة العامة بلاغات عدة ضد أُس الفساد التركي بالسودان، منها بلاغ بالرقم (123/2019) تحت المادة (7) من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لسنة (1989)، والمادة (44) من قانون الضرائب لسنة (1986)، والمادة ( 35 ) من قانون غسيل الأموال، وطالبته وفقاً لخطاب نُشر بالعديد من الصحف بتسليم نفسه، إلاّ أنه غادر السودان بعد إستيلائه على مبلغ (70) مليون دولار، عن طريق عقد ممنوح من البنك الإسلامي للتنمية بلغت قيمته (120) مليون دولار، فتحايل على الأمر بشرائه أجهزة رخصية بتكلفة تشغيل غالية لا تُلائم أجواء السودان شديدة الحرارة، هذا اضافةً لشراء مواد من اسرائيل وحِيازة صناعة ملابس للجيش السوداني وعقد تسويق (60)% من القطن السوداني، وهُناك تُهم فيما يتعلق بالنفط والمعادن خرج مِنها جميعاً خُروج ( الشعرة مِن العجين) ـ كما يقول المثل الشعبي ـ
أوغلو للبقلاوة
لم يكن (اوكتاي) وحده هناك، أيضاً رجل الأعمال التركي (أيوب أوغلو) وذكرت صحيفة (الأخبار) أن (أوغلو) قدم إلى الخرطوم في العام (2000) وتربطه علاقة وطيدة مع (أوكتاي). أفتتح (أيوب أوغلوا) عُدة محال تجارية لبيع (البقلاوة) ـ حلويات تركية شهيرة ـ فِي عدد من الأحياء بالعاصمة الخرطوم، لديه فروع فِي كُلاً من ( اللاماب، الجريف شرق شارع الستين، أركويت جوار مول عفراء للتسوق ) كما لديه فرع صغير بالخرطوم بحري وتحديداً (كافوري). أطلق على كافة المحال التجارية اسم ( أوغلو للبقلاة ) ولم تكن سُوى سِتار يُغطي بِه استثماراته مع (أسرائيل) فالرجل كان يستورد مواد مُنتهية الصلاحية، منها رغم أنّ القانون السوداني يمنع الاستيراد من الدولة آنفة الذكر.
ضبطت قوة من الأمن الاقتصادي تلك المواد بكميات كبيرة داخل مصنع عشوائي يقع في (الأزهري) جنوب الخرطوم، يستخدمها (أوغلو) في صناعة الحلويات والآيس كريم والعصائر، حينها ذكر شقيقه الذي وجد بمعية آخرين داخل المصنع أنّ شقيقه يقوم باستيراد هذه المواد من اسرائيل ويتم إدخالها عبر مطار الخرطوم. وتباهى الشقيق الأصغر لـ(أوغلو) بعلاقاته الوطيدة مع النظام البائد، والتي ستعمل على إخراجهم من القضية ـ وهذا ما حدث ـ رفض رجل الأعمال التركي المثول للاستجواب وأخبر السُلطات بـأنه سيأتي ولكن لن يكون وحده، (معاي قيادات من الأمن والجهاز). مُستعيناً بقيادات (كيزانية) وأقارب نافذين للأُسرة الحاكمة كانوا يرتادون محاله التجارية، وقرروا مساعدته في مشاريعه بالسودان تمكن (أوغلوا) من التملص من المسألة بالرغم من ضبطه متلبساً، ليس هذا فحسب فقد ظلت محاله جميعها تعمل وكأن شيئاً لم يكن. هذا أضافة لتهربه من الضرائب لسنوات عديد.
تركيا الملاذ الأمن
حقيقة الأمر أنّ تركيا لم تكن مقصد (العباس) وحده، فمُنذ سُقوط النِظام البائد هرب لفيف مِن أهم رموزه وقيادات صفه الأول إليها براً وجواً. ويأتي آخر رئيس وزراء عينه المخلوع عقب سُقوط النِظام مُباشرة ووزير المالية فِي نفس الوقت معتز موسى، ضمن قائمة أهم الموجودين في تركيا الآن. وتمكن (موسى) مِن الهرب إلى تركيا بمعية عائلته فِي السادس مٍن أغسطس المنصرم، بعد أنّ قُدِمت له العديد مِن الضمانات، أهمها ممارسة العمل السياسي دُون أيّ وصايا ومُضايقات. وعلمت (الجريدة) أنّ معتز موسى استطاع الخروج مِن السودان عن طريق حدوده الشرقية مُتجهاً إلى أثيوبيا ومِنها إلى تركيا. وعلى النقيض تماماً تمكن مُساعد الرئيس المخلوع فيصل محمد إبراهيم، المُمسك بملف المؤتمر الوطني إنابة عن البشير حتى سُقوط النِظام مِن الهرب إلى تركيا مُتجهاً غرباً عبر الحدود التشادية.
ويُفسر أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية والمُحلل السياسي د.عبده مُختار لـ(الجريدة) تكدّس قيادات النِظام البائد بتركيا، نظراً لدعمها التيار الإسلامي والحركة الإسلامية (محور قطر) لذا فإنّها باتت تُعد ملاذاً أماناً لـ(الكيزان).
*ملفات مُهمة
لم يكن خِيار رئيس الأمن والمُخابرات الوطني الأسبق، والقائم بأعمال السفير لدى الولايات المتحدة، الفريق أمن محمد عطا المولى، مُختلفاً عن رفاقه فقد توجه مُباشرةً إلى تركيا بعد أنّ رفضت (واشنطن) دخوله أراضيها عقب سُقوط النِظام. ويُعد (عطا المولى) مِن أخطر (فلول النظام البائد) الموجودة فِي تركيا الآن، نظراً لحساسية وظيفته التي ظل يشغلها لسنوات عديدة. يقول د.عبده مختار لـ(الجريدة): إنّ الحكومة الحالية ليست على علاقة جيدة مع (تركيا) لأنّها أصطفت مع المحور الآخر (السعودية، والإمارات)، الشيء الذي يُضيق خيارات التعامل مع (الإسلاميين) الذِين يجدون أن تركيا تمثلُ المأوى فِي حال وُجهت إليهم تُهم فساد أو غيرها، ولا تُوجد حلول سوى مُلاحقتهم قانونياً أو إحضارهم بالشرطة الدولية (الإنتربول).
بيد أنّ المحُلل السياسي عبدالرحمن أبوخريس يرى صُعوبة ماذُكر، مؤكداً فِي حديثه لـ(الجريدة): أنّ رموز النِظام البائد وإن لم يكن قد قُدِمت لهم ضمانات أمنية لما ذهبوا إلى تركيا، مُشيراً إلى أنّ الدولة لديها تجارب سابقة مع إخوان مصر الذين أوتهم عقب إستلام “عبدالفتاح السيسي” للسُلطة.
سلمى عبدالعزيز
صحيفة الجريدة
هو انتوا لسه في الوهم دا اصحوا يا اخي