رأي ومقالات

ملاحظات حول زيارة بومبيو الابنعوفية للخرطوم


ملاحظات حول زيارة بومبيو الابنعوفية للخرطوم:
بومبيو يعود لواشنطن بخفي الامام بومبيو:
أتت زيارة وزير الخارجية الأمريكي للخرطوم في اطار حملة ترمب الانتخابية التي تسعي الِي حث الحكومية السودانية للتطبيع مع إسرائيل بهدف تعزيز نصر دبلوماسي لإدارة ترمب يساعده علي خوض الانتخابات القادمة في نوفمبر. في المقابل , يمنح السيد بومبيو حكومة السودان, للمرة الامبتين, وعودا برفع العقوبات الأمريكية القاسية وغير المبررة.
وكما ورد في صحيفة الفاينانشيال تايمز, وهي أحدي اهم صحف حكام العالم, وما يؤكده استمرار العقوبات بعد سقوط نظام الاخوان, فإن الولايات المتحدة ربطت تحسين العلاقات ورفع السودان من قائمة الدولة الراعية للإرهاب ليس فقط بـدفع تعويضات, شرعيتها محل تساؤل, لضحايا الإرهاب ولكن أيضا بـتنازلات لا علاقة لها بالإرهاب من قريب أو بعيد مثل التطبيع مع إسرائيل ، ودعم موقف واشنطن من السد الإثيوبي. وتعالت في الأيام السابقة دعوات في اهم الصحف الأمريكية لضغط السودان لتعويض أسر ضحايا حادثة 11 سبتمبر التي ما كان للسودان ناقة فيها ولا جمل.
يتضح من مقال صحيفة الفاينانشيال تايمز ان العقوبات الأمريكية لم يكن جوهرها محاربة الإرهاب وانما توفير عصا للسيطرة علي السياسة السودانية وهذا يضع علامة استفهام كثيفة حول كل سوداني ايد عقوبات فرضت جورا علي هذا الشعب, علما بان الترويج للعقوبات تورطت فيه الكثير من التنظيمات السودانية, وباهت به بعض الجهات كإنجاز شخصي يحسب لها, مما يوجب عليها الاعتذار لهذا الشعب المنكوب.
ولكن عاد بومبيو من الخرطوم خالي الوفاض , بعد ان ادار رئيس الوزراء وقحت إدارة زيارة الفيل بحذاقة . فقد أصدرت قحت بيانا استباقيا رفضت فيه التطبيع وتواري السيد رئيس الوزراء خلف ذلك البيان وابان لضيفه العزيز ان السياسة الخارجية تدار بالتوافق مع الحاضنة السياسية وان حكومته الغير منتخبة لا تملك تفويضا للبت في هذا الملف الحساس. وهكذا تفادت الحكومة هذا الملف الانفجاري وحاولت عدم اثارة حفيظة قوي اعظم. ويدعم صحة الموقف الرسمي ان الحكومة الأمريكية الحالية تسمي عند الفرنجة بطة عرجاء لان الانتخابات الأمريكية سوف تتم بعد حولي شهرين ونيف وسيترتب عليها تغيير في السياسة الخارجية في حال فوز بايدن المرجح, وحتى لو فاز ترمب مرة اخري فان سياساته الخارجية سوف تتغير أيضا كما هو راتب في السياسة الأمريكية.
كان أصلا من المستبعد ان ترفع الإدارة الأمريكية الحالية العقوبات المفروضة علي السودان لانها توفر لها أداة للتأثير علي سياسية السودان تحت ظل هذه الحكومة والحكومات القادمة , لذلك فان السودان لن يخسر الكثير بعودة بومبيو خالي الوفاض لان أصدقاءه الأجانب قد ادمنوا مطالبته بتقديم تنازلات مجانية لا تتوقف. وربما نجم عن موقف السودان الأخير تقوية موقفه التفاوضي مع الخارج بإظهار انه ليس امعة تابعة ولكنه دولة لها قرار مستقل وتصر علي الاحترام المتبادل في تعاملاتها وتوجهاتها الخارجية.
ولا بد ان نذكر ان الامام الصادق قد لعب الدور الأكبر في بلورة ما آلت له الزيارة البومبيوية.

د. معتصم الأقرع