رأي ومقالات

ارهاصات المؤتمر الاقتصادي.. دعم الوقود والقمح مرفوع لا محالة


في الأيام الماضية ، شاركت كمقاوم واقتصادي في ورشتين تحضيريتين للمؤتمر الاقتصادي : ورشة بنك السودان عن سعر الصرف والتضخم ، وورشة تالية لها هي ورشة وزارة المالية عن موضوع الدعم وبدائله . القضيتان هما الأكثر جدلا حولهما منذ تكوين الحكومة الانتقالية.

قدم د. الحريكة المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء بورشة وزارة المالية غيابيا ورقة تدعم النيولبرالية سليقةً و بلا جدال ، قدمها إنابة عنه أستاذ مــُـجيدٌ متقن من جامعة الخرطوم ، سبقهتما د. هبة و أ. آمنة وكيلة الوزراة بكلمتين شارحتين لضرورة رفع الدعم و شاكرتين للحضور .

في ورشة بنك السودان ، سعدت برؤية أستاذي بروفيسور صديق شاهين مديرا للجلسة , أسعدني أن يرى تلاميذه على اختلاف رؤاهم في محفل مهم كهذا : أول تلاميذه هو أستاذنا و زميلنا و صديقنا و بطل رياضة التجديف و أولنا في الماجستير التواتي الألمعي جبريل ( أبو الجباريل مالي البراميل كما يسميه د. الصديق عمر الصديق ) كاتبا من وراء الكواليس للورقة القياسية التي نوقشت ، و د. وائل فهمي مناقشا ، شخصي الضعيف معلقا على الورقة ، و آخرين جهابذة من طاقم بنك السودان من الاقتصاديين القياسيين و الإحصائيين ، و الذين تفضلوا بشرح وجهة نظر البنك المركزي، كان معظم القاعة من تلاميذ صديق شاهين ، شعور طيب أن ترى السعادة في وجهة معلمك ينظر حصيلة وقفاته عقودا أمام السبورة .

التمسنا في ورشة وزارة المالية عقب قراءة ورقة د. الحريكة أن المؤتمر ما هو إلا تحصيل حاصلٍ ، فدعم الوقود و القمح مرفوع لا محالة بلا أي بروتوكولات سابقة تعين المواطن على تحمل الصدمة الناجمة عن ذلك القرار الذي دبر بليل مع الصندوق و نفذ ضحى رغما عن أنف الثورة ، في حين أنه كان مناطا بالمؤتمر أن يناقش هذا الموضوع و يصل الأطراف لكلمة وسط و سواء . سيتم رفع الدعم عن البنزين تماما بعد ستة أشهر و عن الجازولين بعد سنتنين تدريجيا ، بلا سيطرة على التضخم و بلا تحسين للإيرادات و بلا دمج للاقتصاد العسكري في المدني و بلا زيادة للجهد الضريبي ، هكذا كعملية خياطة أمعاء في حر قائظ بلا مخدر ، إذ أن وزارة المالية بموافقة رئيس الوزراء قررا خوض المعركة ضد المواطن لا ضد العسكرأمنجنجويد . في أيام 26 و 27 و 28 ستخبر وزارة المالية صندوق النقد رسميا ببدء تنفيذ رفع الدعم المتبقي في ذات الوقت الذي سنتبادل فيه الصور في قاعة الصداقة محتفلين بختام المؤتمر الاقتصادي الصوري.

في الليل ، استدعيت من تلفزيون السودان للتعليق على مؤتمر الشباب الاقتصادي الذي افتتحه التعايشي و البوشي و بروفيسور صغيرون و مفرح أمام شباب الثورة ، قلت في نشرة الأخبار أن المؤتمر يُقصد منه تبصير المقاومة ثم تحييد الشباب عن ردة الفعل الناجمة من الصدمة المرتقبة ، و أن المقاومين لا مانع لديهم في العمل بالتنمية طالما وفرت لهم الحكومة المعينات في مجالات الزراعة و الصناعات التحويلية الصغيرة بتمويلهم تمويلا اصغرا و بسن التشريعات المؤاتية ، و أن الإصلاحات الآنية و المستقبلية التي اقترحناها كاقتصاديين و مقاومين في الورش هي التي ذكرت أعلاه ، و ختمت بالتحذير من تكرار دوافع ثورة ديسمبر 2018 في ديسمبر 2020 ، لأنه وقتها سيكون سعر الجالون و الرغيف قد أوصلا المواطن مستويان من الحنق و الألم قد يجعلانه يعبد الشيطان كيما يتفادى المسغبة ، هذا إن لم تحدث الإصلاحات التي طالما تحدثنا عنها مطولا على مدى عام .

الطريف، أنه في سبتمبر 2018 دعيت في قناة طيبة للحديث عن سياسة الكيزان وقتها و تنبأت بالثورة إن لم توقف الحكومة دعم ميزانية الأمن ب 76% من الموازنة ، ثرنا بعدها بثلاثة أشهر . “اتقوا بصيرة المؤمن”

Husamuddine Ismail