اسعار الوقود.. انه الخذلان ياحمدوك!!
اي منطق يمكن ان تبرر به حكومتنا هذا الارتفاع الغريب والمؤلم في اسعار الجازولين الذي قفز جالونه الي 481 جنيه، مقابل 540جالون للبنزين زيادة بنسبة ( ٤٢٨%).
وكيف ستسيطر الدولة علي الاثار السالبة لمثل هذه الزيادات علي حياة الناس؟والي اي مدي سيتحمل ابناء شعبي الارتفاع الجديد في اسعار السلع والخدمات والمواصلات، وماهي الاجراءات التي ستتخذها الدولة لتلطيف اثار حريق سيلتهم الجميع، ما هي الترتيبات المتوقعة لتاثير هذه الزيادات علي الانتاج، كيف سيصل الموظفون الي مكاتبهم مع ندرة وارتفاع اسعار الخدمات وعدم سيطرة الدولة علي قطاع النقل، ماهو التاثير المتوقع لاستيراد الوقود علي سوق الدولار بعيدا عن تدخل الدولة ، وكيف ستخمد الحكومة النار التي ستشتعل في السوق الموازي مع زيادة الطلب علي العملة ةلصعبة من قبل المستوردين ؟!.
، تري كم يبلغ راتب اعلي موظف في الدولة اذا قسناه بقيمة جالون البنزين،(تفويلة او تفويلتين) او ثلاث مثلا.
نعلم تماما ان الحديث عن توفير البنزين التجاري المدعوم لن يكون الا حيلة لتمرير سعر الوقود الحر المحدد ب 540 جنيها، لدينا تجربة في الخبز حينما فتحت الدولة الباب للتجاري مع المدعوم ولم تمر سوى ايام حتي اختفي الاخير وبات اندر من لبن الطير.
هل يعلم الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء ان حكومته خذلت المواطن في اعز دوافعه للاطاحة بنظام الانقاذ؟، من يصدق ان الثورة التي خرجت ضد الغلاء توجع الشعب الان باسعار ما انزل الله بها من سلطان، اين وعودكم للناس بالرفاهية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي او ابقاء الوضع علي ما كان عليه عند سقوط الرئيس المعزول عمر البشير.
هل يدرك قادة قوى الحرية والتغيير انهم يدوسون الان علي شعاراتهم التي اخرجوا بها الشارع وقادوا بها اعظم ثورة في تاريخ الشعوب، مازلت ابحث عن موقف سياسي قوي من اطراف الحاضنة السياسية للحكومة القائمة يزود عن حياض الشعارات التي رفعتها الاحزاب حينما همت بدغدغة مشاعر المواطنين املا في اخراجهم للاطاحة بالنظام السابق.
اقرار زيادة اسعار الجازولين والبنزين علي هذا النحو القاسي يجرد هذه الحكومة من فضيلة الاحساس بمعاناة الناس ويضع حاضنتها السياسية امام اختبار اخلاقي جديد ، اذ طالما صدعتنا بالحديث عن الغلاء الذي احال حياة الناس الي جحيم.
الاسوأ من كل هذا ان الحكام لا يستشعرون وجود أزمة، رغم ما تمر به البلاد من معاناة ونكبات اقتصادية مازلنا نفتقر للخطاب المعبر عن عمق الأزمة ، أو المتعاطف على الأقل مع أوضاع المواطن، معظم التصريحات التي تغرد خارج سرب المرحلة تخرج باردة ومستفزة لا تكاد تلمس فيها استشعاراً لمعاناة الناس ووجعهم اليومي في سبيل الحصول على الخبز والوقود والغاز والدواء وخدمات الصحة والتعليم والمواصلات والكعرباء والمياه.
الجهاز السياسي بشقيه العسكري والمدني مازال يتعامل مع الوضع الحرج بطريقة عادية تشعرك بأن (الأحوال على ما يرام)، يديرون الدولة التي تواجه أوضاعاً طارئة ومأزومة بفقه الاعتياد وعلى طريقة (سمحة المهلة).
حتى الآن لم نقرأ عن (آلية أزمة) لمواجهة الواقع برؤية تتناسب مع تعدد وخطورة معاناة المواطن وكدحه اليومي لتأمين احتياجاته الضرورية، فالدولة غارقة حتي اذنيها في الاحتفال بالتطبيع مع امريكا واسرائيل.
مازال بعض المتنفذين يحدثون المواطن عن التمكين الوثيقة الدستورية وبل الكيزان وقسمة السلطة والثروة ويشرفون وينظمون الفعاليات المخملية بإطلالة لا ترى فيها مشهد الأزمات التي تتناوش الوطن والمواطن على حدٍ سواء، جلهم يغردون بعيداً عن الأزمة وبخطاب يشعرك بأن المعاناة في وطن آخر غير السودان، وينظرون إليها من زاوية أنها لن تهز شعرة في رأس الحكومة.
الزيادة التي حدثت في الوقود امس جاءت بمثابة قاصمة الظهر التي اشعلت الحريق في حياة المواطن المكتوي اصلا بنار الاسعار.
علي حكومة حمدوك البحث عن مخارج تحافظ علي استقرار الفترة الانتقالية بعيد عن جيب المواطن الفارغ، ندعوها لاعادة النظر في زيادة اسعار الوقود بهذه الزيادات القاسية، ونذكرها بانها اشعلت الان حريقا في حياة السودانيين التهم ماتبقي من امل في وضع افضل، خذلتهم ومالهذا ايدوك ياحمدوك.
محمد عبدالقادر
اليوم التالي