زهير السراج

واحد فول…وصلِّحوا


[ALIGN=CENTER]واحد فول…وصلِّحوا !! [/ALIGN] احد اشهر كتاب ( لوفيجارو) الفرنسية فى الثمانينيات من القرن الماضى ( بيير دو غارييه ) ، كان طباخا فاشلا فى بداية حياته العملية ، وتعرض للطرد اكثر من مرة من المطاعم والفنادق التى عمل بها قبل ان يلتحق بصحيفة محلية صغيرة فى مدينة ( ليون ) كصحفى تحت التمرين بقسم المنوعات ، مهمته الاساسية تحرير صفحة كل اسبوع تهتم بشؤون الطبخ ، بحكم تخصصه السابق ودبلوم الفندقة الذى حصل عليه بعد لأى من احد المعاهد الصغيرة فى العاصمة باريس ومن ثم سعى للعمل كطاه قبل ان ينتقل للعمل بالصحافة !!
* لم يكن ( بيير ) يمتلك من ادوات العمل الصحفى فى بداية عمله سوى خبرته المتواضعة فى الطهى ، وتجربة لا باس بها فى كتابة الرسائل التى كان يرسلها لصديقته فى باريس من حين لآخر، وينقل نصفها من كتاب للرسائل الغرامية، اهدته له صديقته حتى يتعلم فنون الكتابة الرومانسية، ففضل ان يختصر الوقت والجهد ويرسل اليها مقاطع كاملة من الكتاب بدلا عن اجهاد نفسه فى تأليف العبارات الرومانسية التى تحتاج الى موهبة وبراعة لغوية، لم يكن يملك منهما إلا القليل !!
* وكان يفعل نفس الشىء فى ممارسة عمله الصحفى، اذ كان ينقل جل ما ينشره فى صفحته من كتاب شهير للطهى ، ويغلف ما ينقله بعبارات ادبية منتقاة من كتاب الرسائل الغرامية، وكان ذلك سبب اقبال القراء عليه ، ومن ثم صار مشهورا فانتقل من صفحة الطبيخ الى صفحة الرأى ، ومن الجريدة المحلية الى جريدة اكبر ، ثم الى الـ (لوفيجارو) ليصبح من اشهر كتابها فيما بعد قبل ان يستقيل فى منتصف الثمانينيات ويتفرغ للتأليف السياسى والتدريس فى الاكاديميات الاعلامية، حتى وفاته فى العام قبل الماضى وتشييعه فى موكب مهيب الى مثواه الاخير !!
* تراودنى منذ فترة طويلة فكرة الانتقال من العمل الصحفى الى العمل فى مجال الطهي والطبيخ ، عكس ما فعله السيد ( بيير)، ويحدونى امل كبير بالنجاح وتحقيق صيت واسع فى هذا المجال ، خاصة اننى اتمتع بشهرة لا بأس بها ، حققتها من عملى الصحفى ، كما ان بعض الاخوة الذين ارغمتهم الظروف فى مناسبات مختلفة لتذوق ما طهته لهم يداى، لم يصابوا باكثر من تلبك معوى وارتفاع فى حموضة المعدة والتهاب الحجاب الحاجز ، وكان اسوأ ما شكا منه احدهم هو الانسداد المعوى الذى ألزمه سرير المستشفى بضعة ايام بعد خضوعه لعملية جراحية عاجلة لازالة الانسداد الذى كاد يقضى على حياته لولا عناية الله !!
* مقارنة بالسيد( بيير)، الذى لم تكن لديه اية موهبة فى الطبيخ ، وبرغم ذلك حقق شهرة عريضة فى عالم الصحافة، فاننى فى مرحلة متقدمة جدا واستطيع الجزم بنجاحى فى دنيا المطاعم والطبيخ ، بما لى من خبرة طويلة فى عالم الصحافة وعدد لا باس بهم من المعجبين الذين يطاردوننى من مكان الى آخر حتى لو كان محلا لبيع الفول والكوارع .
* بقى ان اقول ان الصحفي والكاتب والمؤلف المحترم السيد ( بيير دو غارييه) ليس الا شخصية وهمية من صنع خيالى ، اخترعتها حتى ابرر لنفسى الانتقال من مهنة الصحافة الى مهنة الطبيخ، وانا مرتاح البال بدون تأنيب ضمير، واعتقد جازما ان الوقت قد حان لتحقيق هذه الامنية التى ظللت احلم بها طويلا !!.

drzoheirali@yahoo.com
مناظير – صحيفة السوداني – العدد رقم: 1199 2009-03-15


تعليق واحد

  1. من الان اعتبرني واحدا من رواد مطعمك
    😉 😉 😉
    اضحكتني كثيرا الفكرة
    عودتنا دايما استاذنا الكبير باسلوب رايع
    لك تقديري