رحل شيخ نورين وسكت مزمار من مزامير الترتيل
رحم الله الشيخ القاريء نورين محمد صديق فقد صعدت روحه الي بارئها في رفقة مباركة طيبة من القراء والحفظة والدعاة ،كانوا جميعا في رحلة دعوية عندما تعرضوا لحادث مؤسف أليم. وشيخ نورين علم من أعلام القراءة والدعوة والإرشاد وصوته مزمار من مزامير الترتيل وله أسلوب خاص متميز في القراءة والترتيل وله صوت قوي صداح ينفذ إلى القلوب لا تدري إن كان مر على الآذان أم لم يمر. وسيحتاج إخوانه وخلانه ومحبيه إلى إسترجاع طويل مرير ليعتادوا على غيبته ،وليقبلوا حقيقة أن صوته لن يعود يغرد، فتردد ترتيله أصداء جدران المساجد و أعمدتها، كما تردده خفقات القلوب وأنسجتها.ولن يعتاد الناس سريعا أنه لن يصدح بعد هذا المساء بصوته الرخيم الجميل مجوداً ومرتلا ومنغما في جرس صوت مخبت خاشع منيب. وقد كان صوته العذب يجذب المصلين إلى حيث يكون وحيث يقرأ وحيث يصلي كما تجذب الأزهار الملونة الفواحة أسراب النحل العطشى للرحيق، فقراءة شيخ نورين المترسلة المموسقة التي تظهر المباني وتكشف عن المعاني ،تعين المتدبرين على ترحال وئيد في معاني الكتاب المبين وكأنها مصباح وضاء كشاف.
وقدولد شيخ نورين في شمال كردفان في الفرجاب شمال مدينة بارا فنهل من ميزاب خلوتها ومن تردة مسيدها ،وتتلمذ على شيوخها وعلى رأسهم الشيخ المكي. ولكم أنجبت خلاوي كردفان الغرة أنجب قراء القرآن وكفى بذلك فخرا لكردفان. وحفظ الشيخ نورين في سن مبكرة القرآن بشتي قراءاته لكنه كان يقرأ بالدورى وحفص وورش ولم يكتف بحفظ القرآن بل أمعن في البحث والدرس لعلومه وتفسيره ومعانيه
وعمل بالقراءة والتعليم بالمسجد الكبير بالخرطوم فترة ليست قصيرة حيث كان يخصص جلسات استماع وتفهيم للقرآن بصوته يوم الأحد من كل أسبوع وإبانها أهتدى على يديه كثيرون فيا سعداه بمن أهتدي به فهدايته إياهم خير له ولهم من حمر النعم . وعمل شيخ نورين بمجمع النور بكافوري إلى آخر أيامه وكان دائما ركنا من أركان جمعية القرآن الكريم وأحد أنشط السعاة في توسيع نشاطها… رحم الله شيخ نورين رحمة واسعة وأنار قبره بنور القرآن وآنس وحشته بأنس القرآن، كما أفرح وأراح وآنس قلوبا استوحشت لغيابه وحزنت لفراقه، لكن أمر الله إن جاء لا يرد ولا يؤجل… فلا نقول إلا إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله.
د. أمين حسن عمر