نزار العقيلي: (وظائف شاغرة لمن يأنس في نفسه الكفاءة)
لا تقلق عزيزي الراغب في العمل فالشواغر في هذه المهنة كثيرة جدا” و المجال مفتوح للجميع رجالا” و نساءا” و لا يتطلب التقديم للوظائف سوى أن تكون سوداني و لم يسبق إدانتك باي جريمة تمس الشرف و الأمانة فهي مؤسسة ذات تاريخ عريق .
لكن قبل أن اوضح مخصصات الوظيفة من رواتب و حوافز يجب أن تعلم عزيزي المتقدم بعض الأشياء المهمة حتى لا تقول بان نزار العقيلي قد خدعني ، يجب ان تعلم بأن المؤسسة هذه سوف تنتزع منك ( حريتك ) بمعنى انك لن تكون حرا” ابدا” بل ستكون ملكا” للمؤسسة التي لا تعترف بحرية ( التعبير ) لمنسوبيها ، لن يمكنك ان تنتقد سياستها او برامجها ، لن تستطيع ان تعبر عن رأيك السياسي علنا” ، لا يحق لك الإنتماء لأي حزب سياسي او المشاركة في نشاط سياسي ، لا يحق لك إنتقاد النظام السياسي للدولة ، و يجب ان تعلم أيضا” بانه لا يمكنك الإستمتاع بأيام العطلة الراتبة يومي الجمعة و السبت و كذلك لا يحق لك الإستمتاع بايام العطلات الرسمية مثال ( رأس السنة ) و أعياد الإستقلال و أعياد رمضان و الأضحى لانها تعتبر ايام ذروة العمل في المؤسسة ، و يجب أن تعلم كذلك بانك سوف ترتدي اليونيفورم الخاص بالمؤسسة على مدار اليوم ، و يجب ان تعلم ايضا” بان المؤسسة يمكنها ان تعتذر عن دفع إستحقاق نهاية خدمتك مهما بلغت من خدمة طويلة ممتازة ، و لتعلم ايضا” بانك مهما اجتهدت في العمل و حققت المستحيل فان المؤسسة ستقدم لك ورقة عليها ( ثناء) ستعلقه على جدار غرفتك لينظروا له أبناءك لحظة جوع او مرض ، و لتعلم ايضا” بأن الخدمة الطبية بالمؤسسة سيئة جدا” و الخدمة الإجتماعية ضعيفة وافضل منها ( كشف ) الحلة في حالة فرح او كره .
هل عرفت الأن لأي مؤسسة سوف تعمل ؟ نعم بالفعل هي مؤسسة الشرطة السودانية التي فاقت المائة عام من البذل و العطاء ، و يجب ان لا انسى بان اقول لك بانك سوف تكون في حالة إستعداد تااام كل يومين او ثلاثة بسبب رئيس زائر لبلادنا او بسبب تظاهرات طلابية او بسبب خلافات سياسية او بسبب حركات مسلحة تنوي دخول الخرطوم ، او حتى بدون سبب فانت جندي لا يحق لك ان تسأل عن سبب لبسك للكاكي و للبوت لمدة اسبوع و حرمانك من اسرتك لليالي عديدة ولا يفوتني ان انبهك بان إجازتك السنوية يمكن ان يتم قطعها لك في اي لحظة حسب حوجة العمل .
و يمكنك ان تختار جهة عملك داخل المؤسسة فاذا أخترت ان تكون جندي في النجدة يجب أن تعلم بأن ظهرك سوف ينكسر على خلفية احد الدوريات بسبب الجلوس في إنتظار إشارة إستغاثة او بسبب مطاردة لعينة داخل اذقة الحواري ، و لا تتخيل ابدا” ان يعطيك احد المواطنيين زهرة و انت جالسا” على حافة خلفية الدورية تحت شجرة نيم ، بل قد يأتيك حجر من احدهم يفقع عينك و قد يتحرش بك زبائن خمارة فيسب احدهم امك التي انجبتك و دفعت بك لحماية الوطن فتدافع عن نفسك و قد تقتل احدهم بالخطاء فتجد نفسك معلقا” على مقصلة سجن كوبر .
اما اذا رغبت في ان تعمل في مجال البحث الجنائي يجب أن تعلم بان صباحك سيبداء بانتشال جثة غريق متعفنة على نهر النيل تجاهد في الإمساك بها بحذر حتى لا يعلق لحم الجثة باظافرك و ملابسك و ستظل رائحتها تطاردك لأيام طويلة في طعامك و شرابك و في انفاس زوجتك ، يجب أن تودع اسرتك يوميا” بنظرات الوداع الأخير فانت لن تضمن أن مداهمة الاوكار ستخرج منها حيا” و لن تضمن بان من ارسلتهم للسجن لا يتربصون بك بعد خروجهم ، يجب ان لا تسلك ذات الطريق يوميا” فانت هدف مطلوب لكل عصابة و لكل مجرم اوقعت به ، فطالما انك تعمل في مجال البحث الجنائي فان مجتمعك يجب ان يكون من قاع المدينة حيث بيوت الدعارة و الخانات و اسواق المسروقات فالمعلومات التي تجتهد للبحث عنها لن تكون في المساجد او نشاط جامعة الصين الشعبية .
و اذا رغبت في العمل بمكافحة المخدرات او التهريب يجب ايضا” ان تترك وصيتك مع احد اقاربك و تكون حريصا” على خطة مستقبل اسرتك بعد وفاتك في كمين على طريق الساسريب او صحراء الشمالية و لتعلم بانه بعد استشهادك ستسعى زوجتك وراء استحقاقاتك حتى تدمى اقدامها و ليت استحقاقاتك حينها تكفي لشراء موتر تكتك .
اما اذا كنت تطمح بالعمل مع شرطة المرور يجب أن تعلم بان الزي الذي سوف ترتديه يجب غسله يوميا” فالدولة الحكيمة هذه رأت بان اللون الابيض هو اللون المناسب لرجل يعمل تحت الشمس و الاتربة و قد تستهلك نصف الراتب في صابون تايد ، و يجب ايضا” ان تكون رئتيك اكبر من مصفى التراكتور لانك سوف تستنشق جميع انواع ادخنة عوادم السيارات و قد يصادف ان يدهسك سائق دفار متعمدا” او تكسر قدمك انثى لازالت تتعلم القيادة ، و يجب ان تكون صلبا” امام الرياح والاتربة التي تعيق رؤية سائقي المركبات وانت تحاول تهدئة السيارات على الطرق السريعة بين الولايات ، و ان تكون لينا” و انت ترشد السائقين في السيول و الامطار و ان تحاول تدفئة نفسك بعوادم السيارات في الشتاء و بعد يوم كامل من الوقوف على شارات المرور ستذهب لاسرتك منهكا” لا تحتاج سوى النوم لتنطبق عليك مقولة ( سجم الدلكتو و اداني عنقرتو ) .
و اذا لم تعجبك كل هذه الوظائف يمكنك العمل في السجون لتقف بالساعات الطويلة على ابراجها العالية و حين تحين لحظة الوجبة فان ساندوتش الفول سيقذفه لك احد زملاءك من اسفل البرج و إن لم يكن حريفا” فسيصلك الساندوتش خاليا” من حبات الفول التي سوف تتساقط في الطريق للأعلى ، يجب ان تدرك بانك سوف تكون مثل النزيل تماما” لانك سوف تاكل ( الجراية ) معهم و تتجول معهم حين تفتح السرايات و تحبس معهم حين تغلق ، فقط يكمن الفرق في انهم سينالون قسطا” من الراحة و انت ستظل تحرسهم و تنظر اليهم نظرات الأم لرضيعها ، فهم بمثابة ابنائك ، سترافق المريض منهم و تطعم المضرب عن الطعام .
اما اذا فكرت ان تعمل بالاقسام الجنائية يجب ان تعلم بان روائح الزنازين ستكون هي عطرك الدائم و ستظل تقضي اليالي و انت تحلم بانك أغلقت دفتر احوالك بالجملة الشهيرة التي تقول ( اغلقت احوال يوم كذا و فتحت احوال يوم كذا دون بلاغات ) ، و هذه احلام لا يمكن تحقيقها حتى في اقسام الاحياء الراقية ، و اذا رغبت في العمل على الخدمات الخارجية الخاصة و اخترت محطة وقود هادئة فلن تنجو ابدا” من شرك يصنعه السياسيين لتقع فريسة سهلة للتنمر و السخرية على وسائل التواصل الإجتماعي محققا” بذلك هدف السياسيين في إغتيال روح الشرطة .
عفوا” نسيت أن اخبرك بأن جملة الراتب الشهري تبلغ مقدار قيمة ( تفويلة تنك ) لأحد سيارات الساسة الذين تحرسهم من غضب الشعب .
فهل ستقبل بهذه المهنة ؟ بالتأكيد ( لا ) و سترى بأن العطالة ( رحمة )، إذن يا عزيزي أرجو أن تصمت و تترك منسوبي الشرطة في اوجاعهم التى لا تعلم عنها شيئا”.
نزار العقيلي
ليت قومي يعلمون
كلامك ده ينطبق علي كل القوات النظامية تقريبا
لكن نعمل شنو مع اللي قاعد في كافيه لحدي الصباح ويكتب ليك في منشور علي الفيس
معليش ما عندنا جيش
ومدنياوووووو
وشيرو يا جماعة
لمليونية شنو ما عارف