حكومة تكح ولا …

(1 )
كان السيد ابراهيم المفتي من اقرب المقربين للزعيم اسماعيل الازهري وعندما تولى هذا الاخير رئاسة اول حكومة وطنية كلف صديقه بوزارة الاشغال وهي الوزارة التي لها الولاية على كل عقارات وآليات الدولة فأراد المفتي توسعة حجيل (سور الحناء ) المنزل الحكومي الذي يسكنه بحكم المنصب فأمر بوموترقردير فاعترض وكيل الوزارة بحجة أن هذا ليس من واجباته بل من واجبات الوكيل وما دونه في الوزارة فهو كوزير يعتبر عابرا والمنزل ملك الدولة فرفع الامر للازهري فأقر تصرف الوكيل . وردت هذه القصة في احد كتب منصور خالد والشاهد فيها أن الازهري اراد فعلا حكومة ديمقراطية موزعة الاختصاصات تحفظ المسافة بين الدولة والحكومة ولكن فيما بعد مرت على السودان حكومات اختلطت فيها الدولة بالحكومة والمجتمع كمان (المحسوبية) واصبح الوزير لا حد له في الوزارة يتدخل حتى في عمل ست الشاي الجالسة خارج سور الوزارة ووصلنا مرحلة الوزير القابض فان كان مؤهلا وكفا ارتقى بعمل الوزارة وإن كان وزيرا (اي كلام) الله قال بقول الوزارة المعنية أما اذا كان غير موجود فإن اب ضنب سوف يلعب في الوزارة لعب.
(2 )
في السودان مرت علينا فترة فراغ وزاري بعد هذه الثورة المجيدة مباشرة وقبل تشكيل حكومة حمدوك اذ كان المجلس العسكري هو الحاكم وكان وكلاء الوزارت مسؤولين لديه عن اداء الوزارات فاهتز دولاب العمل وارتخت قبضة الدولة على كل شيء ولكن في هذه الفترة جاءت مساعدات خارجية سترت بعض العورات ثم جاءت حكومة حمدوك وكان الامل فيها كبيرا وتعددت اهداف الناس منها فمنهم من يريدها لتمزيق الدولة الموازية ومنهم من يريدها للاصلاح المؤسسي وتقسيم العمل بصورة قانونية ومنهم يريدها لتمزيق فاتورة الاستيراد وتحسين الاحوال المعيشية ولكنها خزلت الجميع اذ راهنت على الخارج كما انها عجت بالوزراء الذين تنقصهم الكفاءة حيث المحاصصة لم تكن غائبة عنها فضج الناس من التدهور الذي نجم في عهدها. ولامتصاص غضب الشارع تم اعفاء سبعة منها (فد دقة) ووعد الشعب بحكومة فعالة في اقل من اسبوع ولكن مر الاسبوع ثم الاسابيع ثم الشهور ولم تشكل الحكومة الجديدة لا بل اتضح للكل أن الوزراء الذين تم اعفاؤهم كانوا الاكثر ايجابية وهم الذين كانوا يشعرون الناس بوجود الحكومة فالسادة وزير المالية ووزير الصحة ووزير الطاقة كانت لهم كارزيما لاتخطئها العين مهما كان الاختلاف حول سياساتهم . فالسؤال لمصلحة من تم إبعادهم ؟
(3 )
والحال هكذا حدث فراغ لم يحدث من قبل وكأنه مقصود فالجنيه ازداد تدهورا على تدهوره والكورونا اصبح حصادها اكبر من شوطها الاول وصفوف الوقود لم تتراجع رغم التحرير واصبحت المعيشة اكثر ضيقا واستبان للناس ضعف وزارة التربية والتعليم التي افتعلت مشاكل كانت في غنى عنها وضعف وزارة الري التي عرضت الموسم الشتوي للخطر ومازالت البلد بدون حكومة . ايها الناس نحن لسنا في بلد من بلدان الديمقراطية الراسخة حيث الناس لا يحسون بوجود الحكومة في حياتهم اليومية مهما طال غيابها ومهما كان شكلها، نحن في بلد الحكومة فيه هي التي تربط وتبرطم وهذا دليل تخلف ولكنه الواقع . فمن فضلكم الفونا بحكومة تحل محل حكومة المكلفين هذه وبعض غير المكلفين . حكومة من وزراء يملوا العين شوية، لا نريد منهم اصلاحا ولا ايقاف التدهور نهائيا فهذا صعب عليهم نريد منهم تقليل معدلات التدهور . انني اخشى من لحظة نصيح فيها مع الحاردلو (ألفونا بالانجليز او المسيح اب عين).
عبد اللطيف البوني – صحيفة السوداني
زمن الإنقاذ لم تقل الحقيقة يوما ما ولا لأنك كنت من رجالاتها وقبضت دولاراتها