عبد اللطيف البوني

المافي شنو؟

(1)
في الحلقتين السابقتين وصلنا إلى حقيقة مفادها انه بعد توقف وإن شئت قل بعد انتكاسة الهندسة الزراعية التابعة لادارة مشروع الجزيرة والمؤسسة العامة للري والحفريات التابعة لوزارة الري لم يحدث (فراغ آلي) في الجزيرة اذ ظهر القطاع الخاص المتمثل في ثلاث جهات اولها الشركات القديمة الموجودة اصلا ثم شركات الافراد التي دعمها النظام السابق (محاباة لاهلها) من اجل العمل في مشروع الجزيرة ثم المزارعون كأفراد وان شئت قل اثرياء المزارعين وهذه هي الجهة الغالبة، فالمهم في الامر أن الجزيرة اليوم (حدها حسن) في الآليات الزراعية المتطورة من كراكات وتركتورات وكافة اشكال المحاريث (الديسك والهرو والخلخال و(باللليزر كمان) والحاصدات الحديثة وكلها يمكن أن تعمل بالمحددات الفنية التي تتطلبها ادارة الزراعة وادارة الري عليه يكون من باب تبديد الموارد اذا فكرنا في عودة القطاع العام لهذا الضرب من الاعمال بأي شكل من الاشكال و ينبغي أن يكون التطور المرتقب القادم أن يمتلك المزارعون كأفراد او روابط مياه او جمعيات منتجين هذه الآليات وليس الحكومة.
(2)
ذكر الدكتور صديق عبد الهادي في تسجيله الصوتي الذي اشرنا اليه امس أن 90% من مشكلة مشروع الجزيرة تكمن في الرى اذ تردت خدماته ووصلت شبكته مرحلة الانهيار. وفي تقديري أن اي معايش لصيق بمشروع الجزيرة سوف يتفق معه، عليه ينبغي أن تسخر كل الامكانيات لحل هذه المشكلة وهي ليست مستحيلة الحل مع التقنيات الحديثة عليه يجب توفير المال اللازم وذلك يبدأ بتوجيه معظم الضريبة الحالية للري وليس للادارة كما يحدث حاليا. ويصحب ذلك اصلاح اداري يبدأ بمضاعفة عدد مهندسي الري الحاليين ثم ضم الري لادارة المشروع كما حدث قبل سنوات فقد كانت تجربة ناجحة فلا شيء يمنع من العودة لها اذا اقتنع الناس بنجاحها فالموضوع موضوع مصلحة عامة وليس عصبية مهنية وان شاء الله يكون محافظ المشروع مهندسا ريا كما حدث ذات مرة. ثانيا ذكر السيد صديق في تسجيله واقعة السماح للمزارعين بالاتصال المباشر بأصحاب الكراكات والاتفاق معهم تحت اشراف مهندس الري كحل للازمة الراهنة وبشهادته نجحت المسألة فهذا هو اساس فكرة روابط المياه التي تم تجريبها من قبل ولكن لم تعط الفرصة الكافية فإشراك المزارع في حل معضلة الري واي معضلة اخرى هو الضمان الاول لنجاح المشروع عليه يمكننا الرجوع لمسألة الروابط هذه
(3)
إن الغرق في مماحكة من دمر المشروع هل هو قانون 2005 ام غيره لن يفيد شيئا فالمشروع لم يكن بخير قبل تطبيق 2005 بالنسبة للمزارع ولا حتى الحكومة ربما كان مفيدا للاداريين. والمشروع الآن رغم كل التدهور اصبح نسبيا اكثر فائدة بالنسبة للمزارع ولكنه ما زال بعيدا جدا عن مرحلة الاختراق مقارنة بأصوله وامكانياته الضخمة وان ارتفع عائد المزارع نسبيا فإن هذا يرجع الفضل فيه لتطور تقانات الزراعة وتطور وعي المزارعين والقدر من الحرية التي تمتع به. عليه المطلوب الآن مواكبة ما يحدث في العالم من اساليب ادارية وتقانات والحمد لله أن الفرصة الآن مواتية لان بلادنا قد خرجت من عزلتها بفضل الثورة المجيدة واصبحت قابلة للاندماج في النظام العالمي وفي هذا مشروع الجزيرة مرشح أن يكون رأس الرمح لما له من فرص هائلة، فلننحِ التلاوم جانبا كما دعا السيد رئيس مجلس الادارة ليس لإنقاذ الموسم الحالي بل لكل مسيرة المشروع ونمضي إلى الأمام وما التوفيق إلا بالله.

عبد اللطيف البوني – صحيفة السوداني

تعليق واحد

  1. مقالاتك دائما رائعة دكتور البوني متعك الله بالصحة والعافيه. ياريت لو تركز على مشروع الجزيرة في مقالاتك لما فيها من تسليط الضوء على المشاكل التي تواجه المشروع، وأعتقد ما تكتبه بخصوص مشروع الجزيرة له دور مهم جدا في الجهود المبذولة لعودة هذا المشروع العملاق لامجاده الأولى رافدا محوريا في نهوض الاقتصاد السوداني وتوفير الحياة الكريمة لابناء شعبه