تحقيقات وتقارير

ماذا يريد أن يفعل صلاح مناع بجهاز الأمن الداخلي ؟

يعود عضو لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد صلاح مناع مرة أخرى ليفتح جبهة جديدة في خضم معاركه المتواصلة، المثيرة للجدل بالطبع، تارة مع شركة زين للاتصالات، ومرة أخرى ضد (زادنا) أو استثمارات القوات المسلحة، وثالثة ضد فساد النظام البائد، وفي كثير من الأحيان ضد طواحين الهواء كما يبدو، فعندما تزول مؤثرات لجنة إزالة التمكين من القصر مؤقتاً يختلي مناع ببيت المبرمج الأمريكي جاك دورسي، تويتر، فهو اكتشافه الأثير المُحبب الذي يفكر فيه بصوت مكتوب، وقد بثه هذه المرة رغبة مكتومة في إحياء جهاز الأمن الداخلي، ليكون تحت إمرته، حامياً للمرحلة الانتقالية، بعد أن فقد الثقة في أجهزة الدولة .

-واصل مناع هجومه ليطال هذه المرة النيابة العامة التي فشلت في تقديم رموز النظام البائد إلى المحاكم إلى جانب الأجهزة الأمنية التي قال أنها أيضاً فشلت في تنفيذ (99%) من أوامر القبض، بسبب ما أسماه سيطرة عناصر النظام البائد عليها، ما يغري بطرح السؤال الحائر، ماذا يريد مناع، هو تحديداً وعلى وجه الخصوص من جهاز الأمن الداخلي؟ وكيف يتصور مهامه في زمن يتهرب الناس من كل ما يذكرهم بالاعتقالات التعسفية، وبيوت الأشباح، وانتزاع الاعترافات؟

منّاع في أكثر من تغريدة على التوالي أوضح أن النيابة العامة لم تقدم سوى ثلاثة بلاغات إلى المحاكم من بين مئات البلاغات، متسآئلاً عن دور أيادي من النظام السابق في الأمر . وقال إنّ تأسيس جهاز الأمن الداخلي سيكون صمام أمان للمرحلة الانتقالية بعيدًا عن أجهزة أمنية مازال النظام البائد يتحكم في معظمها أو بعض منها وأضاف: “الأجهزة الأمنية فشلت في تنفيذ 99% من أوامر القبض والنيابة العامة فشلت في تقديم رموز النظام الى المحاكم!! سوى ثلاثة بين مئات البلاغات؟ هل الأيادي مازالت فاعلة. يخلص مناع إلى هذا السؤال المفتوح المربك، دون أن يُسمّي تلك الأيادي، التي تعبث بما يقض مضجعه تقريباً .

-من المهم الإشارة إلى أن الحكومة الانتقالية كانت قد أعلنت عن تشكيل جهاز للأمن الداخلي يتبع لوزارة الداخلية قبل أشهر عقب محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بهدف حماية الأمن الوطني وتحصينه من المهددات. ولكن الخطوة لم تكتمل حتى اليوم نتيجة لعوامل جديدة من بينها الحديث عن وجود خلافات داخل الوزارة المعنية تتعلق بتحديد تبعية الجهاز الجديد، ورفض المكون العسكري لتمرير القرار في مرحلة ثانية.

فما بين المستقل والقابع تحت مسؤولية وزير الداخلية أو تحت مسؤولية مدير قوات الشرطة تأخرت عملية انشاء الأمن الداخلي ، وفي المقابل أعلت بعض المكونات السياسية عن تخوفها من انحراف الجهاز الجديد عن مساره والعمل في مهام أخرى شبيهة بالمارسات التي كانت تحدث ابان فترة حكم النظام البائد، أي قمع الأصوات المعارضة، بينما يرى آخرون أنها خطوة في اتجاه تصفية جهاز الأمن بشكله القديم ذو السمت الانقاذي وتتماشى مع خطوات إزالة التمكين. وسبق لأعضاء لجنة إزالة التمكين التأكيد على وجود عقبات وعراقيل أمام عمل اللجنة حالت دون تنفيذ أوامرها، ومعلوم أن اللجنة أصدرت العديد من القرارات بالحجز على أصول وممتلكات واسترداد أموال وأراضٍ تخص نافذين بالنظام السابق، وعرضت بأخرين أخفوا أنفسهم بصورة غامضة.

يقول عضو حزب التحالف السوداني عوض نصر الدين أن تصريحات مناع تشكل قوة دفع إضافية للحكومة الانتقالية بغية الإسراع في تحريك البلاغات وتنفيذ أوامر القبض بحق المفتوحة ضدهم إجراءات جنائية، إلى جانب أنها تشكل رافعة لتحفيز وزارة المالية والجهات الحكومية الأخرى المتباطئة في تنفيذ قرارات لجنة ازالة التمكين، باعتبار أن تكوين الأمن الداخلي سيكون دافعاً لهم لتنفيذ تلك القرارات ووضع اليد على الممتلكات والأصول المستردة وتفويت الفرصة على الطامحين في التسويات وعقد الصفقات باستخدام عناصر النظام البائد في الاجهزة الأمنية والعدلية، على حد قول نصر الدين.

-الصحفي والمحلل السياسي محمد عثمان الرضي اعتبر في إفادة لـ” الإخباري” حديث صلاح مناع بأنه يؤكد فقدان البوصله للحاضنة السياسية المتمثلة في تحالف قوى الحرية والتغيير ويعبر عن عجزها التام عن إدارة الدولة، لافتاً إلى أنّ قوى الحرية والتغيير ظلت تتشبث بشماعة سيطرة النظام البائد على مفاصل الدولة في الوقت الذي فيه كل المؤسسات العدلية حاليا ًتتم ادارتها بواسطة قيادات جاءت بها الثورة على سدة الحكم، مشيراً إلى أنّ تعيين رئيس القضاء والنائب العام خير دليل على ذلك، ووصف الرضي تصريحات مناع بأنها دلالة قاطعه عن العجز والبحث عن مبررات لفشلهم معتبراً الهدف من الخطوة دغدغة مشاعر الشعب السوداني وحشد المزيد من التآييد لإعادة الروح للحكومه الحالية بعد أن إرتفعت الأصوات بتغيير كل الوزراء لعجزهم التام في إدارة البلاد، إلى جانب الموجات الانتقادية الحادة التي ظلت تتعرض لها لجنة إزالة التمكين من شركاء السلام الجدد، أو حركات الكفاح المسلح ومناداتهم المتواصلة بضرورة حلها وإستبدالها بمفوضية مكافحة الفساد، ومنحها الصفة القانونية، وأشار الرضي إلى أصوات أصبحت تتعالى من قبل بعض قادة الكفاح المسلح وعلى رأسهم جبريل إبراهيم وياسر عرمان إلى ضرورة المصالحات مع الإسلاميين الذين لم تثبت في مواجهاتهم تهم فساد. وقطعاً مثل هذه التصريحات تفتح الباب واسعاً لخلق تسويات سياسية مع بعض رموز النظام السابق ولربما ستظهر في شكل تحالفات سياسية مرتقبة، قائلاً “لا أستبعد في إطار هذه التسويات إطلاق سراح بعض المعتقلين من قيادات النظام السابق سيما في ظل عجز الحكومة الانتقالية عن تقديمهم للمحاكمة وابقائهم في المعتقلات دون تهم واضحة” لذلك يمكن القول أن تصريحات مناع هذه ربما تكون استباقا لخطوات قادمة بالافراج عن كل قيادات النظام المعتقلين دون تهم واضحة ولا قضايا في مواجهتهم يمكن أن تحركها أجهزة الحكومة الانتقالية العدلية التي فشلت فعلا في مقاضاة المعتقلين، وفقاً للرضي .

ولعل السؤال العالق إزاء جهاز الأمن الداخلي الذي ولدت فكرته ليكون موازياً ربما للأمن الشعبي، ويقوم بمهمة حماية النظام الجديد كما يتصوره مناع وأخرين داخل قوى التغيير، من أي عناصر سيتكون ذلك الجهاز؟ وهل بالفعل سيتم الدفع بكوادر سرية للتحالف الحاكم بعضها من المفصولين من جهاز الشرطة؟ إلى جانب ما أثير مؤخراً بأن جهاز الأمن الداخلي يعمل بالفعل كخلية صغيرة تحت إمرة إحدى اللجان دون أن يأخذ الصفة الرسمية بعد، لأن كثير من السيارات التي طاردت الثوار خلال المواكب السابقة، وبعضها نفذ عمليات اعتقالات حقيقة لم يعد أمراً خفياً، وقد أثار الكثير من الأسئلة، وعلى نحوٍ أكثر دقة فإن ثمة دخان، ولا دخان دون نار كما يتردد .

الإخباري: الخرطوم

تعليق واحد

  1. فعلا الثورة محتاجة لجهاز امنى يتبع رئس الوزراء ويحمى الثورة وتكون عضويته من شباب الثورة حصرا لان اجهزة النظام السابق لا زالت تدين بالولاء له وتضع العراقيل امام تحقيق العدالة وهذا امر واضح ومعلوم للكافة