تحقيقات وتقارير

الجيش الإثيوبي داخل السودان .. مساعي إشعال الحرب ..!

الأزمة مع إثيوبيا ما زالت تراوح مكانها، ففي الوقت الذي تحاول فيه إثيوبيا طمس الحقائق ودمغ الخرطوم باتهامات غير واقعية، فإن ما على الأرض يدل على أنها تحتل منطقتين منذ وقت طويل. ولأسباب تعلمها إثيوبيا تريد جرجرة الموقف في الشرق للمواجهة، رغم أنها تعلم أن الصراع ليس في صالحها فإذا كان السودان يعاني أزمة اقتصادية ووضع سياسي لم يكتمل، إلا أن واحداً من فوائد التعديات التي فرضتها إثيوبيا عليه، أن وحدت الجبهة الداخلية تجاه القضايا القومية. وفي هذا الجو القاتم تبدأ التحركات الدولية من دول الجوار للوساطة بين الدولتين، وتعلم كل الدول الإفريقية أن إشعال الحرب بين السودان وأثيوبيا سيكون وبالاً عليها.. وعطفاً على ذلك هل تنجح وساطة جوبا في نزع فتيل التوتر أم إن الأمر أكبر من ذلك؟

الأمر الجديد

يرى المحلل السياسي بروفيسور الفاتح محجوب، أن احتلال إثيوبيا لمنطقة الفشقة الكبرى والصغرى ليس بالأمر الجيد للعلاقات الثنائية، مشيراً إلى أن هذا الأمر تجدد من الجانب الإثيوبي فترات متعددة، ويقوم السودان بما يستعيد به كامل مناطقه التي يعود تاريخ استغلالها من إثيوبيا إلى عام 1988 حينما بدأ الأحباش يتواجدون في ظل انسحاب حرس الحدود. وقال إن تواجدهم كان جاء منذ ذلك الوقت بطريقة سلمية، ولكنه أكد لـ(الصيحة)، أن التصعيد لا يتناسب مع ما يجري على الأرض، وأكد أن السودان استعاد أغلب أراضيه دون قتال مع الجيش الأثيوبي، وإنما الشفتة ولذلك مثلما فقد منطقة الفشقة دون قتال يمكنه استعادتها دون قتال أيضاً.

حقيقة التوتر

وأرجع محجوب التوتر بين الخرطوم وأديس أبابا إلى ملف سد النهضة، ورأى أن مسألة الحدود يمكن معالجتها عبر التفاوض مشيراً لحديث رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بهذا الشأن، ورئيس الوزراء الأثيوبي الذي أقر بأن الأزمة يمكن حلها بالطرق الدبلوماسية، غير انه قال إن حقيقة التوتر تعود إلى موضوع سد النهضة، ورأى أن السودان قاد خطّاً مُتشدّداً في هذا الملف، رفض فيه التفاوض الدائري، وأكد أن سد النهضة يشكل خطرًا على سد الرصيرص، ولفت إلى أن مواقف السودان في السابق تتسم بعكس ذلك. وقال: الآن هنالك تبادل أدوار بأن يتشدد السودان ومصر تتفرج، وقال: عندما ينسحب الجانب السوداني يظل الجانب المصري موجودًا، وقال: التوتر في سد النهضة رغم تبريرات الجانب الأثيوبي إلا أن السودان لم يستجب، لها بالتالي التصعيد في هذا الملف انعكس على الأرض في الأحداث في شرق السودان. وقال: إثارة موضوع الفشقة في هذا الظرف وفي حال رفض الجانب الأثيوبي فتح للسودان الباب أمامه لفتح أراضي بني شنقول.

بين أمرين

وقال محجوب: الآن إثيوبيا تجد نفسها في أمرين أحلاهما مر، لأنها لا تستطيع رفض الاتفاقيات السابقة، ولأن في رفضها هنالك احتمالات مطالبة السودان بإقليم بني شنقول، وبالتالي هي لا تريد خسارته لبناء سد النهضة فيه، كما لا تريد خسارة الأمهرة الإقليم المجاور للفشقة، الذين يعتبرون القضية جوهرية، ولا يريد الدخول في مواجهة معهم. وأشار إلى أن الأمهرة لديهم جيش جزء من الجيش الفيدرالي، وهو الذي يحتل أراضي الفشقة، وبالتالي آبي لا يريد إغضاب الأمهرة ولا يريد إلغاء اتفاقية 1902 ولا يرغب في التهدئة أو التصعيد، ولكن الموقف ينذر بالتصعيد.

المحصلة النهائية

وأكد محجوب أن إثيوبيا تعلم جيداً أن مصر سوف تظهر في أي نزاع مع السودان حول النهضة، ورغم أن الوضع الاقتصادي للسودان والسياسي لا يمكنه من التصعيد، كذلك الوضع في إثيوبيا، ولذلك المحصلة النهائية من أجل التهدئة وإمكانية الوصول إلى الحد الأدنى، فإن خلاصة الأزمة في ظاهرها الفشقة، ولكن من خلف ذلك سد النهضة.

واعتبر الموضوع أكبر من وساطة جوبا لنزع فتيل الأزمة ولكنه أكد أن جوبا تعلم أن لا مصلحة في الحرب إذا اندلعت لأنها متعلقة بسد النهضة وإمكانية تقديم التنازلات من إثيوبيا في هذا، وبالتالي التوتر الحالي قصد منه الضغط للوصول إلى اتفاق بدلاً من سياسة المحاصصة.

وحدة الشعب

لا أحد يحب الحرب، ولا يعلم قيمة السلام إلا العسكريون وبالتالي محاولة أثيوبيا جر السودان للمواجهة العسكرية فيه تبعات خطيرة هو ما قاله لي أحد المراقبين العسكريين، ويرى في ردة الفعل للحكومة السودانية فيها كثير من الحذر والحكمة تجنباً لأي خطوة يمكن أن يجرها للمواجهة العسكرية. وربط المراقب العسكري التصريحات الإثيوبية ومحاولتها فرض سياسة الأمر الواقع ووضع اليد على أراضٍ سودانية دون وجه حق والادعاء بأنها أراضٍ تابعة لها. وأكد لـ(الصيحة) أن الجيش السوداني يتواجد داخل الحدود الدولية للسودان ويعلم جيدًا أن تلك الأراضي تابعة للسيادة السودانية ومن مسؤوليته الدفاع عن تلك الحدود، ورأى أن أي محاولة للاعتداء فإن الجيش لن يسكت. وامتدح وحدة الجبهة الداخلية تجاه القوات المسلحة، وقال: الآن كل الجبهة الداخلية موحدة تجاه استعادة المنطقة وخلف القوات المسلحة.

وحول الوساطة الجنوبية لنزع فتيل الأزمة والمواجهة بين الدولتين فقد قلل منها وعزا ذلك إلى التعنت الكبير الذي يتصف بها الأثيوبيون، وقال: هؤلاء لديهم تعنت غريب حتى مع الاتحاد الأوروبي، وبالتالي لا أعتقد أن ينجح الوسيط في مسعاه لنزع فتيل الأزمة، ورغم ذلك قال إن إثيوبيا تعلم أن الأمر إذا ذهب تجاه الحوار أفضل لها من التصعيد، مبيناً أن الدعم الكبير الذي يجده الجيش من قطاعات الشعب سيكون أكبر دافع لاستعادة تلك المناطق، في مقابل أن الجبهة الإثيوبية تواجه بعض التحديات الأمنية وأنها موحدة تجاه الحكومة غير إنه قال: الحرب بين الدولتين أمر خطير جدًا، مبيناً أن من حق القوات المسلحة الدفاع عن نفسها.

الميثاق الأفريقي

وأشار الوالي السابق للنيل الأزرق المجاور لأثيوبيا عبد الرحمن أبومدين إلى تبني الدول الإفريقية لميثاق المنظمة الذي يدعو الدول الإفريقية إلى حل مشاكلها عبر الحوار، وقال لـ(الصيحة): الأمر الآخر دول الجوار تتأثر مع بعض وما يجري بين السودان وأثيوبيا سوف تتأثر بها دولة جنوب السودان وإرتيريا بالتالي الاتجاه العام للدول الإفريقية نحو الاستقرار واستغلال موارد الدول في التنمية.

ولفت أبو مدين إلى المبدأ الثاني بأن دولة جنوب السودان لها تجارب في السلام تختلف عن الآخرين وهي مبادئ جميلة استطاعت جمع أطراف النزاع في السودان والوصول إلى سلام، الأمر الأخير يتوقف على الطرفين إثيوبيا والسودان بمقدورهما دون تدخل الآخرين أو أي طرف دولي أو أجنبي الوصول إلى حلول.

علاقات أزلية

ونوه أبومدين للعلاقات الأزلية التي تربط بين الدولتين ووجود الحدود التي تربط بين الدولتين، لمسنا عندما كنا ولاة من خلال اللجان الأمنية المشتركة أن كل العوامل تصب في اتجاه إمكانية معالجة الأزمة بالحوار والتعايش، وأوضح أن سلفاكير وجد قشة يتعلق بها الناس لقيادة الوساطة، وقال: أتوقع إذا خلصت النوايا يمكنه معالجة المشكلة، وأبان أن رؤية الحل تستند لدى الطرفين بما يقدمونه من مستندات للوساطة، مبيناً أن السودان يمتلك مستندات لاتفاقيات عام 92 .. 1972 وحتى عام 2008 وبالتالي الوسيط ينظر فيها ثم يحكم في أحقية السودان في تلك الأرض، ولذلك الفيصل في هذه المستندات والاتفاقيات، ونوه لوجود خطوط حمراء في الاتفاقيات رسمت على الأرض منها إيجار الأرض أو المزارعون الإثيوبيون ولكن المهم فوق كل ذلك النوايا الحسنة التي يبديها الطرفان تجاه المسألة.

تقرير: صلاح مختار
صحيفة الصيحة

تعليق واحد

  1. في هذا الصرف و في هذه الأوقات نحن ك سودانين مع جيشنا القومي و كل ما نملك من أشياء علي راسها المهج و الارواح نضعها تحت إمرة قواتنا المسلحة الشجاعة، شعب و جيش في سبيل الوطن السودان.
    الله اكبر و نحن فداك يا وطن و العزة للسودان.