تحقيقات وتقارير

مدني .. وزير جاء وغادر بالجدل

يعتبر وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني من أكثر الوزراء إثارة للجدل، فقد صاحب الجدل تعيينه وبقائه بالمنصب بعد التعديل الوزاري، وكذلك مؤخراً عقب إقصائه من التشكيل الجديد، حيث سحبت القوى المدنية ترشيحاتها التي تقدمت بها للجنة المجلس المركزي، وأيضاً سحبت مناديبها من اجتماع للمجلس المركزي لتحالف الحرية والتغيير، الذي اعتمد ترشيحات الحكومة الانتقالية الجديدة.

مدني عباس مدني، من الوجوه البارزة التي قادت التغيير بثورة ديسمبر، درس الاقتصاد بجامعة الخرطوم، متخرجاً فيها عام 1991م، قبل أن يعود إليها مرة أخرى لينال منها درجة الماجستير في علم الاجتماع والانثروبولوجي، كان ناشطاً سياسياً في الجامعة في حركة الطلاب “المحايدين”، وبعد التخرج كان ناشطاً بحركة “التغيير الآن” التي عارضت نظام الرئيس المخلوع، وفي وقت لاحق كان مدني من المؤسسين للكيان المناهض للنظام البائد، وانضم مدني لـ(قوى الحرية والتغيير) عبر كتلة (قوى المجتمع المدني)، فهو ناشط في مجال المنظمات، ومع أنه لم ينتم إلى أي حزب سياسي، إلا أنه كان أبرز قادة قوى الحرية والتغيير..

مخالفات بنداء السودان مع اقتراب تشكيل الحكومة الانتقالية وبعد أن طرحت قوى التغيير اسم مدني عباس مرشحاً في منصب وزير مجلس الوزراء ضمن حكومة حمدوك قبل أن يتم الدفع به بالتجارة والصناعة، واجه مدني اتهامات بضلوعه في فساد بمنظمة نداء السودان التي يرأسها، ووفقاً لمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي فإن المنظمة ارتكبت مخالفات مالية من أموال تبرعت بها وكالة المعونة الأمريكية بتنفيذ مشاريع وهمية في منطقة ليبا بشرق دارفور بقيمة 80ألف دولار. ونفى مدني بشدة «تبديد أموال المانحين» مشيراً إلى أن المنظمة شاركت في تنظيم ورش للجان المقاومة أثناء الحراك الثوري.

وشدد مدني على أن المنظمة تعتزم اللجوء إلى القضاء لتبرئة ساحتها ومحاسبة المتورطين في نشر معلومات كاذبة وضارة، قاطعاً بان الاتهامات اتت لأغراض سياسية.

تعيين يثير الاحتجاجات وقوبل تعيين مدني وزيراً للتجارة والصناعة بموجة غضب بالشارع وحملة انتقاد واسعة ضده، لجهة أن ترشيحه مخالف لتعهدات تجمع المهنيين، وقوى الحرية والتغيير، بعدم مشاركة رموزها في الحكومة، ورد مدني على ذلك بقوله إن تجمع المهنيين التزم بموقفه في عدم المشاركة في الحكومة، وإن عدم المشاركة تخص تجمع المهنيين وغير ملزمة لبقية القوى داخل الحرية والتغيير، مشدداً على أنه من تجمع “القوى المدنية” التي لم تعلن عدم مشاركته في الجهاز التنفيذي.

قاصمة ظهر مدني لم يقتصر الاتهام لوزارة مدني بعدم مبارحة الأزمات التي تركها النظام السابق بل تم اتهامها بأنها زادت الوضع سوءاً، وبرر مدني ذلك بقوله (أن النظام السابق لديه مؤسسات تقوم بدور الوزارة وهي مؤسسات (ظل) وكانت الوزارة مجردة من أدوارها وتركت للرقابة فقط)، وتعتبر أزمة (الخبز) القاصمة لظهر مدني بسبب وعوده الكثيرة بحلها، وخروجه بعد ذلك معتذراً، وقد صرح مدني إزاء الأزمة بقوله (كنا نظن أن مشاكل ملف الدقيق لوجستية مثل التنظيم والترحيل والتنسيق وأنها ستحل في فترة وجيزة، ولكننا بالتعمق في المشكلة اكتشفنا أن المشكلة أكبر من خلال وجود مجموعات مصالح موجودة منذ عشرات السنوات ومستفيدة من الدقيق ويعود لهم بأرباح في ظل دعم الدقيق).

استثناء بغرض الاستكمال خرج الشارع يوم 30 يونيو الماضي مطالباً بتصحيح مسار الثورة وبإقالة مدني بسبب استفحال أزمة الخبز، واستجابة لرغبة الشارع عقد رئيس الوزراء اجتماعاً طارئاً لتقييم أداء الحكومة، قام بعده بإجراء تعديلات وزارية، حيث قبل حمدوك استقالة 7 وزراء أبرزهم المالية والصحة والخارجية والطاقة والتعدين والبنية التحتية والنقل، مستثنياً وزير الصناعة والتجارة، مدني من الإبعاد من الوزارة، وقد عزا حمدوك بقاء مدني لجهة أن الأخير يعمل للتأسيس للوزارة من جديد وبرؤية استراتيجية، وبالتالي يصعب الحكم على أدائها في الوقت الراهن.

بسبب الوقوف بالصفوف وتعرض مدني لهجوم لاذع ومتكرر بوسائل الإعلام المختلفة وبمنصات التواصل الاجتماعي، إلا أن الهجوم الأبرز كان من الأستاذ الجامعي المتقاعد الفاضل عباس بقاعة الصداقة إبان انعقاد المؤتمر الاقتصادي، بقوله إن عمره زاد 10 سنوات بسبب وقوفه في صفوف الخبز وأن مدني هو سبب الكارثة التي نعيشها، مستنكراً على رئيس الوزراء إبقاء مدني بمنصب وزير الصناعة والتجارة رغم صفوف الخبز.

حلول يعول عليها حلول مدني الاقتصادية الخرطوم:هبة علي للقضاء على الوسطاء والسماسرة والذين يغالون في الأسعار، ولتحفيز الإسراع في تكوين الجمعيات التعاونية، فكان برنامج سلعتي والجمعيات التعاونية لأن الوزارة والحكومة الانتقالية تعولان على استعادة الحركة التعاونية لدورها في الاقتصاد السوداني، إلا أن الحديث عن فشل هذه الحلول لازم مدني الذي دافع عنها وأوضح نجاحها بنسب قاموا بقياسها.. ويظل مدني عباس مدني أبرز الوزراء الذين تم حسم ملفهم بمغادرة الوزارة..

تقرير: هبة علي
صحيفة السوداني