تحقيقات وتقارير

التمكين والنيابة .. تفاصيل معركة مستمرة


تتسارع وتتصاعد وتيرة الهجوم عبر التراشق بالبيانات والتصريحات والتغريدات الساخنة بين لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد والنيابة العامة، بل وصعد الامر رأساً ليطال مجلس السيادة وتوسع افقاً للجان المقاومة وتجمع المهنيين وحزب الأمة ليقولوا كلمتهم ازاء ماترتب عليه التصعيد، فبات مايحدث أشبه بساحة معركة..

ضربة البداية
بيان للجنة إزالة التمكين في (21 من يناير) الماضي كان بمثابة شرارة الاشتعال، فقد اتهمت اللجنة فيه النائب العام مولانا تاج السر الحبر، بعدم الوفاء بإنشاء نيابة خاصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإنفاذ القانون، وفقاً لقانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م وإزالة التمكين تعديل لسنة 2020م.
وقالت اللجنة أنها ظلت تعاني من مشكلات كانت عائقاً على طريق إنفاذ القانون بإزالة التمكين وعلى رأسها النيابة العامة، مشددة أن على الأخيرة أن تكون الذراع الأيمن لتنفيذ قانون التفكيك، وأن هذا ما لا يحدث في العاصمة أو الولايات.

وأضافت: “لقد ظللنا نحمل عبء مواجهة النظام البائد شبه مجردين من النيابة، ولأكثر من عام لم يفِ فخامة النائب العام بهذا الاستحقاق القانوني، مما أعاق عمل اللجنة في تنفيذ متطلبات وإجراءات المحاسبة وقد ظهر ذلك في اَلرِّدَّة الملاحظة وتعالِت الأصوات في أوساط منسوبي النظام البائد وأذياله، بجانب تراخي الشرطة في القيام بدورها في تنفيذ القانون والعراقيل التي توضع في طريق اللجنة وتنفيذ مقرراتها”.

رد الفعل
بعد بضعة أيام ردت النيابة العامة على لجنة التمكين (ببيان) اكدت من خلاله التزامها بواجباتها المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية والقانون، وأنها على أتم الاستعداد لتقديم كل الدعم القانوني لأجهزة الدولة، متهمة لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال بوضع العديد من الملفات ذات الأولوية التي قدمتها النيابة في أضابيرها.

وقالت النيابة العامة أنها تنظر إلى لجنة التفكيك من منظور قانوني دستوري، وفق ما نص عليه في الوثيقة الدستورية وقانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو المعدل 2020م، ، مؤكدة أن النائب العام كلف عدداً من وكلاء النيابات بالمركز والولايات لمساندة لجنة التفكيك في تنفيذ الإجراءات القانونية.
وتابع البيان: اختارت لجنة التفكيك أن توجه لنا القصور عبر الأسافير ضاربة بذلك كل ضوابط العمل المؤسسي في الدولة، وهنا يحق لنا أن نسأل لجنة التفكيك عن مصير كثير من الملفات التي قدمتها لها النيابة العامة ولم تصدر بشأنها قرارات، بل ظلت قرابة العام بأضابيرها ولم نسمع عن قرارات استردادها في مؤتمراتهم الصحفية، مع العلم أنها أولى بكثير من القرارات التي تم الإعلان عنها، وعلى سبيل المثال لا الحصر: استرداد الفلل الرئاسية، وعقارات وقفية، واسترداد أسهم حكومة السودان في فندق كورال (الهيلتون سابقاً) وغيرها.

اتهامات أعمق
الفعل ورد الفعل لم يقف عند حدود المهام والمسؤوليات بين اللجنة والنيابة، وتصدر مقرر اللجنة صلاح مناع المشهد بتصريحاته لـ( السوداني) شاناً هجوماً لاذعاً على النيابة العام، طالباً من النائب العام تاج السر الحبر تقديم استقالته، لرفضه إنشاء نيابة خاصة بإزالة التمكين، ورفضه ضم القيادي بالنظام السابق علي عثمان لبلاغ شهداء ديسمبر. كاشفا الافراج عن قيادات المؤتمر الوطني المحلول، دون تقديمهم لمحاكمة، متوعداً بملاحقة قيادات الحزب المحلول في كل الولايات، وأضاف :”مازال المؤتمر الوطني يملك أموالا ويصرف مرتبات على عضويته بالولايات لتأجيج نيران الفتنة”.

ما وراء الهجوم
أثار تصريح مناع حفيظة النيابة العامة واعتبرته خروجاً عن التعامل والاحترام بين مؤسسات الدولة، لافتةً إلى احترامها للجنة التفكيك كمؤسسة منشأة بموجب قانون. وقطع مدير الإعلام بالنيابة العامة بأنهم لا يلجأون لتشخيص الخلاف في الرأي، مشيراً إلى علمهم بأجندة ماوراء هجوم مناع على النيابة والنائب العام.

أوضح الإعلام أن ما أشار إليه مناع حول رفض النائب العام ضم علي عثمان كمتهم في بلاغات الشهداء أمر لا يسنده دليل، لجهة أن التحريات تحكمها البيِّنات، منوهاً إلى أن هنالك ملفا منفصلا يتم التحري فيه بكل تفاصيله، فضلاً عن 7 بلاغات من نفس المنظور، وتابع: لكن لا يتوقع مناع أن تُقِدم له النيابة تقريراً عن عملها في ملفات الشهداء لتجهض قبل أن ترى النور، مؤكداً أن أسر الشهداء في متابعة تامة لقضايا الشهداء، وانه تم تشكيل نيابة خاصة لقضاياهم، كما ان الأسر تعينهم في التحريات.

ورفض بيان الإعلام طلب مناع تشكيل نيابة التفكيك تحت سيطرته، مشدداً أن مناع يتدخل في مسائل فنيه لا علم له بها، ويمارس سلطات النائب العام.
وأضاف: أما عن استقالة النائب العام فليعلم مناع أن النائب العام لا يسعى ولا يتمسك بمنصب، وقدم تضحيات كبيرة بالقبول، فهو ليس الجهة التي تخضع النائب العام للمساءلة.

هجوم مناع لم يتوقف، وصوب انتقادات واسعة في ندوة عبر تطبيق زوم (مطلع الشهر الجاري) متهما رئيس مجلس السيادة ونائبه حميدتي بالاعتراض على التحقيق مع حرم الرئيس السابق وداد بابكر، وأضاف مناع أن قضية وداد ” زلزلت أركان الدولة ” حيث تم توقيف ضابط شرطة بتهمة تصوير حرم البشير أثناء التحقيق معها. موضحا ان النائب العام ابلغهم بصدور قرار من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان باطلاق سراح اوكتاي اروجان، مستنكرا إطلاق سراح إبراهيم محمود، واصفا ذلك بـ مدعاة لاثارة القبائل ضد لجنة إزالة التمكين.

اجراءات قانونية
وغرد مناع الخميس الماضي على (تويتر) :’’وردتني معلومات مؤكدة بأن النائب العام اصدر توجيهاته بفتح بلاغ في مواجهتي. سأتوجه للنيابة للمثول امامها ولو تحلي النائب العام في ادائه بذات همته في هذا البلاغ لما اشتكينا من تأخر العدالة‘‘.
في المقابل كشف الفريق ركن ياسر العطا، رئيس لجنة إزالة التمكين عن استقالته، معدداً الأسباب ومدرجاً التهاتر المستمر بين اللجنة وبقية أجهزة ومؤسسات الدولة وفي وسائل الإعلام كسبب من ضمنها.

وقال العطا لـ(السوداني) هناك انتقاد مستمر من كافة مستويات الحكم ومعظم مكونات الحاضنة السياسية؛ لقانون ونهج عمل اللجنة، فضلاً عن عدم مباشرة لجنة الاستئنافات لعملها، ما عطّل عملنا وأعاق دورة العدالة.
الشارع لم يكن بعيدا عن المعركة، فاعلنت لجان المقاومة دعمها للجنة التفكيك، محذرةً بالتصعيد حال تم حلها، في وقت تمت فيه مهاجمة منزل وجدي صالح بواسطة ملثمين على متن ثلاث عربات بوكس ماركة تايوتا دون لوحات.

حزب الأمة القومي دافع عن مساعد رئيس الحزب صلاح مناع وقال في تصريح صحفي، الجمعة الماضية إن اجتماعا لمؤسسة الرئاسة استمع لإفادات مهمة من صلاح مناع مساعد رئيس الحزب، حول الشائعات وحملات التشهير التي يتعرض لها.
وشدد على رفضه أي ممارسات تتسم بالغوغائية أو تتغول على هيبة ومؤسسات الدولة ودعا أجهزة الدولة ومكتب النائب العام على وجه الخصوص لاتخاذ الإجراءات القانونية التي تحقق العدالة وتحفظ حقوق وكرامة الجميع بلا فرز.

الخرطوم: هبة علي
صحيفة السوداني


تعليق واحد

  1. الاموال المستردة بواسطة لجنة ازالة التمكين أكبر خدعة للشعب السودانى.. يعنى ماسوووورة.