الانقلاب السياسي .. تفاصيل مؤشرات ومخاوف
برغم تشكيل الحكومة الجديدة بعد انتقاد رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان لما أسماه تلكؤ قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية في تقديم ترشيحاتها للحكومة الجديدة وتهديده بتكوين حكومة طوارئ ، إلا أن المخاوف من الانقلاب السياسي لم تبارح مكانها بعد إعلان حالة الطوارئ في عدد من الولايات، وأيضاً جاء اتهام قيادي بالتغيير صاباً في ذات اتجاه إمكانية حدوث انقلاب سياسي..
ماذا قال عضو مجلس الشركاء؟
عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير جمال إدريس الكنين، اتهم جهات داخل مؤسسات الفترة الانتقالية بالسعي للقيام بانقلاب غير تقليدي (سياسي).
وأكد الكنين من خلال تصريحه لمنبر صحفي، وجود دعم كامل من أطراف داخل مؤسسات الفترة الانتقالية للمخطط ويتم تمويله من قبل فلول النظام البائد، وتابع: الآن يجري مخطط من قبل الفلول وبتمويل منهم عبر حشد بعض رجالات الإدارة الأهلية والطرق الصوفية وصناعة بعض التنظيمات الشبابية للقيام بانقلاب، واصفا ما يجري من احتجاجات ببعض الولايات بتهيئة الأوضاع لقيام ذلك الانقلاب.
وأبدى الكنين تحفظه على الطريقة التي يتم بها اختيار الوزراء الجدد مؤكداً أنها ستزيد الخلاف بين مكونات قوى الحرية والتغيير.
انقلاب جنرالات
سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب قال إن تدهور معاش الشعب والخدمات العامة نتج عنه انقلاب رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان والجنرالات في القوات النظامية وقوات الدعم السريع، وقطع الطريق على الثورة في المضي في تصفية مراكز الرأسماية الطفيلية وتفكيك هيمنتها على مفاتيح الاقتصاد والتجارة داخلية وخارجية والفساد في الاسواق وتهريب الموارد والذهب وتجنيب والحفاظ على عائداتها في الخارج.
وأشار الخطيب في حديثه لـ(السوداني) إلى قول رئيس الوزراء د.عبد الله حمدوك مرة وسكت بعدها أن الدولة تتعامل فقط ب١٢% من العائدات وما زالت موازنة ٢٠٢١ تعتمد الصرف في مناشط وقطاعات غير إنتاجية وتعتمد علي الضرائب غير المباشرة لترفع الأسعار في الأسواق بدورها ، وأيضا تعتمد على مدخلات الانتاج الزراعي والصناعي ورفع تكلفة النقل والمواصلات، مشددا على ان هذا يعني استفحال معاناة المواطنين بشكل غير مسبوق والمزيد من افقار الشعب للصرف على قطاعي السيادة والامن دون انعكاس ذلك على استتباب الامن في ربوع السودان بما في ذلك العاصمة القومية.
وقطع الخطيب بأن البرهان يعمل على التفريط واستغلال الفوضى والانفلات الامني الذى يحرض عليه الفلول للتهديد بإعلان حكومة طوارئ ، لافتا الى ان الشعب يعلم ان الحل ليس فى تغيير حكومة راسمالية طفيلية بأخرى طفيلية بل ان الحل في ذهاب واسقاط البرهان وبقية لجنته الامنية وحلفائه من المدنيين الذين تماهوا واشركوهم فى حكومة الفترة الانتقالية لاجهاض الثورة والاتيان بحكومة ثورة تحقق ما “صبا” له الثوار وقدموا ارواحهم فداء لسودان ينعم بالحرية والعدالة والسلام.
جهة معلومة
القيادي بالحرية والتغيير عادل خلف الله اشار الى ان هنالك جهة معلومة الغرض درجت على بث الشائعات بهدف تضليل الراي العام عن مخططها لزعزعة ثقة الشعب في السلطة الانتقالية ومحاولة لبذر الشكوك بين مكونات واوساط الحكم الانتقالي.
ولفت خلف الله بحديثه لـ(السوداني) الى ان خطط تلك الجهات المعلنة والتي عبرت عنها بوسائل متعددة لافشال الفترة الانتقالية تاتي لوضع العقبات امام مهام الانتقالية.
وقال خلف الله ان قوى الحرية والتغيير ارتبطت بالنضال السلمي ووسائله والديمقراطية والتعددية كطريق لانجاز مهام الانتقالية وتحقيق التطلعات الشعبية.
وقطع خلف الله بان اعلان حالة الطوارئ ببعض الولايات اتى بموجب الاوضاع الامنية والاقتصادية وايضا جاء في سياق طبيعي كاجراء مؤقت، منوها الى ان ربط الترويج لانقلاب بعلان الطوارئ يصدر من ذات الجهات التي تسعى لزعزعة الاستقرار من خلال ضلوعها ايضا في الانتهاكات الجنائية التي ارتكبت في العديد من الولايات بترويع المواطنين ونهب ممتلكاتهم ومحالهم التجارية واضرام النيران بالاسواق الهدف من الطوارئ لقطع الطريق امام تلك الجهات وتحقيق الامن والسلم الاجتماعي.
صراعات قاعدية
المحلل السياسي د. الحاج حمد قال انه لا يعتقد ان هنالك مؤشرات لحدوث انقلاب بيد انه عندما تكون هنالك حالة من الصراع السياسي يتفاوت من منطقة لاخرى بتاثير القوى المسيطرة مابين قوى الثورة المضادة وقوى الثورة ، مشيرا الى ان الصراع يأخذ اشكالا عديدة من ضمنها الانفلات الامني.
واوضح حمد من خلال حديثه لـ(السوداني) ان ما حدث من انفلات امني حدث بولايات يكاد الامن بها ان يكون معدوما بسبب الانقسام داخل القوات النظامية في ذات نفسها لجهة ان تكوينها قبلي ومتخلف، مشددا على أن فلول البشير التي كرست للوجود والصراع القبلي تستغل هذا التخلف مما سبب انهيارا وانفلاتا امنيا.
واستبعد حمد ان يؤدي الانفلات الامني الى انقلاب لجهة ان الصراعات بقاعدة المجتمع والانقلابات عملية اتحادية للمؤسسة العسكرية.
واضاف: اتضح ان العسكريين الموجودين بالسلطة الانتقالية معزولون عن واقعهم الامني من خلال عدم الضبط لقواتهم التى ترتبط بصراعات قبلية.
وتابع: عندما تاتي سلطة بحالة من الهشاشة لاحداث تغيير سلمي مجتمعي كان لابد من استغلاله في اوج الثورة لم يتم الانتباه لتلك الاولويات فاتت حكومة لم تستطع الوقوف في وجه العسكريين الذين حققوا مكاسب من خلال تفرغهم للتجارة والاتيان بمليشيا لتحارب انابة عنهم وهذا من الفوضى التي خلفها المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية.
واردف: الحزب الشيوعي اصدر بيانا بان المعتقلين لا يتبعون لحزبهم ، لافتا الى ان تشكيل حكومة الطوارئ لن يتم بسبب ان المكون العسكري فاشل بمهمته والمدنيين لديهم خبرة نضالية لايستطيعون بواسطتها تشكيل حكومة التي تحتاج للوعي السياسي الكلي وليس الحزبي.
إعلان الطوارئ
الخبير الامني والاستراتيجي حنفي عبد الله اكد ان اعلان حالة الطوارئ في بعض ولايات السودان لن يعمم لتكوين حكومة طوارئ على إثره، مشيرا الى ان حديث البعض عن مؤشرات لتشكيل حكومة الطوارئ من قبل المجلس العسكري نوع من التصعيد السياسي.
واوضح حنفي من خلال حديثه لـ(السوداني) ان هنالك جهات تستغل التذمر من الواقع الاقتصادي باحداث تفلتات امنية بغرض التشويش على الفترة الانتقالية.
وقال حنفي يجب معالجة الامور بالحكمة ودعم الانتاج واستغلال وضع السوداني الدولي الجيد بعد خروجه من قائمة الدول الراعية للارهاب واتصاله بمنظومة مصرفية عالمية، منوها الى ان تكوين الحكومة سيساهم ايجابيا بذلك.
واشار حنفي الى ان التصريحات التي تصدر من عسكريي المجلس السيادي بخصوص تكوين حكومة طوارئ او حديث الكباشي عن ان هذه آخر فرصة للحكومة، تقال لاوضاع معينة لتوظيفها في غير ماقليت وبقصد آخر.
تغيير الحاضنة
الكاتب الصحفي عثمان ميرغني قال ان اتهام جهات داخل مؤسسات الفترة الانتقالية بتدبير انقلاب سياسي، يقصد به ان هنالك نوعا من التحالف السياسي الجديد الذي نشأ خلال الفترة الماضية بديلا للحرية والتغيير ليكون حاضنة سياسية ، لافتا الى ان التحالف سيكون من احزاب ذات صبغة غير يسارية اضافة الى اطراف عملية سلام جوبا اضافة للمكون العسكري في مجلس السيادة.
وقطع ميرغني بحديثه لـ(السوداني) بان الحرية والتغيير تعرضت للكثير من التكسير الداخلي بخروج حزب الامة والشيوعي واصبحت ضعيفة واقل فاعلية مما كانت عليه ابان اسقاط النظام السابق فباتت هنالك حاجة للبحث عن حاضنة سياسية جديدة.
وتابع: الانقلاب عبارة عن حاضنة سياسية جديدة للحكومة الانتقالية خلال الفترة القادمة.
أصل المخاوف
التشاكس الحالي بين اعضاء لجنة ازالة التمكين واعضاء مجلس السيادة فضلا عن التصعيد في مواجهة النائب العام اثار مخاوف عدة من محاولة توريط لجنة ازالة التمكين عبر استثمار اجواء اعتقالات فلول النظام البائد ورموزه .
انحراف السلطات لاعتقال اعضاء لجان المقاومة باعتبارهم الحارس الحقيقي للثورة في مواجهة محاولات التغول ومصادرة قيم الثورة بدعوى انهم فلول ، ويستند انصار هذه الرؤية على حالة السيولة الامنية التي اشتكت منها العديد ملسوداني ن الجهات متهمة السلطات بالتباطؤ في التصدي لها،بينما يربط البعض اعلان حالة الطوارئ في العديد من الولايات بسبب الانفلاتات الامنية وبين تصريحات عضوي مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان والكباشي، حيث استبق الاول التشكيل بالتلويح باعلان حكومة طوارئ فيما تحدث الثاني عن فرصة اخيرة للحكومة الحالية لانقاذ البلاد وهو الامر الذي اعتبره الشارع مؤشرا للانقلاب السياسي من قبل العسكر على الحكومة المدنية، الامر الذي يعزز المخاوف من استثمار مناخ التفلتات باعلان حالة الطوارئ بالبلاد عامة وتعليق العمل بالوثيقة الدستورية والانفراد بحكم البلاد.
الخرطوم: هبة علي
صحيفة السوداني
البكاء ما بجيب الراح يا قحاتة ..سوف تصرخون وبشدة يا قحاتة في الايام المقبلة