ضياء الدين بلال

الانقلاب….!


-١-
بمقاييس مختلفة، يمكن القولُ إن النسخة الثانية من حكومة الفترة الانتقالية تبدو أفضلَ من الأولى.
الحكومة الأولى كان الزعم السائد: إنها حكومةُ كفاءات، جاءت من المهاجر لإخراج الوطن من جُبِّ الأزمات.
جاءت لتغسل ثيابه، مما علق بها من طينٍ وأوساخ ولتضعه في المكان اللائق بين الأمم.
لكن ما حدث كان نقيضَ الأماني وعكس التوقعات وسرعان ما (انكسر المرق واتشتت الرصاص).
في أقل من أسبوع اكتشف الشعبُ حقيقةَ بؤسها وافتقارها لأدنى متطلبات المرحلة.

كانت أقصرَ قامةً من التحديات وأوضح عجزاً في التعامل مع جميع الملفات، والأطول لساناً في الادعاءات والمزاعم.

-٢-
فشلُ الحكومة السابقة لا يحتاجُ لدليل أبلغ مما تقوله الأرقام وتقره الوقائع وتؤكده الاعترافات: (فشلنااااا)..!
رئيس الحكومة دكتور عبد الله حمدوك قال في إحدى مرافعاته الدفاعية: لم نفشلْ ولكننا لم ننجح.ْ..!

تلفت سامعوه يمنةً ويسرى فاغري الأفواه، وأطل من عيونهم سؤال: ماذا يعني الفشلُ غير العجزِ عن بلوغ النجاح؟!!!

-٣-

بعض الأمل والتفاؤل في أن تحققُ الحكومة الجديدة نجاحاً نسبياً، مصدر ذلك اتساعُ طيفها المشارك.

مضافا إلى ذلك: قناعة الجميع أنها الفرصة الأخيرة للعبور بالفترة الأخيرة لبر الأمان، وما دون ذلك الفوضى والانهيار التام.

لاحظوا وراقبوا وافتحوا عدسة الكاميرا على أقصى مدى الرؤية، ستجدون أن انهيار الفترات الانتقالية لن يخلف سوى العنف والفوضى والقتال.
-٤-
للأسف الذين يدعون لإسقاط حكومة الفترة الانتقالية، من إسلاميين وشيوعيين، ليس فقط لا يملكون البديل لها، بل لا يستطيعون تقديم تصور عام لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع.

قلناها أكثر من مرة: انهيار الفترة الانتقالية يعني عملياً سقوط سقف الوطن على رؤوس الجميع، حاكمين ومعارضين ومحايدين.
-٥-
حقائق التاريخ ومعطيات الجغرافيا السياسية تؤكدان استحالة العودة مرة أخرى للسيناريوهات الانقلابية.

نجاح أي مشروع انقلابي يحتاجُ لوجود بندقية واحدة، تستطيع فرضَ إرادتها على الجميع.
عدد البنادق السياسية المتعددة في الخرطوم اليوم، يجعل من خيار ِالانقلاب الناجح أمراً مستحيلاً عصي التحقق.
لا توجد قوى سياسيةٌ أو عسكريةٌ بإمكانها فرضُ إرادتها على الآخرين.
الصورة الأوضح:
مراكزُ القوى متعددةٌ ومتقاربةٌ من حيث عوامل القوة والضعف.
لا يوجد واحدٌ صحيحٌ في المعادلة السودانية بمقدور بندقيته أن تعلو على بنادق الآخرين.

-٦-
صحيح تعدد البنادق أمرُِ في حد ذاته خطير، ينذر بكثير من الشرور، ولكنه في المقابل يوفر حالة وعي نافية لرغبة الاستبداد بالسلطة أو الانفراد بها.

وجود البندقية في معادلات السياسة السودانية أمر واقع يصعب تجاوزه بين يوم وليلة بالتجاهل أو الإنكار.
الأمر يحتاج إلى وقت يسمح بترسيخ القناعة بأن الحقوق في السودان لا تؤخذ بالبنادق ولا تحمى بها.
-٧-
طالبنا حكومة حمدوك من أول يوم ألا تنفق وقتها وتهدر طاقتها في ملفات عديدة، لو أنها رسخت لسيادة حكم القانون لكفاها.
قالها مارتن لوثر كنج:
(الظلم في مكان ما يمثل تهديداً للعدل في كل مكان).

الفكرة بسيطة ومباشرة:
إذا لم تكن الحكومة حريصة على سيادة حكم القانون على الجميع، دون فرز وتمييز، ابتداءً من مؤسستها وكبارها، فلن تستطيع أن تلزم الأفراد بذلك.
-٨-
كل مؤسسات الدولة، هي الأوْلى بتقديم القدوة في احترام القانون، والامتثال لأحكامه وتطبيقه بنزاهة وتجرد، دون تعسف لمعاداة أو تساهل لمحاباة.
إذا اختارت مؤسسات الدولة طريق الاستهانة بالقوانين والتعالي عليها أو تطبيقها بانتقائية (مسيسة) وانتقامية (مشخصنة).
وإذا تراخت الجهات العدلية في فرض هيبة أحكامها على المؤسسات وعلى الكبار قبل الصغار؛ فعلى الوطن السلام وللبندقية الدوام.
(تلك قاعدة هلاك الأمم ما قبل المرأة المخزومية وإلى اليوم).

ضياء الدين بلال – صحيفة السوداني


تعليق واحد

  1. أيوا أحسن تهدي اللعب شوية .. لأنو عمر البشير ما حيرجع مهما حصل .