زاهر بخيت الفكي

زاهر بخيت الفكي يكتب : لن يُلبوا دعوتِك يا ريس..!!

لم ننسى بعد تلك الدعوة التي تلقيناها من مُعتمد الخُرطوم أيام الإنقاذ لحضور افتتاح السوق الأفرنجي للعمل ليلاً والعودة به لتلك الأيام الزاهية ذات الليالي الساهرة والأنوار الباهرة ، وقد اجتهد من جاءوا بتلك الفكرة العبقرية المجنونة في تكثيف الاعلان وملء شارع الجمهورية والشوارع المُجاورة باللافتات والبوسترات ، بالإضافة لاستضافة أصحاب الفكرة في الوسائط المُتاحة وقتها للحديث عن فكرتهم وجدواها ، ماتت الفكرة في مهدها لقناعة الجميع بأنّها ميتة أصلاً إذ لم تُوصد أبواب هذا السوق ليلاً بقرارٍ سياسي حتى يتم افتتاحه مرة أخرى بقرار ، ولكن الأخطاء السياسية المُتراكمة دفعت التجار للعودة باكراً لمنازلهم ، فضلاً عن الوضع الاقتصادي الذي حرم المواطن من الاستمتاع بالتسوّق في الأفرنجي أو غيره من الأسواق إلّا للضرورة.
دعوة أخرى تشبه تلك تلقّاها المواطن السوداني هذه المرة من السيد رئيس الوزراء حمدوك يُناشِد فيها المواطن للعودة للريف الذي ما عاد فيه شيئاً يُغري أهله للعودة إليه ، لم ولن نُسئ الظن بحمدوك والرجُل رُبما أطلق دعوته هذه نتيجة للأزمات وصعوبة الحياة في مُدنٍ ضاقت بأهلها وقد جاءها (قسراً) من يبحثون فيها عن سُبل عيش ضاقت عليهم في أريافهم الرحيبة ، رُبما أحسّ حمدوك بضيق المواطن وشدة مُعاناته في مُدنٍ تمدّدت أطرافها وتدنت خدماتها بفعل الهجرة المُسببة بعواملٍ كثيرة لا أظُن أنّها غائبة على حمدوك.
شُكراً حمدوك على هذا الإحساس النبيل وهذه الدعوة التي جاءت في زمانٍ تصعُب فيه تلبيتها.
الشديد القوي يا حمدوك جاء بأهلنا للمُدن (الضيقة) وقد تركوا وراءهم ديارهم الواسعة التي ضيّقها عليهم الفقر وحاصرتهم فيها الفاقة من قلة الموارد وشُحّت عندهم الخدمات ، واعلم بأنّ المدينة لم تكُن أمنية في يومٍ من الأيام لمن تذوّقوا طعم الاستقرار ومن استمتعوا بهدوء حياة الريف وأمنها ولذة العيش فيها قبل أن يطالها الخراب ، وقبل أن تقضي نيران الفعل السياسي على أخضر ويابس ما في الريف ، إنّهم يا سيدي استجاروا بنيران المُدن من رمضاء الريف وآثروا العيش فيه بالرغم من الأزمات الطاحنة ولسان حالهم يقول أنّ المُعاناة في المدن مهما اشتدت أفضل من حالهم تلك.
لسه بدري على هذه الدعوة ، وللعودة أدوات صدقني لو جئتُم بها لن ينتظر منك مواطن الريف دعوة للعودة إلى منطقته ، ابحثوا عن هذه الأدوات ووفروها له ستجدونهم يتسابقون طواعية للهروب من جحيم ضيق المدينة إلى نعيم الريف الماهل بلا طلب منكم ، أعينوهم فقط بتأسيس البنيات ، وتأهيل المشروعات ، ووفّروا لهم الخدمات ، المُعينة على الحياة ، فلن تحتاجوا بعدها لحثهم على مُفارقة المدينة ، والأماني وحدها لن تُعمِّر الريف يا ريس ولن تُعيد أهله إليه.
والله وحده المُستعان

صحيفة الجريدة

‫2 تعليقات

  1. اكيد دعوة حمدوك للعودة للريف ليست الآن فقط..ولكن عندما تتهياء الظروف المواتية للعودة..الدعوة تشجيع وتطمين انو المشاريع التنموية الكبري سوف تبدأ بالريف هذا ما قصده رئيس الوزراء