عن صنفين من الحمير
زرت قبرص شتاء كي أتمكن من التجول في شواطئها وهي خالية من الكاسيات العاريات، خوفا عليهن من الفتنة، وخوفا على نفسي من ام الجعافر التي كانت بصحبتي، ثم وفي أحد شوارع مدينة نيقوسيا رأيت أتاناً (أنثى الحمار) تجنن، فاقتربت منها والتقطت الصورة المرفقة، فبيني وبين الحمير ود قديم لأنه وبسبب حمار أهداه في خالي محمد (أبيض) لأذهب به الى المدرسة الابتدائية صرت من الطبقة الارستقراطية، وربما عشق الحمير عندي وراثي، فقد كان جدي لأبي يقتني أجمل الحمير في بدين ويقوم بقص شعرها وتزيين سروجها ومات وترك لورثته 12 حمارا، وأرضا لا تصلح حتى لزراعة العُشر، لأنه كان يقايض الحمير التي تعجبه بقطع أراض خصبة
ومقابل الحمير ذوات الأربع فإنني أنفر من الحمير التي تمشي على اثنين، ويحكي الدكتور حامد عمار وهو موجه تربوي مصري كيف أنه دخل ذات مرة حجرة دراسة في مدرسة في ريف المنوفية، حيث الحمار هو الجرار والبي ام دبليو والدراجة والفاكس، ووجد المعلم يخوض في موضوع الحيوانات الأليفة (حسب المقرر) ويقول لتلاميذه ان الحمار له أذنان كبيرتان وذيل طويل ويستخدم في التنقل والزراعة. ثم كتب المعلم ملخصا للدرر التي نطق بها على السبورة، لينقلها التلاميذ في دفاترهم ويحفظوا تلك المعلومات القيمة عن الحمار.. يقول د. عمار إنه تدخل وقال للطلاب: عرفتم “حمار الوزارة” فهل تريدون معرفة المزيد عنه؟ فسأله أحدهم: كم سنة يعيش الحمار؟ وسأله آخر: كيف يكون علاج الجروح والقروح في ظهر الحمار؟ ولم يكن عند د. عمار او المعلم إجابة على السؤالين. والشاهد هو ان أولئك التلاميذ كانوا يعرفون عن الحمار أكثر مما يعرفه جميع وزراء التربية في مصر منذ عهد رمسيس الثاني، ولهذا كانوا يطرحون أسئلة في غاية الأهمية عن الحمار
واحكي لكم عن المزارع الذي أزعجه حمار طفيلي كان يعتدي يوميا على مزرعته ويفتك بمحاصيله، فما كان من المزارع إلا ان قرر التصدي للحمار فوقف بالقرب منه وصاح فيه: اسمع انت يا حمار يا مجهول الأب اخرج من مزرعتي وإلا سيكون لي معك “تصرف آخر”.. ولكن الحمار واصل أكل المزروعات، فما كان من المزارع إلا ان قرر التصعيد في مواجهة الحمار وصمم لافتة ضخمة كتب عليها: أخرج من مزرعتي يا تافه يا طفيلي يا ابن السفاح!! ونصب اللافتة في قلب المزرعة فابتعد الحمار عنه قليلا وواصل الأكل والفتك بالنباتات، بل وإمعانا في استفزاز المزارع نثر محتويات مثانته وأمعاءه في أنحاء مختلفة من المزرعة
شعر أهل القرية أنه من غير اللائق ترك ذلك المزارع يواجه الحمار العنيد الذي اعتبروه متغطرسا بمفرده فتجمعوا وشتموا الحمار شتيمة الأراذل مستخدمين ألفاظا تخدش الحياء وتطعن في شرف الحمار وأسلافه؛ ولكن الحمار ظل يتنقل من حوض نباتات الى آخر مستمتعا بالوجبات الطازجة، فأتى أهل القرية بمجسم يشبه الحمار الطفيلي ووضعوه قرب الحمار وسكبوا على المجسم البنزين وأشعلوا فيه النار، ليفهم الحمار أن الجولة القادمة ستكون حاسمة، ولكن الحمار استمر في أفاعيله ولسان حاله يقول: يا جبل ما يهزك ريح.. فما كان من المزارع إلا ان عمل أن أقام سياجا خشبيا يقسم مزرعته الى نصفين، وصاح في الحمار: أمري لله فقد تركت لك نصف المزرعة تسرح وتمرح فيها، ويا ويلك وظلام ليلك لو جيت ناحية نصف المزرعة الذي يخصني، وفي اليوم التالي فوجئ المزارع بأن الحمار ترك النصف الذي خصصه له بعد تحطيم السياج وأشبع المزروعات في النصف الآخر فتكا؛ فجلس المزارع “يلطم” ويبكي حظه قبالة الحمار: ربنا على المفتري الظالم.. اشمعنى أنا من دون الناس؟ ما لقيت غير مزرعتي هذه؟ والتف حوله أهل القرية يواسونه وفجأة تقدم صبي صغير وانهال على الحمار ضربا بعصا كانت في يده ففر الحمار حتى اختفى عن الأنظار. قال أهل القرية: ما يصير هيك.. هذا الولد السفروت ينجح فيما فشلنا فيه؟ سنصبح أضحوكة بين أهل القرى المجاورة.. وامسكوا بالصبي وأشبعوه ضربا حتى مات ثم قالوا: لا حول ولا قوة إلا بالله.. عالجنا فضيحتنا بجريمة.. ثم تشاوروا وقالوا إن أفضل مخرج من المأزق هو إعلان ان الفتى شهيد، وأقاموا له نصبا تذكاريا، ويحدث هذا عندما تكون السلطة والقوة الباطشة بأيدي حمير تمشي على رجلين.
صحيفة التحرير
انت قاصد منووووو ؟ ما تقول ناس حمضوق عديييل ..ما تخاف قول ساي مافي زول جايب خبر ديل ديوك عدة