رأي ومقالات

حميدتي والتغذية السالبة من أصحاب الأجندة الداخلية والخارجية


الفريق أول محمد حمدان دقلو يقول عنه الذين يعرفونه عن قرب أنه متدين تدينا فطريا وأنه رجل على سجيته فلم يعرف عنه أنه يعاقر الخمر أو انه زير نساء كما هو معروف عن بعض من يقود البلاد الآن ، تصريحاته في إفطار المبادرة الشعبية لحراسة الثورة الرافضة للعلمانية والمعترفة بفشل من زعموا أنهم كفاءات وخبرات عالمية وإعتذاره للشعب السوداني عن توفير أبسط الخدمات مياه الشرب ، هذه التصريحات تشبه حميدتي الإنسان الذي كان يمكن أن يجمع حوله الوطنيين المخلصين للبلاد الراغبين في الحفاظ على هوية شعبها وسيادتها الوطنية ووحدة أراضيها وإستقرارها وأمنها ، لكن المشكلة الكبرى التي تحول دون قيام حميدتي بهذا الدور التصالحي الوطني هي أن حلفاءه الإقليميين وعملاءهم الذين من حوله يغذونه بتقارير كاذبة هذه التغذية تلخصت في الآتي :

1/ أن الإسلاميين هم العدو الأول له وسينتقمون منه وأنهم يعدونه خائنا ، والإسلاميون في فترة حكمهم صالحوا جون قرنق ومناوي والميرغني والسياسة ليس فيها عدو دائم *وهم أكثر الساسة قدرة على إدارة لعبة المصالح بما يحقق مصلحة البلاد وإستقرارها* .

ثانيا : تزعم التقارير التي يتم وضعها بين يدي حميدتي أن الإسلاميين إنتهوا وأنهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة !!، ولقد أثبتت الإفطارات التي نظموها وملحمة تشييع شيخ الزبير رحمه الله تعالى أن تيارا بدأ منذ العام 1946 قبل الإستقلال وهو يعتبر أكبر تنظيم جمع الطبقة المثقفة والمتعلمة وزادته تجربة الحكم خبرة وحنكة ومقدرات على المناورة والعمل لا يمكن لتيار بهذا السجل الحركي والسياسي والنضالي الطويل أن تبخره هتافات صبية ( أي كوز ندوسو دوس) لا يستطيعون تنفيذها في شارع حيهم السكني دعك من السودان كله . وعندما قرأ حميدتي أسماء قيادات شرق دارفور الذين تبرعوا لإفطار التيار الإسلامي بالضعين قال ( *القيادات دي كلها مع الناس ديل أنتو ما قلتو خلوا المؤتمر الوطني* ) والحقيقة التي قالها أحد قادة قحت لدكتور الجزولي _فك الله أسره_ أن الإنتخابات إذا قامت سيفوز بها الإسلاميون *فالإسلاميون هم الرهان الرابح بشهادة العدو قبل الصديق !!*

3/ الكذبة الكبرى التي يتم وضعها أمام حميدتي والتي يدفع بها حلفاؤه الإقليميون وعملاؤهم الداخليون هي أن المجتمع الدولي لن يتعامل مع الإسلاميين ، علما بأن اتفاقيات قوات الدعم السريع مع الإتحاد الاوربي لمكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر أبرمها حميدتي في ظل حكومة الإسلاميين ، والزعم أن وجود الإسلاميين في الحكم هو سبب تدهور الإقتصاد والتضييق على السودان !!، يبقى السؤال *حكومة حمدوك التي يحبها المجتمع الدولي ووعد بدعمها ماذا استفاد الشعب منها في ماء شربه ودواء مريضه وكسوة عاريه وطعمة جائعه وأمن خائفه ؟!* وحميدتي عاش الوضعين معا ويعلم أيهما كان أفضل للشعب ، ثم إن الحقيقة التي لا تفوت على حميدتي أن المجتمع الدولي يبحث عن مصالحه فهو يصالح اليوم حركة طالبان ويعترف بمشاركتها في السلطة ، طالبان التي تحرك من أراضيها من فجر برجي التجارة العالمية في نيويورك ، والحكمة تقول أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما ، والحقيقة التي ستصطدم بها حكومة الناشطين أن قوى إقليمية ودولية حريصة على أمن المنطقة وإستقرارها بدأت تصرح أنها في الماضي كانت تتعامل مع رجال دولة لكنها الآن تتعامل مع نشطاء ومراهقين .

*حميدتي يفوت على نفسه فرصا ثمينة في قيادة مبادرات تصالحية جادة تخرج البلاد من عنق الزجاجة وحالة الإحتقان إن بقي حبيس هذه التغذية السالبة ولم يتحرر منها والتصريحات الإيجابية إن لم يعقبها عمل جاد تفقد الشعب الثقة في قائلها.*

نقلا عن صفحة د.محمد علي الجزولي