عبد اللطيف البوني

تسقط بس.. تاااااني؟


(1 )
يبقى الحديث عن الأزمة الاقتصادية التي تمددت في كل الاتجاهات مكرورا لا جديد فيه، كذلك الحديث عن المعالجات السيئة التي تقوم بها الحكومة الانتقالية لهذه الأزمة مكرورا لا جديد فيه، والحديث عن الصدمة العنيفة التي حدثت جراء تطبيق الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود مكرورا ولا جديد فيه، عليه ينبغي ان يكون السؤال المطروح ما العمل، وكيف المخرج من هذه الورطة؟ للأسف الشديد الأصوات العالية السائدة الآن تطرح حلا واحدا وهو أن تذهب هذه الحكومة. فلنفرض ان هذه الحكومة ذهبت جراء هبة شعبية او من تلقاء نفسها أو حبكت مع حمدوك فقدم استقالته وذهب الى الخطوط الاثيوبية وحجز في اول طائرة متجهة الى اثيوبيا ورجع الى وظيفته القديمة، فهل سوف تنتهي الأزمة الاقتصادية؟ ثمة سؤال فرعي ولكنه هام وهو هل هناك ضمان بان تتشكل حكومة جديدة لتعمل على الخروج من الأزمة الاقتصادية؟
(2 )
لدينا خلط مريع في تكييف وتعريف الأزمة التي نعيشها الآن هل هي أزمة اقتصادية؟ أم سياسية؟ ام هجين بينهما؟ للأسف الشديد الأحزاب وان شئت قل محترفو السياسة والمتفرغون لها بعبارة ثالثة الذين يأكلون منها عيشا ويستمدون منها مكانتهم الاجتماعية ووجاهتهم يصرون الى قيادتنا باتجاه السياسة دوما فيصورون الأزمة بانها سياسية ، فالذين في المعارضة يقولون العلة في الحاكمين وبذهابهم سوف تنتهي الأزمة ويعم الرخاء ويسود السلام، اما الحاكمون سوف يصرون على الأزمة سببها المعارضة وماتقوم به من أعمال تخريبية وعمالتها للخارج حيث الأعداء المتربصين بالوطن فالحل في القضاء على هذه المعارضة فتسخر آليات للدولة لتلك المهمة وهكذا يطغى البند السياسي فيتحول كل الشعب الي سياسيين منتظرين البيان الأول في أزمنة الأنظمة الديمقراطية او انتظار الهبة الشعبية في حالة الأنظمة العسكرية.
(3 )
هكذا تمكنت فينا الدائرة الخبيثة المرزولة (الفيشيس سيركل) حكم ديمقراطي يليه عسكري ثم هبة شعبية فحكم انتقالي ثم ديمقراطي ثم عسكري ثم هبة فانتقالي ثم ديمقراطي وهكذا تدور الدائرة ومع كل تغيير تزداد الأحوال الاقتصادية سوءا هذا إذا سلمت الجرة اذ بات من المحتمل الآن ان يحدث خيار آخر يخشاه الجميع وهو ان تنفرط حبات عقد البلاد فتلحق أمات طه وما أكثر الحالات التي لحقت فيها بلاد أقوى منا وأكثر تماسكا منا أمات طه عليه اننا في حاجة للتفكير الجاد العميق في قطع هذه الدائرة لتمضي الأمور في خط مستقيم، فالذين ينادون الآن بإسقاط هذه الحكومة لم يخرجوا عن صندوق الأزمة السودانية عليه ينبغي التفكير في اجتراح حلول أخرى بعيدا عن الدائرة المرزولة.
(4 )
الأزمة ازمة اقتصادية عليه ينبغي ان نحصر همنا في الخروج من هذا المأزق الاقتصادي وبعد ان نجمع على برنامج اقتصادي نأتي بالشخوص الذين نعهد اليهم بتنفيذ ذلك البرنامج لتكون السياسة تابعة للاقتصاد وليس العكس، فطالما ان السياسة الاقتصادية الماثلة مرفوضة وليس فيها المخرج فليستمر الرفض لها ولكن يجب عدم التسرع باللجوء للحلول السياسية فشعار إسقاط هذه الحكومة دون التفكير في عواقب ذلك اي تسقط بس فلن يكون سليما هذه المرة، فالسؤال اذا سقطت او أسقطته اليوم فمن هو البديل وما هو الحل الذي يملكه؟ خلونا هذه المرة نبدأ بالحل ثم بعد ذلك نصوغ الشكل السياسي الذي يطبقه وليس في عمر البلاد متسع للبداية من الصفر. ونواصل غدا ان شاء الله.

صحيفة السوداني


تعليق واحد

  1. الحل بسيط وفى يد القوى السياسية وهى ان تتحاور فى ما بنيها وتخرج برؤية واضحة لحكم البلاد خصوصا انها متفق جميعا يسارها ويمينها ان الحل للازمة الاقتصادية لا يكون من خارج الوطن عبر البنك الدولى وكل الاحزاب السودانية ترى فى البنك الدولى المعطل والمعيق للتنمية فى السودان بإعتبارها بانه مؤسسة مشبوه تسعى لإفقار الدول بوضع خطط وبرامج للدول تسير عليها حتى يمنحها التمويل والقروض التى تطلبها فالتعويل على البنك الدولى مضر ويقود البلاد إلى مزيد من الأزمات وقد رأينا بأم عيننا سياسته من تحرير للسلع ومن خصخصة ومن تحرير للأسعار ورفع الدعم الحكومة كامل وتعويم العملة و لازالت مطالبه كثيرة وهذه كله من إجل إقراضنا إثنين مليار ونص فى شكل مشاريع وليس تغذية مباشرة لخزينة الدولة بالتالى لن تظهر نتائجها إلا بعد فترة طويلة وقد تفشل تلك المشروعات كما ان المشروعات التى تمولها تحتاج لأموال مثلها حتى تقوم تلك المشاريع ومحتاجة الى دولة مستقرة سياسيا ، لقد تعب الشعب السودانى من تبدل وتغير الأنطمة وآن له الان ان تتوافق كل الوان الطيف السياسي على برنامج وطنى جامع لهم كلهم و حصر نشاط الاحزاب فى أطر ضيقة بحيث لا تتأثر بها الخدمة المدنية ولا الوظائف الدستورية المهنية كالوزراء ووكلاء الوزرات والمدراء العاميين والولاة فكل من يتم اختياره وزيرا كان او خلافه فعليه ان يخلع رداء حزبه ويلبس ثوب الوطن ليخدم الوطن كله ولا يكون المنصب من اجل منفعة وخدمة وتمكين حزبه اى ان يكون هناك تفريق بين المنصب والحزب ولا يتم ربطها معا و حتى يتم ذلك يتم تكوين مجلس أستشارى العلماء فى مجال الاقتصاد والقانون والثقافة والفنون والرياضة و الاستثمار والهندسة والطب والصيدلة ولك التخصصات تضع برامج التنمية وتحدد برنامج لكل وزارة ويعلن سنوى مثل الميزانية تماما و يحاسب الوزير على اى تقصير او حيدة او إنحراف عن البرنامج البرلمان التشريعى و توضع لوائح عقابية لكل وزارة لم تتقيد ببرنامجها كما يكون المجلس الاستشارى بمراقبة جودة وكفاءة تنفيذ البرنامج و تعديله وفق المستجدات التى تتطرأ فى البلاد ، مثلا وزارة الزراعة يوضع لها برنامج للزراعة المروية والمطرية والانتاج الحيوانى وتطويرها وكذلك فى الصناعة وفى التجارة وتوضع السياسات العليا للدولة دون تدخل السياسيين وعلى السياسيين التقييد بالبرامج الموضوعة دون حيدة.