عبد اللطيف البوني

عبد اللطيف البوني يكتب: لو فعلتها الحكومة


(1 )
القراءة المنصفة تقول ان سياسة التحرير الاقتصادي متمثلة في تعويم الجنيه و رفع الدعم عن الوقود بدأت تأتي أكلها رغم قسوة وقعها على المواطن، فبعيدا عن التجريد ومن الواقع فقد كان سعر برميل الجازولين في السوق الأسود قبل الرفع الكامل للدعم ما بين 75 الى 80 الف جنيه الآن بعد الوفرة التي أحدثها رفع الدعم نزل الى 68 الف جنيه وقد يصل في الولايات الى 70 وكان الأسوأ وجود سعرين للجازولين اذ كان سعر جازولين الزراعة والمواصلات العامة أقل من السعر العام والذي هو ايضا مدعوم فما كان من الذين يأخذون الوقود باسم الزراعة والمواصلات الاتجاه للبيع في السوق الأسود، فالفائدة التي يجدونها مهما كانت تريحهم من أعمال الزراعة الشاقة وتشغيل المركبات فقلت الزراعة وتأزمت المواصلات، فبعد الوفرة لم يعد أمام هؤلاء إلا الاتجاه الى الزراعة رغم ارتفاع أسعار بقية المدخلات، كما تكدست الحافلات والبصات في المواقف، وفائدة جانبية اخرى وهي قلة الزحمة في الشوارع إذ كانت زحمة في الفاضي وهذا بدوره ادى الى تقليل الاستهلاك والاسبيرات اللهم إلا استهلاك الحكومة.
(2 )
تحولت الأزمة في المواصلات من الندرة والارتفاع في الأسعار الى ارتفاع الأسعار فقط وتحولت ازمة الزراعة كذلك من عدم وجود الوقود وارتفاع سعره الى ارتفاع سعره فقط وهذه خطوة الى الأمام ولكن الأهم من ذلك ان التضخم مازال يتحرك الى الأمام بقوة فلم يحدث اي تراجع لأن قيمة الجنيه الرسمية مازالت منخفضة نتيجة التعويم، فقبضة تجار العملة مازالت قوية وأداء الجهاز المصرفي ما زال ضعيفا فلم يعد أمام الدولة الا مجاراة السوق مع شوية تدابير أمنية محدودة ،ومع ذلك حدث استقرار في سعر العملة لا بل حدث شيء من التراجع المحدود في قيمة الدولار، وبالمقابل شوية تحسن في قيمة الجنيه السوداني ولكنه تحسن حذر لم يخرجه من غرفة العناية المكثفة مع قابلية عالية للانتكاسة، ومع ذلك لايمكن إلا ان نصف سياسة التعويم أنها كانت خيارا صفريا .
(3 )
والحال هكذا في تقديرنا انه أمام الحكومة الآن مع الاستقرار النسبي في قيمة الجنيه والوفرة في الوقود مع ارتفاع حصائل الصادر النسبي، ان تقوم بخطوة يمكن ان تفتح بها شرخا في جدار التضخم ، وهي تخفيض محدود جدا في أسعار الوقود وسوف يساعدها في ذلك انخفاض السعر العالمي للبترول مع شوية منح أو حتى (جرورة) لو في طريقة . خطوة مثل هذه سوف يكون لها أثر معنوي كبير جدا يسهم إسهاما كبيرا في إعادة الثقة للمواطن وتجعله يشعر بان سياسة التحرير الاقتصادي كانت هي الخيار الوحيد المتاح والأهم بانها سوف تكون بداية لتراجع الأسعار في كل السلع والخدمات، فالمتفق عليه أن اي زيادة في أسعار الوقود سوف ترفع كافة الأسعار فاذا بدأ الانخفاض في أسعاره هذا يعني بالضرورة انه سيكون بداية لنزول كافة الأسعار . المعلوم ان التوقعات والنفسيات لها دور كبير في اي حركة اقتصادية ، فلو قرأت الحكومة هذه اللحظة قراءة متفحصة ودقيقة، ستقوم بهذه الخطوة التي اقترحناها حتى ولو جاءت على نفسها بتخفيض بعض إنفاقها او إيقاف بعض بنود الصرف القابلة للإيقاف فغول التضخم هذا يجب أن يعاق بأي ثمن وبأي طريقة لانه لو استمر على هذا المنوال سوف يوقف الحياة في البلاد او يشقلبها رأسا على عقب ، حوالينا ما علينا.

صحيفة السوداني


تعليق واحد

  1. كلامك في محله يا ود البوني
    بس ( جروره ) دي خليها بعيد بس ربط حزام الحكومه
    ممكن يشيلوا صفرين او صفر من العمله واحسن تغيير العمله
    انا ما عارف خايفين ليه من تغيير العمله ولو متأخرًا جدأ جدًا
    بعد ما وقع الفأس