عبد اللطيف البوني

عبد اللطيف البوني يكتب .. صب المطر

(1 )
دعونا نرجع لوراء شوية ونشوف السنوات التي كان فيها المطر شحيحا في السودان وما اكثرها خليك من سنة ستة بتاعت الخليفة عبد الله ولنقفز لعام 1974 مثلا تلك السنة التي مات فيها الناس بالجملة ونفقت حيواناتهم . ويكفي انها سميت (سنة عيش ريقان ) لان الرئيس الامريكي يومها دولاند ريقان هب لاغاثة اهل السودان بالذرة . في 1984 ايضا حدثت مجاعة اذ خرج الناس من غرب السودان الي وسطه وشماله زرافات ووحدانا تاركين مساكنهم وانعامهم ليعيشوا في اطراف المدن والقرى . فشح المطر يعني الموت بالنسبة لاهل السودان والمعروف في كل دول العالم ان تذبذب هطول الأمطار امر طبيعي ولكن الدول المدبرة تعرف كيف تحتاط لهذا الامر الطبيعي لابل بعضهم خطط لمقابلة جفاف متوال ولعدة سنوات . وتفعل الدول هذا بعدة سبل منها التخزين الطويل الامد كالسد العالي الذي هو اصلا لمجابهة سنوات الجدب في اثيوبيا وبعض الدول تكثف الانتاج في سنوات هطول الامطار ليكون لديها مخزون استراتيجي ولعدة اعوام اللهم الا نحن في السودان فشغالين رزق السنة بالسنة
(2 )
ليت امر المطر توقف عند الذي ذكرناه اعلاه فكما ذكرنا بالامس اننا اصبحنا نعيش مخاطر حقيقية جراء هطول الامطار المتلاحقة فأصبح فصل الخريف بالنسبة لكثير من مناطق السودان فصل الكوارث والازمات لاننا اقمنا المساكن والزروع في مجاري السيول ومصارف المياه والارض التي يفيض فيها النيل علما بان هذه الاراضي كنز زراعي لامثيل له فاذا انحسر النيل وروافده عن ارض بعد غمرها او جفت ارض بعد مرور السيل فوقها تصبح صالحة للزراعة موسمت كاملا دون حاجة لنقطة ماء إضافية او مخصبات او مبيدات اما اذا اقمنا عليها مشاريع حصاد مياه فيمكن ان يكون فيها موسمان زراعيان شوفوا قلة الحيلة حولت هذه النعمة إلى نقمة كيف ؟
(3 )
كل الصحف السودانية التي صدرت في الخرطوم يوم السبت الماضي كان عنوانها الرئيسي لايخلو من كلمتي الامطار و(تضرب) اشارة لامطار الجمعة الغزيرة التي هطلت في كثير من انحاء السودان بدلا من كلمة ( تهطل ) وهي فعلا ضربت لانها غمرت الشوارع لعدم وجود المصارف فتعطلت الحركة ولم يخرج احد للعمل وقطعت الكهرباء لان الكهرباء كلها اعمدة هوائية وليست كابيلات كما هو الحال في كل مدن الدنيا فانعدم الخبز وتوقفت الحياة جزئيا ولم تصل درجة ما حدث 1988 حيث تزامن هطول الامطار الغزيرة مع الفيضان فتلاقت مياه الفيضان بماء المطر كالمصارعين اللذين تملك كل واحد من الآخر فثبتا متلاحمين ومتقابلين في منظر مخيف لقد كانت اضرار امطار 1988 مثل اضرار عدمها في 1974 و1984 تماما (الليل والنهار واحد على العميان واللوم والشكر واحد على السجمان)
(4 )
اذن ياجماعة الخير نحن محتاجين لما يخرجنا من عمانا عن نعمة الامطار . اننا في حاجة لمشروع قومي شعارة نعمة الامطار يجب ان الا تتحول الي نقمة وهو يعني الاستغلال الجيد لمياه الامطار حتى لاتصبح عابر سبيل مؤذيا انه مشروع يدعو الي ثورة في مجال الزرع والضرع ثورة تجعل الزراعة بشقيها هدفا نبيلا يبذل من اجله الغالي والنفيس فاذا ما انتعشت الزراعة وما يتبعها من تجارة وصناعة تحويلية فان بلادنا ستكون عبرت وانتصرت فهيا لاستغلال كل نقطة ماء من الخيران وكل المسائل المائية الي ماء السبلوقة بتعوفوا السبلوقة ؟

صحيفة السوداني

تعليق واحد

  1. انا اقرأ للبونى منذ اكثر من ثلاثين عام
    واحب كتابته وكنت اظن انوهنالك خطأ مطبعى عند ما ذكر سنة ١٩٧٤ بدلأ عن ١٩٨٤ ولكن عندما تكررت المسالة وحب التصحيح
    كانت المجاعة فى السودان وعموم القرن الافريقى فى العام ١٩٨٤ وكان عيش ريغان وقد حكم اكريكا من ١٩٨١ حتى ١٩٨٨ خلفا لكارتر وسلفا لبوش الاب وقد غنى له السودانيون :
    ريقان الحنين
    جاب لينا عيش تموين
    كلو الموظفين
    وسمونا نازحين
    وقال اخر
    ريقان انا سميتو كارب زندو
    واتهولت فى الزيت والدقيق العندو
    العتالة ديلا يرفعو وديلا يسندو
    القسامى يقسم والدهن هيلندو
    وشذ ثالث وهجاه
    لبنك مو من خلفة
    وعيشك مو من قرفة
    ولعلك ماك ود غلفة
    ومناصرة للبونى اذكر ان جاءنا بكسلا وفد الاذاعة القومية بعد فيضان ٢٠٠٣
    المدمر ان قال احد المذيعون عن القاش (النهر المجنون) وقمت بالتصحيح بانه
    (النهر الحنون)او (النهر الممنون)
    ذلك ان حضارة كسلا قامت عليه وفى مدخل المدينة لافتة تقول (كسلا هبة القاش) على طريقة هيرودوت (مصر هبة النيل ) ولكنى اقول كسلا بنت القاش لان الجميع هبة الله
    مع تحياتى وتقديري للبونى