رأي ومقالات

بستان الحلنقي ..!!


لقاء مع الفلاتية:

التقيت ذات يوم شتائي بالفنانة عائشة الفلاتية الفنانة التي تحدت مجتمعاً بكامله كان يعتبر أن غناء المرأة من المحرمات حيث ذهبت بكامل إرادتها إلى مايكرفون الاذاعة السودانية فانساب صوتها الذهبي من خلال الأثير كأنه أجنحة من ضوء مسموع، تأملتها أمامي وجهاً مرهفاً يبحث عن اشراقة يفتقدها فقلت لنفسي هكذا نحن دائماً نسعى للوردة وهي في عز ربيعها ثم نتنكر لها بمجرد ان يرحل عنها العبير حين ارتحلت أم كلثوم ظلت الأعلام منكسة في كل بيت مصري ورحلت الفلاتية ونحن نستكثر عليها مجرد حفل تأبين تكريماً لأيامها.

صوت العاقب:

* كنت أحبه كصديق لا أمل الجلوس إليه ساعات طويلة ولكنه ذات يوم ونحن نتحدث عن أصوات لعدد من المطربين وعن مدى تأثيرهم على مشاعر المواطن السوداني، توقف الصديق عند صوت الفنان العاقب محمد الحسن مؤكداً انه صوت هامس لا يطرب فأصابني في مقتل وقبل ان أودعه قلت له إن الانسان الذي لا يطرب لصوت العاقب ليس إنساناً إنما هو مجرد صخرة باردة الأحاسيس ومن يومها انتهت علاقتي بهذا الشخص بل أحسست أن مجرد نظرتي إليه تعد حراماً على عيني، ليته يعلم أن دموعي لم تزل تبكيه حتى هذه اللحظة ويعلم أيضاً أن سنواتي الطويلة من الاغتراب لم تتمكن من الاستيلاء على دمعة مني ولكن العاقب كاد أن يأخذ روحي وهو يغادر.

عبدالله عربي:

*كلما تأملت العازف الكبير محمد عبد الله عربي جالساً على مقعد من الذكريات في ركن قصي من اتحاد الفنانين أحسست بآهة تتصدر أنفاسي، فأمثاله من عظماء العازفين حرام علينا ألا نؤمِّن لهم ولاسرهم داراً تظلله المحبة يمنع عنهم رياح أيام اعلنت تمردها على المبدعين وسعت إلى تمجيد الرمال بدلاً من الانحناءة للآلئ والإذاعات العربية كلها تعمل على احتضان المبدعين من أهلها تؤمن لهم حياة خالية من الجراح وهم يتوكأون على عظام واهنة وعيون عليها عتمة السنين وذلك جزاء ما قدموه من إبداع هل تعلمون أن الإذاعة السودانية استغنت عن تغريد مجموعة من العصافير باعتبار انها بلغت سن المعاش هل سمعتم أن حديقة تطرد عصافيرها بمجرد أن أجنحتها لم تعد تقوى على الطيران.

ذئب بشري:

* أن تصدر محكمة سودانية حكماً مخففاً على ذئب بشري اغتصب طفلاً فإن ذلك قد يدفع بقية الذئاب من مصاصي دماء البراءة من ارتكاب هذا الفعل مرة أخرى باعتبار ان من يرتكبه سيتعرض الى أشهر من السجن يعود بعدها الى الاختلاء بطفل آخر وبذلك تتوالى مسرحية القتل للأبرياء ولا عزاء للأطفال، أذكر أن الرئيس الاثيوبى “منقستو هيلا مريام” أمر بوضع رأس خباز من أقربائه داخل فرن ملتهب بمجرد انه باع للشعب الاثيوبى خبزاً ناقص الوزن، ونحن هنا علينا ألا نتساهل مع ذئاب تلتهم لحم أطفالنا بل علينا أن نعمل على رجمهم وهم أحياء على طريق عام.

أولاد المبدعين:

* لم يكتب ابن أمير الشعراء “أحمد شوقى” إلا قصيدة واحدة وقد كان والده العظيم يضحك هازئاً حين يستمع إليها منسوبة باسمه من خلال أثير إذاعة القاهرة، كذلك ابن المؤلف توفيق الحكيم اتجه بعد فشله في الكتابة الى تعلم العزف على الجيتار فكان عازفاً رديئاً مما جعل والده يعيش حالة من الهلع حين يبدأ ابنه في العزف، عدد ليس بالقليل من أبناء الشعراء والفنانين يتصورون أنهم يمكن أن يكونوا مبدعين مثل آبائهم وهم لا يعلمون ان عملية الابداع لا تتدخل ضمن دائرة الإرث الدنيوي لمنزل او قطعة أرض، على هؤلاء أن يعلموا أنها موهبة من السماء اختص الله بها عدداً من عباده العاملين في مجال الإبداع.

صحيفة الصحة